الحدث الأصغر أثناء الغُسل 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 15604


ــ[19]ــ

   [ 691 ] مسألة 8 : إذا أحدث بالأصغر في أثناء غسل الجنابة (1) الأقوى عدم بطلانه ((1)) ، نعم يجب عليه الوضوء بعده ، لكن الأحوط إعادة الغسل بعد إتمامه والوضوء بعده ، أو الإستئناف والوضوء بعده

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وغير المتمكِّن منه ممّا لم يقم عليه دليل ، ولم يرد في رواية ولو ضعيفة ، فالمطلقات الآمرة بالغسل عند ترك البول قبل الإغتسال محكّمة .

   وأمّا ما في صحيحة البزنطي «وتبول إن قدرت على البول» (2) فلا دلالة له على التفصيل بين المتمكن من البول وغيره ، وذلك لأ نّها إنما تنهض حجّة على القول بإشتراط الغسل بالبول قبله ، حيث تدل على صحّة الغسل ولو من غير بول ، وإلاّ لم يكن وجه لصحّته ممّن لا يقدر على البول .

   وأمّا إذا قلنا بعدم الإشتراط وأنّ البول قبل الغسل فائدته عدم وجوب الغسل بعد خروج الرّطوبة المشتبهة فمن أين يستفاد منها أ نّه إن لم يتمكن من البول لم يجب عليه الغسل ، وإن كان متمكناً وجب ؟

   فالصحيح أن يقال إنّ الصّحيحة إنّما وردت للدلالة على استحباب البول قبل الغسل في نفسه ، وأ نّه إذا بال لم يجب عليه الغسل على تقدير خروج البلل المشتبه بعده ، فالتفصيل بين صورتي التمكّن وعدمه ممّا لا دليل عليه .

    الإحداث بالأصغر في أثناء الغسل

   (1) كما إذا اغتسل ترتيباً أو قلنا بمشروعيّة الغسل الإرتماسي متدرجاً كما بنى عليه الماتن(3) (قدس سره) ، وفي المسألة أقوال :

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل الظاهر بطلانه ووجوب استئنافه وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه ، نعم إذا أعاد الغسل ارتماساً كان الاحتياط ضعيفاً جدّاً .

(2) الوسائل 2 : 247 /  أبواب الجنابة ب 34 ح 3 .

(3) في المسألة [ 665 ] .

ــ[20]ــ

   الأوّل : عدم بطلان الغسل بذلك ، بل يتمّه ويضمّ إليه الوضوء في أثنائه أو بعده ذهب إلى ذلك جماعة منهم المحقّق(1) (قدس سره) ، واختاره في المتن .

   الثّاني : عدم بطلانه وإتمام الغسل من غير وجوب الوضوء معه ، وهذا القول أيضاً اختاره جماعة منهم المحقّق الثّاني(2) (قدس سره) .

   الثّالث : بطلان الغسل بالحدث في الأثناء ووجوب إستئنافه من غير حاجة إلى ضمّ الوضوء
إليه ، ذهب إليه الشيخ(3) والصّدوق(4) والعلاّمة(5) والشّهيد(6) (قدس سرهم)، ونسبه بعضهم إلى المشهور (7) .

   أمّا القول الأوّل فالوجه فيه أنّ الحدث في أثناء الغسل لم يدل دليل على كونه ناقضاً للغسل في الأجزاء السابقة منه ، فإنّ الأخبار الواردة في كيفيّة الغسل (8) مع ورودها في مقام البيان ساكتة من بيان إعتبار عدم حدوث الحدث في أثنائه .

   ودعوى أنّ الحدث ـ كالبول ـ بعد الغسل يبطل الغسل السابق ، فكيف لا يبطله فيما إذا وقع في أثنائه ، غير مسموعة لأنّ البول بعد الغسل لا يبطل الغسل ، وإنّما يمنع عن الدّخول في الصّلاة معه ، إلاّ أ نّه وقع صحيحاً والجنابة قد إرتفعت به ، فلا يبطل به الغسل في الأجزاء السابقة منه ، ومع صحّتها يضمّ إليه غسل الأعضاء الباقية ، فهو غسل صحيح إلاّ أ نّه يجب عليه الوضوء حينئذ للمطلقات الدالّة على أنّ الحدث سبب للوضوء وناقض للطّهارة ، وذلك في مثل قوله إن بلت فتوضّأ ، وإن نمت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 1 : 32 / الفصل الأوّل في الجنابة ، المعتبر 1 : 196 / أحكام الجنب .

