اعتبار الاستمرار في الثلاثة الاُوَل 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6551


ــ[132]ــ

كإستصحاب عدم حرمة الدخول في المساجد ، واستصحاب وجوب الصّلاة في حقّها وهكذا ، ففيه أ نّه لا يمكن إستصحاب الحكم مع الشكّ في تحقّق موضوعه ، لأ نّا نحتمل بالوجدان عدم كون المرأة طاهرة بأن تكون حائضاً كما نحتمل طهارتها ، ومعه كيف يحكم عليها بأحكام المرأة الطاهرة .

   وإن اُريد به إستصحاب الحكم في مرحلة الجعل ، كإستصحاب عدم جعل حرمة الدّخول في المساجد عليها ، أو إستصحاب عدم جعل حرمة وطئها وهكذا ، ففيه أ نّه وإن كان له حالة سابقة إلاّ أ نّه معارض بإستصحاب عدم جعل وجوب الصّلاة أو جواز الدّخول في المساجد أو جواز الوطء عليها حينئذ ، بلا فرق في ذلك بين القول بالواسطة بين الحيض والإستحاضة وبين القول بعدمها ، لأنّ الصّلاة واجبة عليها على كلّ حال إذا لم تكن حائضاً إمّا بلا غسل وإمّا مع الإغتسال ، ولأجل العلم الإجمالي بكونها حائضاً أو غير حائض يتعارض الأصلان .

   وكذلك الحال فيما إذا اُريد به البراءة عن حرمة الدّخول في المساجد مثلاً ، لكونها معارضة بالبراءة عن وجوب الصّلاة ، فلا يبقى مورد للأصل غير إجراء الاستصحاب في عدم خروج الدم من العرق المخصوص ، فإنّه جار من غير معارض ، حيث لا أثر لعدم خروجه من سائر العروق إلاّ على القول بالأصل المثبت ، إلاّ أ نّه أيضاً يندفع بعدم ترتّب أثر على خروج الدم من العرق المخصـوص ، لأنّ ذلك إنّما اُخذ معرفاً وحاكياً عن الحيض في الأخبار ، والأحكام مترتبة على ما يلزم خروج الدم من العرق المخصوص، فإنّه إذا خرج منه يحرم وطؤها ويحكم بكونها حائضاً، واستصحاب عدم اللاّزم لنفي ملزومه من الاُصول المثبتة .

   فإذن لا مناص من الاحتياط كما قدّمناه ، إلاّ أ نّك عرفت أنّ مقتضى الأخبار اعتبار التوالي في الأيّام الثّلاثة ، والحكم بعدم الحيضيّة عند فقد التوالي في الثّلاثة .

ــ[133]ــ

وكذا اعتبروا استمرار الدم في الثّلاثة ولو في فضاء الفرج ، والأقوى كفاية الاستمرار العرفي وعدم مضرّيّة الفترات((1)) اليسيرة في البين ، بشرط أن لا ينقص من ثلاثة بأن كان بين أوّل الدم وآخره ثلاثة أيّام ولو ملفّقة ، فلو لم تر في الأوّل مقدار نصف ساعة من أوّل النّهار ومقدار نصف ساعة في آخر اليوم الثّالث لا يحكم بحيضيّته ، لأ نّه يصير ثلاثة إلاّ ساعة مثلاً . واللّيالي المتوسطة داخلة فيعتبر الاستمرار العرفي فيها أيضاً ، بخـلاف ليلة اليوم الأوّل وليلة اليوم الرّابع ، فلو رأت من أوّل نهار اليوم الأوّل إلى آخر نهار اليوم الثّالث كفى (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   إعتبار الاستمرار في الثّلاثة ولو في فضاء الفرج

   (1) ما قدّمناه إلى هنا إنّما كان راجعاً إلى اعتبار الاستمرار في الأيّام الثّلاثة ، وقد عرفت اعتباره بمقتضى الأخبار المتقدّمة ، وهل يعتبر الاستمرار في نفس الدم أيضاً ـ  بأن يكون خارجاً من الرّحم على نحو الاتصال وإن لم يخرج إلى الخارج بل كان في فضاء الفرج ، لما مرّ من أنّ الخروج إلى الخارج إنّما يعتبر في حدوث الحـيض ، فإنّ موضوعه ما تراه المرأة أو نحوه من المعاني ، ولا يتحقّق ذلك إلاّ بالخروج إلى الخارج وأمّا بحسب البقاء فلا يعتبر ذلك بوجه ، بل لو كان موجوداً في المجرى وفي فضاء الفرج بحيث لو أدخلت كرسفاً لخرج الكُرسُف ملوّثاً به كفى ذلك في صدقه ، فلو إنقطع الدم آناً أو دقيقة حكم بعدم حيضها  ـ أو لا يعتبر الإستمرار في الدم بالنظر العقلي ؟

