ــ[367]ــ
[ 748 ] مسألة 5 : لا فرق في حرمة وطء الحائض بين الزّوجة الدائمة والمتعة والحرّة والأمة والأجنبيّة والمملوكة (1) ، كما لا فرق بين أن يكون الحيض قطعيّاً وجدانيّاً أو كان بالرجوع إلى التمييز أو نحوه ، بل يحرم أيضاً في زمان الإستظهار إذا تحيّضت (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظاهر قوله (عليه السلام) «العدّة والحيض إلى النِّساء» أنّ أمر هاتين الطبيعتين راجع إليهن نفياً وإثباتاً ، وهو نظير ما إذا قلنا سفر المرأة إلى زوجها أي نفياً وإثباتاً لا إثباتاً فقط ، فإنّه الظّاهر المستفاد من الرّواية عرفاً ، مضافاً إلى القرينة الخارجيّة وهي ما دلّ من الأخبار على أنّ المرأة إذا ادّعت إنقضاء عدّتها جاز لها أن تتزوّج (1) ، حيث يدلّنا على أنّ إخبار المرأة عن عدّتها وحيضها نفياً وإثباتاً مورد للتصديق فلا يرجع إلى استصحاب بقاء عدّتها أو حيضها .
عدم الفرق بين أصناف المرأة
(1) وذلك لإطلاق ما دلّ على حرمة وطء الحائض ، لأنّ قوله تعالى ( ... قُلْ هَوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوْا النِّسَـاءَ فِي ا لَمحِـيضِ ... ) (2) غير مقيّد بالدائمة أو بغـيرها من أقسام المرأة .
هذا كلّه فيما إذا ثبت حيض المرأة بالعلم الوجداني أو التعبدي ، وأمّا إذا ثبت باختبار المرأة نفسها كما في أيّام الاستظهار في اليوم الثّاني والثّالث ، لأ نّه في اليوم الأوّل واجب عندنا ، نعم عند الماتن (قدس سره) تتخيّر المرأة في اليوم الأوّل أيضاً فإذا إختارت المرأة الحيض لنفسها فهل يترتّب عليه أحكام الحيض المتقدِّمة ؟
(2) لا إشكال في حرمة وطء الحائض فيما إذا ثبت حيضها بالعلم الوجداني أو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 21 : 30 / أبواب المتعة ب 10 ، 20 : 301 / أبواب عقد النكاح ب 25 .
(2) البقرة 2 : 222 .
ــ[368]ــ
التبّعدي كالصفات المجعولة أمارة على الحيض ، وإنّما الكلام في زمان الإستظهار فيما إذا تحيّضت ، فهل يحرم وطؤها حينئذ أو لا يحرم ؟
عرفت أنّ أيّام الاستظهار مختلفة ، فإنّه في غير اليوم الأوّل كاليوم الثّاني والثّالث غير واجب ، وإنّما المرأة ذات العادة إذا تجاوز دمها عن أيّام عادتها مخيّرة في التحيّض وفي جعل نفسها مستحاضة في غير اليوم الأوّل ، فلها أن تتحيّض فتترك الصّلاة كما أنّ لها أن تختار لنفسها الإستحاضة فتصلّي ، ومعنى ذلك عدم جريان الإستصحاب في حقّها ، حيث إنّ الإستصحاب يقتضي كونها مستحاضة وممّن تجب عليها الصّلاة وذلك لأ نّه كما يجري في الاُمور الحاليّة كذلك يجري في الاُمور الإستقباليّة ، وبما أنّ المرأة ذات عادة قد تجاوز دمها عن أيّامها وتشكّ في أ نّه يتجاوز عن العشرة حتّى تجعل أيّام عادتها حيضاً والباقي إستحاضة أو أ نّه ينقطع دون العشرة حتّى يكون المجموع حيضاً ، فمقتضى الإستصحاب أ نّه يجري ولا ينقطع حتّى يتجاوز العشـرة وعليه فالمرأة مستحاضة فيما بعد أيّام العادة وتجب عليها الصّلاة ، ولكن الشارع المقدّس منع عن جريان الإستصحاب في حقّها وجعلها مخيّرة بين الحيض والإستحاضة في غير اليوم الأوّل من أيّام الإستظهار ، إلاّ أ نّه لمّا لم يكن تكليفاً إلزاميّاً لعدم إلزام المرأة بالتحيّض على الفرض لم يمكن أن يعارض التكليف الإلزامي وهو وجوب إطاعة الزّوج فيما إذا طالبها بالجماع ، حيث يجوز له ذلك في غير أيّام طمثها لقوله تعالى ( ... فَأْتُوْا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ... ) (1) ، وإنّما خرج عنه أيّام العادة فقط كما يدلّ عليه غير واحد من الرّوايات(2) ، فإذا طالبها بالجماع في غير أيّام العادة كأيّام الإستظهار وجب عليها المطاوعة ، فلا يحرم وطؤها في أيّام الاستظهار غير الواجب .