(2) رسائل المحقّق الكركي 1 : 90 / الفصل الرّابع : الغسل .

(3) النّهاية : 22 ، المبسوط 1 : 30 .

(4) الفقيه 1 : 49 / آخر باب صفة غسل الجنابة ، الهداية : 21 .

(5) منتهى المطلب 2 : 254 ، نهاية الإحكام 1 : 114 / في لواحق الغسل، تذكرة الفقهاء 1 : 246.

(6) غاية المراد 1 : 43 / المقصد الأوّل في الجنابة .

(7) نسبه إلى المشهور ، الوحيد في حاشية المدارك على ما نقله في المستمسك 3 : 127 .

(8) الوسائل 2 : 229 / أبواب الجنابة ب 26 .

 
 

ــ[21]ــ

فتوضأ (1) ، وإنّما خرجنا عنها في مورد واحد وهو الحدث قبل غسل الجنابة ، لأ نّه ممّا علمنا بعدم كونه سبباً للوضوء ، فإنّ غسل الجنابة ليس معه وضوء ، بمعنى أنّ ما ورد من أنّ غسل الجنابة ليس قبله ولا بعده وضوء(2) مختص بما إذا وقع الحدث قبل تمام الغسل لا قبل إتمامه أي في الأثناء ، وقد قدّمنا أنّ الأوامر الواردة في الوضوء ليست أوامر مولويّة ، وإنّما هي أوامر إرشاديّة إلى شرطيّة الوضوء للصلاة ، فمقتضى المطلقات أنّ الحدث مطلقاً يجب معه الوضوء ، أي أنّ الوضوء شرط للصـلاة سواء تحقّق الحدث قبل الغسل أم في أثنائه أم بعده . نعم خرجنا عن ذلك في الحدث قبـل الغسل إذ لا يشترط معه الوضوء في الصّلاة ، للأدلّة الدالّة على أنّ غسل الجنابة ليس قبله ولا بعده وضوء ، ومع كون الأوامر إرشاديّة لا يأتي فيها بحث التداخل بوجه .

   وأمّا القول الثّاني فهو مشترك الوجه مع القول السّابق في الحكم بصحّة الغسل ، إذ لم يقم دليل على بطلان الغسل في الأعضاء السابقة بالحدث ، وإنّما يمتاز عنه في عدم إيجابه الوضوء معه ، ووجهه أنّ المطلقات الدالّة على أنّ البول أو غيره سبب للوضوء غير تامّة عند هذا القائل ، لتقييدها بما ورد من أن غسل الجنابة ليس قبله ولا بعده وضوء ، فإذا حكمنا بصحّة الغسل فهو غسل جنابة ليس معه وضوء صدر الحدث قبله أم في أثنائه .

   وأمّا القول الثّالث فمدركه أنّ حدوث الحدث في أثناء الغسل يبطله ويجعله كالعدم ومعه لا مناص من إستئنافه من غير حاجة إلى ضمّ الوضوء إليه ، وهذا القول الأخير هو الأقوى .

   والوجه فيه قوله سبحانه ( ... إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوْا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ ... وَإِنْ كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوْا ... )(3) حيث دلّ على أنّ المكلّف الّذي قام إلى الصّلاة من النّوم أو من مطلق الحدث على قسمين جنب وغير جنب ، ووظيفة الجنب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 245 ـ 256 / أبواب نواقض الوضوء ب 1 ، 2 ، 3 .

(2) الوسائل 2 : 246 / أبواب الجنابة ب 34 .

(3) المائدة 5 : 6 .

ــ[22]ــ

الإغتسال ووظيفة غير الجنب الوضوء ، وحيث إنّ المكلّف في مفروض المسألة جنب ـ  لعدم تمام غسله ومن هنا لا يسوغ له المحرمات في حقّ الجنب  ـ وقد قام من الحدث فوظيفته الغسل، ولا مناص له من أن يشرع فيه من الابتداء، لأنّ ظاهر الأمر بالغسل إيجاده بتمامه لا إتمامه ، وهذا معنى كون الحدث ناقضاً للغسل في الأعضاء السابقة، ومعه لا يجب عليه الوضوء أيضاً ، لأ نّه وظيفة غير الجنب ووظيفة الجنب الإغتسال .

