ــ[301]ــ
[ 733 ] مسألة 6 : صاحبة العادة الوقتيّة (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعم ، إذا بنينا على ما بنى عليه الماتن (قدس سره) من إلحاق الناسية بالمضطربة والمبتدئة في الرّجوع إلى العدد تتحقّق الصغرى لذلك لا محالة ، لأنّ الناسية قد تعلم بعد ذلك أنّ عـادتها كانت أقل أو أكثر من سبعة أيّام مثلاً ، إلاّ أ نّها غير داخلة في حكمها كما مرّ .
إذن لا صغرى لتلك الكبرى إلاّ في فرض نادر جدّاً ، وهو ما إذا لم تتمكن المبتدئة من التمييز بالصفات ورجعت إلى نسائها واعتقدت أنّ حيضهن خمسة أيّام مثلاً ثمّ إنكشف أنّ حيضهنّ أربعة أيّام أو ستّة مثلاً .
بعض أقسام ذات العادة
(1) هذه هي القسم الثّاني من أقسام ذات العادة ، لأ نّا ذكرنا أنّ الكلام في صورة زيادة الدم عن العشرة ورجوع المرأة إلى عادتها إنّما هو في ذات العادة الوقتيّة والعدديّة معاً (1) .
وأمّا ذات العادة الوقتيّة فقط المضطربة من حيث العدد ، أو ذات العادة العدديّة فقط المضطربة من حيث الوقت فلم يتعرّض لهما الماتن (قدس سره) ، وقد تعرّض لهما في المقام .
وذكر أنّ ذات العادة الوقتيّة فقط كما إذا علمت أ نّها تتحيّض في أوّل كلّ شهر ولكن العدد مختلف فقد يكون خمسة وقد يكون أربعة وهكذا إذا زاد دمها عن العشرة فحالها حال المبتدئة في الرّجوع إلى الأقارب والرّجوع إلى التخيير المذكور مع فقدهم أو إختلافهم .
والكلام في ذلك يقع في جهات :
الاُولى : فيما إذا لم يزد دمها عن العشرة ، فإنّها تجعل جميعه حيضاً لأنّ الدم المرئي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ذكره في الصفحة 261 .
ــ[302]ــ
قبل العشرة من الحيضة الاُولى إذا كان بصفات الحيض .
الثانية : فيما إذا زاد الدم على العشرة ولم يمكن جعل المجموع حيضاً لأ نّه أكثر من العشرة فلا مناص من الرّجوع إلى التمييز بالصفات فتجعل ما هو بصفة الحيض حيضاً وما ليس بصفة الحيض تجعله إستحاضة ، وذلك لما دلّ على أنّ دم الحيض ممّا ليس به خفاء أحمر حارّ عبيط ، وإنّما خرجنا عن ذلك في خصوص ذات العادة ، فإن ما تراه في أيّامها حيض وإن لم يكن واجداً للصفات . وإنّما لم يتعرّض الماتن لذلك لوضوحه قطعاً لأ نّه أوّل المرجحات في المستحاضة .
الثالثة : فيما إذا لم يكن لها تمييز ، فقد ذكر المـاتن (قدس سره) أ نّها ترجع إلى الأقارب .
ومراده (قدس سره) من صاحبة العادة الوقتيّة المضـطربة من حيث العدد خصوص المضطربة بالمعنى الأخص ولم يرد بها الأعم من ناسية العدد ، وإلاّ فقد تقدّم أ نّها لا ترجع إلى الأقارب ، فلا يجتمع مع إرجاعها إلى الأقارب في المقام ، وأمّا قوله (قدس سره) : وإذا علمت كونه أزيد من الثّلاثة ليس لها أن تختار الثّلاثة فيما إذا لم يكن لها أقارب ، كما أ نّها إذا علمت أ نّه أقلّ من السبعة ليس لها إختيار السبعة ، فلا شهادة فيه على إرادة الأعم من الناسية في المقام .
وذلك لأنّ المضطربة في قبال الناسية أيضاً قد تعلم أنّ عدد حيضها زائد على الثّلاثة قطعاً ولكنّها لا تدري أ نّه أربعة أو خمسة أو ستّة ، أو تعلم أ نّه أقلّ من السبعة قطعاً ولا تدري أ نّة ستّة أو خمسة أو أربعة .
وعلى الجملة : المراد من صاحبة العادة الوقتيّة هو المضطربة من حيث العدد إمّا لعدم إستقرار عادتها على عدد معيّن أو كانت عادتها مستقرّة لكن العدد زاد مرّة ونقص اُخرى حتّى زالت عادتها ، فهي المضطربة بالمعنى الأخص ، ولم يرد بها الأعم منها ومن ناسية العدد ، لقرينة ما تقدّم منه (قدس سره) من أنّ الناسية ولو عدداً لا ترجع إلى أقاربها ، وفي المقام حكم برجوع صاحبة العادة الوقتيّة إلى الأقارب وهذه قرينة قطعيّة على أنّ المراد بها غير الناسية .
