بقي الكلام في شيء وإن ظهر حكمه ممّا تقدّم ، وهو ما إذا أحدث بالحدث الأكبر في أثناء الوضوء ، فهل يجب عليه إتمامه أو لا بدّ من إستئنافه الوضوء ؟
إذا كان الحدث الطارئ هو الجنابة فلا إشكال في بطلان وضوئه ، لأنّ المني من جملة النواقض ، وليس له إتمامه لأ نّه محدث وهو جنب، والمحدث الجنب يجب عليه الغسل بمقتضى الآية المباركة(1) دون الوضوء .
وأمّا إذا كان غير الجنابة فإن قلنا إنّها من النواقض كالبول والغائط فأيضاً لا كلام في بطلان الوضوء بها ، ويجب عليه إستئنافه كما يجب عليه أن يغتسل من الحدث الطارئ في الأثناء ، وأمّا إذا لم نقل بكونها من النواقض ـ كما لا نقول به ـ لأدلّة حصر النواقض فلا وجه لبطلان وضوئه ، بل له أن يتمّه ويغتسل من حدثه ، نعم إذا قلنا بإغناء كلّ غسل عن الوضوء لا يجب عليه التوضؤ فيما إذا إغتسل من حدثه الطارئ في أثناء وضوئه ، لأ نّه يغني عن الوضوء .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المائدة 5 : 6 .
ــ[31]ــ
[ 693 ] مسألة 10 : الحدث الأصغر في أثناء الأغسال المستحبّة أيضاً لايكون مبطلاً لها (1) ، نعم في الأغسال المستحبّة لإتيان فعل(2) كغسل الزّيارة والإحرام لا يبعد البطلان ، كما أنّ حدوثه بعده وقبل الإتيان بذلك الفعل كذلك كما سيأتي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوع الحدث الأصغر في أثناء الغسل المستحب
(1) لأنّ الحال فيها هو الحال في الأغسال الواجبة من تلك الجهة ، نعم يجب عليه التوضؤ بعد إتمام غسله أو في أثنائه ، لفرض أ نّه قد أحدث بالبول ونحوه ، ولا يرفعه إتمام غسله الإستحبابي ، لأ نّا لو قلنا بإغناء كلّ غسل عن الوضوء فإنّما هو فيما إذا وقع الغسل بعد الحدث ولو كان غسلاً ندبيّاً ، دون ما إذا وقع الحدث في أثنائه ، اللّهمّ إلاّ أن يعدل عن التّرتيبي إلى الإرتماسي ، فإنّه يغني عن الوضوء حينئذ بناءً على ما هو الحق من إغناء كلّ غسل عن الوضوء .
(2) بأن اعتبر فيه طهارة خاصّة وهو الطّهارة الحاصلة من الغسل ، أو اعتبر فيه بقاء غسله بأن يكون على غسل ، فلا يكفي فيه الطّهارة الحاصلة بالوضوء ، ومن هنا لو اغتسل له ثمّ بعد ذلك بال أو نام لم يحصل به شرط ذلك العمل وإن توضأ بعد ذلك لأنّ شرطه الطّهارة الحاصلة بالغسل لا مطلق الطّهارة ، وحينئذ إذا وقع الحدث الأصغر في أثناء غسله للإحرام أو للزيارة أو غيرهما من الأفعال ـ والجامع هو الأغسال الفعليّة ـ فهل يبطل بذلك غسله فليس له أن يدخل في ذلك العمل بإتمامه أو له ذلك إذا أتمّه ؟
لم يستبعد البطلان في المتن ، وهو الصّحيح بل هو الأظهر ، وذلك لأ نّا وإن التزمنا بأنّ الغسل يغني عن الوضوء إلاّ أ نّه فيما إذا وقع الغسل بعد الحدث ، وأمّا ما وقع منه في أثنائه فإتمام الغسل فيه لا يوجب إرتفاعه ، وحيث إنّه بال في أثناء غسله والغسل لم يرفع حدثه ، ومن هنا لم يجز له الدّخول في الصّلاة بعد غسله هذا ، فهو حينئذ أي إذا أتمّ غسله فلا محالة يقع صحيحاً ، لأنّ الحدث الأصغر الواقع في أثنائه لا يبطله
|