   نعم ، الأحوط أن يأتي بالغسل في الأعضاء السابقة رجاءً لا بقصد الإتمام أو التمام لاحتمال عدم كون الحدث في أثناء الغسل مبطلاً له في الأعضاء المتقدّمة ، ويضمّ إليه الوضوء أيضاً بداعي إحتمال إختصاص كفاية الغسل عن الوضوء بما إذا وقع الحدث قبل تمامه لا قبل إتمامه ، وبهذا يجمع بين جميع المحتملات ، إلاّ أ نّه يختص بما إذا إستأنف غسله الترتيبي بالغسل الترتيبي .

   وأمّا إذا إستأنف الترتيبي بالإرتماسي فإحتمال صحّة الغسل في الأعضاء السابقة كإحتمال الحاجة إلى الوضوء يضعف غايته ، وذلك لأنّ إحتمال صحّة الغسل في الأعضاء السابقة إنما هو فيما إذا أتى بالأجزاء الباقية وضمّها إليها ، وأمّا إذا رفع يده عن تلك الأجزاء المتقدّمة والشارع أيضاً رخص له في ترك إتمامه غسله الترتيبي فلا يحتمل صحّته ، لأ نّه مركب إرتباطي ، ومع عدم ضمّ الأجزاء الباقية إلى سابقتها يبطل لا محالة ، والمفروض أنّ الشّارع رخّص له في رفع اليد عمّا أتى به ترتيباً حتّى مع القطع بصحّته فضلاً عما إذا شكّ فيها ، لجواز العدول من الترتيبي إلى الإرتماسي ، بمعنى أنّ التخيير بينهما ليس تخييراً بدوياً بل إستمراري ، وله أن يرفع يده عن غسله الترتيبي ويرتمس في الماء ، وبه نقطع بفساد الغسل في الأجزاء المتقدّمة ، ويكون ما عدل به من الغسل الإرتماسي مأموراً به قطعاً ، ويأتي به بنيّة التمام ، ولا حاجة معه إلى نيّة الرّجاء في الأعضاء السابقة ، كما لا يحتاج إلى ضمّ الوضوء إليه ، لصحّة غسله الإرتماسـي ومعه لا يحتاج إلى الوضوء ، إذ لم يقع الحدث في أثنائه ، والأجزاء المأتي بها سابقاً بطل فيها الغسل على الفرض .

ــ[23]ــ

وكذا إذا أحدث في سائر الأغسال ((1)) (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   الإحداث بالأصغر بين بقيّة الأغسال

   (1) كغسل الحيض ومسّ الميت وغيرهما ، وتوضيح الكلام في هذه المسألة أنّ فيها بحثين تختلف النتيجة باختلافهما .

   أحدهما : أنّ المكلّف إذا كان متطهراً فمس الميت مثلاً أو حدث عليه غيره من أسباب الأحداث الكبيرة ، فهل يكون مس الميت أو غيره من الأحداث الكبيرة ناقضاً لطهارته كما في البول والرّيح والمني ، أو لا تكون ناقضة لطهارته ؟

   ثانيهما : أنّ المكلّف إذا كان محدثاً فأحدث بغير الجنابة من الأحداث الكبيرة ، فهل يكون الاغتسال منها مغنياً عن الوضوء أو لا يكون ، بل لا بدّ معها من أن يتوضأ بعد الغسل أو قبله ؟

   أمّا البحث الأوّل فقد تقدّم الكلام فيه في بحث الوضوء (2) وقلنا إنّ مقتضى حصر النواقض بما تخرج من الطرفين والنوم أعني الرّيح والغائط والبول والمني عدم إنتقاض الطّهارة بالأحداث الكبيرة في غير الإسـتحاضة المتوسطة لما يأتي من أ نّها ناقضة للطهارة كالجنابة (3) .

   وأمّا البحث الثّاني فالصحيح فيه أنّ كلّ غسل وجوبي أو إستحبابي يغني عن الوضوء إذ أيّ وضوء أنقى من الغسل غير غسل الإستحاضة المتوسطة ، وتفصيل الكلام في ذلك يأتي بعد التكلّم في الأغسال إن شاء الله تعالى (4) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يبعد جواز رفع اليد عمّا بيده والإتيان بغسل ارتماسي ، وسيأتي أ نّه يكفي عن الوضوء في غير غسل الاستحاضة المتوسطة .