ــ[303]ــ
إذا تجاوز دمها العشرة في العدد حالها حال المبتدئة ((1)) في الرّجوع إلى الأقارب (1) والرّجوع إلى التخيير المذكور مع فقدهم أو اختلافهم (2) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بل الأمر كذلك مع قطع النّظر عن هذه القرينة أيضاً ، لأ نّه (قدس سره) تعرّض لحكم أقسام المرأة بأجمعها من ذات العادة العدديّة والوقتيّة والمبتدئة والمضطربة والناسية ولم يبق سوى ذات العادة الوقتيّة دون العدد أو العكس ، فمع تقدّم الناسية لا يحتمل إرادتها من ذات العادة الوقتيّة دون العدد .
وقد تقدّم أ نّه لا شهادة لقوله «وإذا علمت كونه أزيد من الثّلاثة ... » على إرادة الأعم من الناسية في المقام ، وذلك لأنّ المضطربة أيضاً يتصوّر فيها ذلك كما مرّ ويأتي .
(1) أمّا إذا لم تزد عليها وكان بصفات الحيض فهو بأجمعه حيض ، لأنّ الدم المرئي قبل العشرة من الحيضة الاُولى .
وأمّا إذا تجاوز عن العشرة فقد ذكر الماتن أنّ حكمها حكم المبتدئة في الرّجوع إلى الأقارب ، والمفروض أنّ الرّجوع إلى الأقارب إنّما هو بعد عدم التمكّن من التمييز بالصفات ، وإلاّ فمع التمكّن منه فالصفات هي المرجحة الاُولى كما مرّ .
وأمّا إذا لم تتمكّن من التمييز بالصفات فهل ترجع إلى الأقارب كما في المتن ؟ الصحيح لا ، لأنّ الرّجوع إلى الأقارب في غير المبتدئة إنّما ورد في رواية واحدة وقد عرفت ضعفها (2) .
(2) مرّ وعرفت أنّ الثّلاثة إنّما وردت في موثقة ابن بكير ، وهي مختصّة بالمبتدئة مع الغض عن كونها معارضة مع المرسلة ، فلا يمكن التعدي عنها إلى المضطربة كما تقدّم ، بل إنّما تتخيّر بين الستّة والسبعة فحسب .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل ترجع إلى الستّة أو السبعة مع عدم التمييز .
(2) هي رواية محمّد بن مسلم وزرارة المتقدّمة في الصفحة 287 و 291 . وضعفها من جهة ضعف طريق الشيخ إلى ابن فضال الّذي تقدّم عدوله عنه .
ــ[304]ــ
وإذا علمت كونه أزيد من الثّلاثة (1) ليس لها أن تختارها ، كما أ نّها لو علمت أ نّه أقلّ من السبعة ليس لها اختيارها (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قدّمنا تصوير ذلك في المضطربة وقلنا إنّها أيضاً قد تعلم أنّ عدد حيضها أكثر من الثّلاثة ، لأ نّها كانت ترى الدم خمسة أيّام تارة وستّة اُخرى وأربعة ثالثة ، ومع العلم بزيادة حيضها عن الثّلاثة لا معنى للأخذ بالثلاثة ، فإنّ الرّجوع إلى العدد وظيفة المتحيّرة الّتي لا تعلم حيضها ، ومع العلم بكونه أكثر لا تردّد ولا تحيّر لها لتأخذ بالثلاثة .
(2) لا إشكال في أ نّها لو علمت بكون حيضها أكثر من السبعة لا يمكنها الرجوع إلى السبعة ، كما إذا كانت ترى الدم مدّة مديدة بين الثمانية والتسعة والعشرة وتقطع بعدم كون حيضها سبعة أيّام ، فإنّ العدد إنّما ترجع إليه المتحيّرة والّتي لا تدري تحيّضها ، ومع العلم بزيادة الحيض عن العدد لا معنى للرجوع إليه .
وإنّما الكلام فيما أفاده الماتن (قدس سره) من أ نّها لو علمت أنّ حيضها أقلّ من السبعة ليس لها إختيار السبعة ، فإن ما أفاده بحسب الكبرى وإن كان صحيحاً إذ مع العلم لا تردّد لترجع إلى العدد والأمارة ، إلاّ أنّ الكلام في صغرى ذلك وأ نّها من أين يحصل لها القطع بعدم كون حيضها ستّة أو سبعة أيّام ، ولا سبيل إليه إلاّ بالإستكشاف من جري العادة على أمر جامع ولوازمه ، وذلك كما إذا كانت ترى الدم تارة ثلاثة أيّام واُخرى أربعة وثالثة ترى خمسة أيّام على نحو الإختلاف مدّة مديدة كعشر سنوات مثلاً ، فمن رؤيتها الدم في تلك الأيّام حصل لها العلم بأ نّها لا تحيض إلاّ بأحد هذه الأيّام ، فعددها هو الجامع بين الثّلاثة والأربعة والخمسة نظير العادة المركّبة المتقدّمة فبذلك تعلم بعدم الحيض زائداً على الأعداد ، إلاّ أنّ ذلك ممّا لا يمكن تتميمه بدليل لأنّ الأخبار الواردة في أنّ ذات العادة ترجع إلى عادتها (1) إنّما تخـتص بالعـادة الوجوديّة الخارجيّة ، وأمّا العادة العدمية وأنّ عادتها عدم الحيض زائداً على تلك
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 281 / أبواب الحيض ب 5 .
|