وأمّا اليوم الأوّل من الإستظهار الّذي يجب فيه الاستظهار فالظاهر أنّ حكمه حكم الحيض فيحرم وطؤها فيه ، وذلك لأنّ المستفاد ممّا دلّ على وجوب الاستظهار
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة 2 : 223 .
(2) الوسائل 2 : 317 ـ 323 / أبواب الحيض ب 24 و 25 .
ــ[369]ــ
في اليوم الأوّل أنّ المرأة حائض شرعاً ، لا أ نّها ليست بحائض إلاّ أنّ حكم الحيض مترتِّب عليها بالتعبّد الشرعي ، فإنّه بعيد عن المتفاهم العرفي ، فإذا كانت المرأة حائضاً فيترتّب عليها جميع أحكام الحائض الّتي منها حرمة الوطء .
ويمكن الإستدلال على ذلك ـ مضافاً إلى دلالة نفس أدلّة الإستظهار عليه كما عرفت ـ بما ورد في بعض الرّوايات من أنّ المرأة مستحاضة بعد الإستظهار بيوم واحد ، كما في صحيحة إسحاق بن جرير عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث «في المرأة تحيض فتجـوز أيّام حيضها ، قال : إن كان أيّام حيضها دون عشرة أيّام استظهرت بيوم واحد ثمّ هي مستحاضة» (1) .
وذلك لعدم الفاصل بين الحيض والإستحاضة ، فإذا حكمنا على المرأة بالإستحاضة بعد يوم الإستظهار دلّ ذلك على أ نّها في يوم الإستظهار حائض فيترتب عليها جميع آثار الحائض لا محالة .
ويؤيّد ما ذكرناه رواية مالك بن أعين قال «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن النّفساء يغشاها زوجها وهي في نفاسها من الدم ؟ قال : نعم إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيّام عدّة حيضها ، ثمّ تستظهر بيوم ، فلا بأس بعدُ أن يغشاها زوجها يأمرها فلتغتسل ثمّ يغشاها إن أحب» (2) .
لصراحتها في عدم جواز وطء المرأة ذات الدم في يوم الاستظهار ، وإنّما يجوز وطؤها بعد الإستظهار بيوم . إلاّ أ نّها غير صالحة للإستدلال لضعفها سنـداً أوّلاً حيث إنّ طريق الشيخ إلى علي بن الحسن بن فضّال ضعيف(3) ، ولورودها في النّفساء ثانياً فتختصّ بموردها ، ولا يمكن التعدي عنه إلى الحائض أيضاً ، ومن هنا جعلناها مؤيّدة للمدّعى .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 301 / أبواب الحيض ب 13 ح 3 .
(2) الوسائل 2 : 383 / أبواب النّفاس ب 3 ح 4 .
(3) وقد تقدّم أنّ سيِّدنا الاُستاذ (دام ظلّه) عدل عن ذلك وبنى على إعتبار طريق الشيخ إلى ابن فضّال ، راجع الصفحة 70 .
|