(2) تقدّم قبل المسألة [ 462 ] .

(3) يأتي في المسألة [ 787 ] .

(4) يأتي التفصيل في ص 402 ، وتأتي الإشارة في المسألة [ 820 ] ، [ 1055 ] .

ــ[24]ــ

   وعليه لو قلنا إنّ الأحداث الكبيرة ناقضة للوضوء وكان المكلّف قد أحدث بالأصغر في أثناء غسل مس الميت أو الحيض أو غيرهما فلا يترتّب على حدثه ذلك أثر ولا يجب عليه بذلك الحدث الوضوء بعد الغسل ، لأ نّه سواء أحدث في الأثناء أم لم يحدث يجب عليه الوضوء بحدثه الأكبر ، لأنّ المفروض أ نّه ناقض للطهارة كالبول .

   ودعوى : أنّ أثر الحدث الأصغر في أثناء الغسل بطلان الغسل في الأعضاء السابقة وعدم كفاية ضمّ الغسل في الأعضاء الباقية إليه فلا مناص من استئنافه .

   مندفعة بأنا إنّما التزمنا بذلك في غسل الجنابة لأجل الآية المباركة كما مرّ(1) ، وأمّا في غيره من الأغسال فلم يدل دليل على أنّ الحدث الأصغر في الأثناء موجب لبطلان الغسل في الأعضاء السابقة ، بل حاله في الأثناء حال الحدث بعد الغسل ، فكما أ نّه لا يوجب بطلان الغسل السابق كذلك الحدث الواقع في أثنائه ، وعليه فلا بدّ من إتمام غسله والوضوء بعده أو قبله .

   فإن قلت : إنّ الغسل وإن لم يبطل بالحدث في أثنائه إلاّ أ نّه لا إشكال في أنّ الحدث الأصغر في نفسه سبب مستقل للوضوء ، وبما أنّ الحدث الأكبر أيضاً سبب له على الفرض ، لأ نّه يوجب إنتقاض الطّهارة كالبول وإن كان سبباً للغسل أيضاً ، فهناك سببان مستقلان للوضوء ، والأصل عدم التداخل ، ومعه لا بدّ من إتمام غسله وضمّ وضوءين إليه .

   قلت : لو تمّ هذا المدعى وجب الغسل مع الوضوءين مطلقاً ، بلا فرق في ذلك بين الحدث الأصغر في أثناء الغسل والحدث الأصغر قبله أم بعده ، لأ نّه سببب مستقل على كلّ حال ، كما أنّ الحدث الأكبر سبب ، والأصل عدم التّداخل ، ولا يمكن الإلتزام بوجوب الغسل مع الوضوءين بوجه .

   وحلّ ذلك أنّ أصالة عدم التّداخل إنّما هي فيما إذا كان الأمران تكليفيين مولويين كما إذا ورد إن ظاهرت فكفّر ، وإن أفطرت فكفّر ، فيقال في مثله إنّ المكلّف إذا ظاهر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مرّ في الصفحة 21 .

ــ[25]ــ

وأفطر وجبت عليه كفّارتان ، لأنّ الأصل عدم التّداخل ، وأمّا في الأوامر الإرشاديّة إلى الشرطيّة فحسب كما هو الحال في المقام لأنّ معنى الأمر بالوضوء على تقدير البول أو مسّ الميت ونحوهما عدم جواز الدّخول في الصّلاة حينئذ من غير وضوء ، فلا مجال فيه لأصالة عدم التّداخل كما مرّ تحقيقه غير مرّة (1) ، بل مقتضى إطلاق الدّليل في مثله التداخل ، لعدم تقييد الوضوء بفرد دون فرد ، ومن هنا لا يجب عليه غير وضوء واحد فيما إذا بال مرّتين أو نام وبال ، هذا إذا كان المكلّف متطهّراً .

   وأمّا إذا كان محدثاً فاغتسل وأحدث في أثنائه وبنينا على أنّ غير غسل الجنابة لا يغني عن الوضوء فأيضاً الأمر كما قدّمناه ، فإنّ الوضوء واجب في حقّه سواء أحدث في أثناء غسله أم لم يحدث ، وقد مرّ أ نّه لا دليل على بطلان غسله بالحدث الأصغر في أثنائه ، وعليه فيجب عليه إتمام الغسل مع الوضوء .

