رجوع المبتدئة إلى الأقارب مع تعذّر التمييز بالصفات 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7282


ــ[280]ــ

ومع فقد الشرطين أو كون الدم لوناً واحداً ترجع إلى أقاربها في عدد الأيّام بشرط اتّفاقها أو كون النادر كالمعدوم ، ولا يعتبر اتّحاد البلد ، ومع عدم الأقارب أو اختلافها ترجع إلى الرّوايات مخيّرة ((1)) بين اختيار الثّلاثة في كلّ شهر أو ستّة أو سبعة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الرجوع إلى الأقارب في عدد الأيّام

   (1) قد تقدّم أنّ المضطربة والمبتدئة إذا أمكنهما الرّجوع إلى التمييز بالصفات تعيّن في حقّهما ذلك ، وأمّا إذا لم تتمكنا منه لأنّ الدم لون واحد أو أ نّه معارض بدم آخر واجد للصفات فلا بدّ من أن ترجعا إلى أمر آخر كما سيظهر .

   والكلام فيه يقع تارة في المبتدئة وتارة اُخرى في المضطربة .

   أمّا المبتدئة : فوظيفتها الرّجوع إلى التمييز بالصفات إن أمكن ، وإلاّ فإلى أقاربها ومع عدم الأقارب أو اختلافها في العادة ترجع إلى العدد والرّوايات مخيّرة بين إختيار الثّلاثة أو الستّة أو السبعة أو غير ذلك كما سيظهر فهناك مراحل ثلاثة في المبتدئة .

    المراحل الثلاث للمبتدئة والتمييز بالصفات

   المرحلة الاُولى : أن ترجع إلى التمييز بالصفات مع التمكّن ، إستفدنا ذلك من المرسلة وموثقة سماعة المتقدّمتين(2) على التقريب المتقدّم ولا نعيد .

    رجوع المبتدئة إلى الأقارب

   المرحلة الثّانية : أ نّها لا بدّ من أن ترجع إلى الأقارب عند عدم التمكن من التمييز

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأظهر أنّ المبتدئة إذا لم تكن لها أقارب أو كانت واختلفت أقراؤهنّ تحيّضت في الشهر الأوّل بستّة أو سبعة أيّام ثمّ احتاطت إلى العشرة ، وفيما بعد الشهر الأوّل تحيّضت بثلاثة واحتاطت إلى ستّة أو سبعة أيّام ، وأمّا المضطربة فهي تتحيّض بستّة أو سبعة أيّام مطلقاً وتعمل بعد ذلك بوظائف المستحاضة .

(2) الوسائل 2 : 288 / أبواب الحيض ب 8 ح 3 ، 2 .

 
 

ــ[281]ــ

بالصفات ، ويدلّنا على ذلك موثقة سماعة «سألته عن جارية حاضت أوّل حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر وهي لا تعرف أيّام أقرائها ، قال (عليه السلام) : أقراؤها مثل أقراء نسائها ، فإن كانت نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيّام وأقلّه ثلاثة أيّام» (1) .

   حيث إنّ السائل فرض الجارية غير عارفة بأيّامها فدلّنا على أنّ المبتدئة قد تعرف أيّامها وقد لا تعـرفها ، ولا طريق لمعرفة أيّامها سوى الصفات ، وحيث إنّه (عليه السلام) أمضى ذلك وقرّره عليه علمنا أنّ المبتدئة إبتـداءً لا بدّ من أن ترجع إلى الصفات وبها تميز الحيض عن غيره ، وإذا عجزت عن ذلك لكون الدم لوناً واحداً فترجع إلى أيّام أقرانها ، ومع عدم التمكن من ذلك أيضاً لعدم الأقران أو اختلافها في العادة فترجع إلى العدد ما بين الثّلاثة والعشرة .

   وبهذه الموثقة نقيّد إطلاق المرسلة وموثقة ابن بكير الدالّتين على أن المبتدئة عند عجزها عن التمييز بالصفات ترجع إلى العدد ستّة أو سبعة كما في المرسلة (2) أو العشرة في الشهر الأوّل وثلاثة أيّام في الشهر الثّاني كما في موثقة ابن بكير (3) ، لإطلاقهما من جهة التمكن من الرّجوع إلى نسائها وعدمه ، ودلالتهما على أ نّها ترجع إلى العدد مطلقاً ، ومقتضى الصناعة تقييد ذلك الإطلاق بالموثقة ، لأنّ نسبتهما نسبة العام إلى الخاص .