   الصحيح عدم كون الانقطاع آناً أو دقيقة مضرّاً بالحـيض فيما إذا كان ذلك عادة النِّساء ، بأن كانت عادتهنّ أن ينقطع دمهنّ دقيقة أو أكثر مثلاً ، بحيث يصدق عليها أ نّها رأت الدم مستمرّاً ثلاثة أيّام ، لأ نّه الموضوع للحكم بالحيضيّة ، وهو الأكثر في الحيض إذا كان عادة النِّساء ، نعم الإنقطاع بأكثر ممّا جرت عليه عادة النِّساء مانع عن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر أ نّه يريد بها ما تكون متعارفة خارجاً ولو في بعض النِّساء .

ــ[134]ــ

الحكم بالحيضيّة .

   ثمّ إنّك عرفت أنّ مقتضى الأخبار الواردة في تحديد أقل الحيض وأكثره (1) أنّ أقلّه ثلاثة وأكثره عشرة ، وهو تحديد لنفس الدم المعبّر عنه أو عن سيلانه بالحيض ، وأمّا قعود المرأة وحدث الحيض فلم يرد تحديد أقلّه ولا أكثره بشيء في الرّوايات . نعم يمكن إستفادة ذلك من الأخبار بالدلالة الإلتزاميّة ، وذلك لأ نّها دلّت على أنّ أقلّ الحيض ثلاثة أيّام فالدم المرئي يوماً أو يومين ليس بحيض ، ومع عدم كون الدم حيضاً فلا يتحقّق حدث الحيض لا محالة ، فتدل تلك الرّوايات بالملازمة على أنّ أقل حدث الحيض كدمه ثلاثة أيّام .

   وأمّا بحسب أكثره فقد حدّدت الرّوايات أكثر دم الحيض بعشرة ، فإن كان الدم مستمرّاً إلى عشرة أيّام فلا محالة تدل تلك الأخبار على عدم حيضيّة الدم بعد العشرة ، ومع عدم كون الدم حيضاً لا يتحقّق حدث الحيض لا محالة ، فيستفاد من الأخبار أنّ أكثر حدث الحيض أيضاً عشرة أيّام عند استمرار الدم إلى عشرة .

   وأمّا إذا كان الدم غير متّصل ومستمر فلا يخلو إمّا أن يتخلّل بين الدمين أقلّ الطّهر أو لا يتخلّل ، فإن تخلّل بينهما أقلّ الطّهر فهما حيضتان ، وكلّ منهما لا بدّ وأن لا يقلّ عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة ، فيأتي في كلّ منهما ما قدّمناه وما سنذكره ، فعند استمرار كلّ منهما إلى عشرة يستفاد من الأخبار المحدّدة لأكثر الحيض أنّ أكثر حدث الحيض أيضاً عشرة ، وأمّا إذا لم يستمر فيظهر حكمه عن قريب .

   وأمّا إذا تخلّل بينهما أقلّ من عشرة أيّام أي لم يتخلّل بينهما أقلّ الطّهر ، كما إذا رأت الدم ثلاثة أيّام ثمّ انقطع خمسة أيّام ثمّ رأت ثلاثة أيّام أو أقل أو أكثر ، فإن قلنا إن المدّة المتخلّلة بين الدمين إذا كانت أقل من عشرة أيّام بحكم الحيض كما هو الصّحيح فأيضاً لا بدّ أن لا يكون الدم أكثر من عشرة أيّام ، فبالملازمة يستفاد أنّ الحدث أيضاً لايكون أكثر من عشرة من أوّل يوم رأت الدم، فتحسب أيّام الدم وأيّام النَّقاء المتخلِّل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 293 / أبواب الحيض ب 10 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net