   وأمّا إذا قلنا إنّ كلّ غسل يغني عن الوضوء ـ كما هو الصّحيح ـ غير غسل الإستحاضة المتوسطة فأيضاً لا كلام في صحّة غسله ، لما مرّ من أنّ الحدث الأصغر لا دليل على كونه موجباً لبطلان الغسل في الأجزاء السابقة ، إلاّ أنّ الصّحيح حينئذ وجوب الوضوء بعده أو في أثنائه ، لأنّ بقيّة الغسل ليست بغسل حتّى يكون أنقى من الوضوء ، وإنّما الدّليل دلّ على أنّ الغسل يغني عن الوضوء ، وليس غير الغسل التامّ بغسل ، فإطلاقات أدلّة وجوب الوضوء بعد البول محكّمة ، فلا مناص من أن يتمّ غسله ويضمّ إليه الوضوء أيضاً .

   اللّهمّ إلاّ أن يعدل عن التّرتيبي إلى الإرتماسي ، بأن يرفع يده عن غسله في الأجزاء السابقة ، لأ نّه أمر سائغ له على الفرض ، وهو مخيّر بينهما في أثناء الغسل كما كان مخيراً بينهما قبله ، فلا يجب الوضوء حينئذ ، لأنّ إرتماسه غسل صحيح ، لقوله (عليه السلام) «إذا إرتمس إرتماسة واحدة أجزأه ذلك» (2) ، ومع الغسل الصّحيح التام لا يجب الوضوء ، لأنّ الغسل أنقى من الوضوء ، هذا .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مرّ في المسألة [ 237 ] ، وسيأتي في الصفحة 43 .

(2) الوسائل 2 : 230 /  أبواب الجنابة  ب 26 ح 5 ، 12 ، 13 ، 15  كلّها بمضمونه .

ــ[26]ــ

ولا فرق بين أن يكون الغسل ترتيبيّاً أو إرتماسيّاً (1) إذا كان على وجه التّدريج ((1))

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وربما يستدلّ على بطلان الغسل في الأعضاء السابقة بالحدث الأصغر الواقع في أثنائه بمرسلة الصدوق عن الصّادق (عليه السلام) حيث قال فيها «إذا أردت ذلك فإن أحدثت حدثاً من بول أو غائط أو ريح أو منيّ بعدما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أوّله» (2) ، وبرواية الفقه الرضوي (3) الّتي هي أيضاً بمضمون المرسلة .

   إلاّ أنّ المرسلة ضعيفة بإرسالها ، والفقه الرضوي لم يثبت كونه رواية فضلاً عن إعتبارها ، نعم على تقدير كونهما معتبرتين لدلّتا بإطلاقهما على بطلان غير غسل الجنابة أيضاً بالحدث الأصغر في أثنائه .

    عدم الفرق بين التّرتيبي والإرتماسي في المسألة

   (1) يأتي فيه ما قدّمـناه في التّرتيبي بعينه ، ففي غسل الجنابة لا بدّ وأن يستأنف غسله ، بخلاف غسل غير الجنابة ، إذ لا دليل على بطلان غيره من الأغسال بالحدث الأصغر في أثنائه ، إلاّ أ نّه يضم إليه الوضوء من جهة الحدث الأصغر . اللّهمّ إلاّ أن يعدل عما بيده إلى الإرتماسي [ الدفعي ] فإنّه يصح ويغني عن الوضوء في غسل الجنابة وغيره ، بناءً على أنّ كلّ غسل يغني عن الوضوء في غير غسل الإستحاضة المتوسطة .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم أ نّه يعتبر في صحّة الإرتماسي التدريجي الدفعة العرفيّة ، وعليه يجوز للمغتسل رفع اليد عن المقدار المتحقّق ولو بخروجه من الماء ثمّ الاغتسال ارتماساً أو ترتيباً ، ومعه لا حاجة إلى الوضوء في غسل الجنابة قطعاً .

(2) الوسائل 2 : 238 /  أبواب الجنابة ب 29 ح 4 .

(3) المستدرك 1 : 474 /  أبواب الجنابة ب 21 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net