   على أنّ المسألة لو لم يكن حكمها متسالماً عليه فهو من الشهرة بمكان .

   وقد يناقش في الإسـتدلال بالموثقة من جهة رفعها فلا يمكن الإعتماد عليها في الإستدلال .

   ويدفعه : أ نّها وإن كانت مروية بطريق الكليني وأحد طريقي الشيخ مرفوعة إلاّ أنّ الشيخ رواها بطريقه الآخر مسندة كما تقدّم (4) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 288 / أبواب الحيض ب 8 ح 2 .

(2) الوسائل 2 : 288 / أبواب الحيض ب 8 ح 3 .

(3) الوسائل 2 : 291 / أبواب الحيض ب 8 ح 5 و 6 .

(4) تقدّم في الصفحة 267 .

ــ[282]ــ

   وقد يناقش فيها بالإضمار ، لأنّ سَماعة لم يذكر الإمام (عليه السلام) ، بل قال : «سألته عن جارية» فلم يذكر أنّ المسؤول أيّ شخص ، فيسقط بذلك عن الإعتبار .

   ويدفعه : أنّ الرّجل لم يرو ولو في مورد روايته من غير الإمام (عليه السلام) وبذلك تطمئن النفس بأ نّه لا يسأل غيره (عليه السلام) ، فإنّه من أكابر فقهائهم ورواتهم ، وفي مذهبه قولان :

   أحدهما : أ نّه فطحي كما ذكره المولى الصالح المازندراني (1) .

   وثانيهما : أ نّه واقفي ، ذكره الشيخ (2) (قدس سره) ، وعلى كلا التقديرين لا يروي عن غير الإمام (عليه السلام) ، أمّا إذا كان واقفياً فلأ نّه لا إمام له غير ائمتنا حتّى يروي عنه ، وأمّا إذا كان فطحياً فلأن مدّة عبدالله الأفطح لم تكن كثيرة بحيث يروي عنه الرّوايات ، هذا بل ظاهر النجاشي أنّ الرّجل إثنا عشري ، لأ نّه قال في حقّه : «إنّه ثقة ثقة ومن الفقهاء» (3) ، ولم يغمز في مذهبه .

   وكيف كان فلا يروي مثله عن غير الإمام (عليه السلام) .

   وثالثة : يناقش في الموثقة بأ نّها معارضة بدعوى أ نّها دلّت على أنّ المبتدئة إذا لم تتمكن من أن ترجع إلى الصفات ولا إلى أقاربها رجعت إلى العدد ، وهو لا يزيد عن العشرة ولا يقل عن ثلاثة ، والمرسلة دلّت على أ نّها بعد عدم التمكن من الرّجوع إلى الصفات ترجع إلى العدد وهو ستّة أو سبعة فهما متعارضتان ، لدلالة كلّ منهما على عدد غير العدد الّذي عيّنته الاُخرى ، فلا بدّ من علاج المعارضة بينهما ولا يمكن تخصيص المرسلة بالموثقة .

   ويدفعه : أنّ الموثقة إنّما سيقت لبيان أنّ المرأة على تقدير عدم التمكّن من التمييز بالصفات لا ترجع إلى العدد مطلقاً ، وإنّما ترجع إليه إذا لم تتمكّن من الرّجوع إلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نقله عنه في تنقيح المقال 2 : 67  السطر 20 / ترجمة سماعة بن مهران .

(2) رجال الشيخ : 337 / الرقم [ 5021 ] سماعة بن مهران .

(3) رجال النجاشي : 193 / الرقم [ 517 ] ، لكن ليس فيه أ نّه من الفقهاء . وراجع معجم رجال الحديث 9 : 313 .

ــ[283]ــ

نسائها ، ولا تعارضها المرسلة من هذه الجهة ، لأنّ نسبتهما كما عرفت نسبة العموم والخصوص .

   وأمّا أ نّها إذا رجعت إلى العدد فإلى أيّ عدد ترجع فلا دلالة للموثقة عليه ، وإنّما تدل على أنّ ما ترجع إليه لا يكثر عن عشرة أيّام ولا يقل عن ثلاثة لأنّ الحيض كذلك ، لا لخصوصيّة في المقام ، فلا تعارض المرسلة من هذه الجهة أيضاً لسكوتها عن العدد الّذي لا بدّ من التحيّض به ، فالصحيح ما ذكرنا من تخصيص المرسلة وموثقة ابن بكير بموثقة سماعة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net