ــ[377]ــ
ولا كفّارة على المرأة وإن كانت مطاوعة (1) ، ويشترط في وجوبها العلم والعمد والبلوغ والعقل (2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا كفّارة على المرأة
(1) لعدم الدليل عليه وإن طاوعت الرّجل ، ولا يقاس المقام بالمرأة الصائمة في نهار شهر رمضان ، حيث إنّها مع المطاوعة محكومة بوجوب الكفّارة كالرجل ، وذلك لقيام الدليل عليه هناك دون المقام .
(2) قد دلّت الأخـبار الواردة في المقام على اعتبار المعصية في موضوع وجوب الكفّارة على الواطئ في الحيض ، حيث ورد في بعضها أ نّه عصى ربّه(1) وأوجبت عليه الاستغفار(2) وهو إنّما يجب مع المعصية لوجوب التّوبة معها ، فإذا فرضنا في مورد انتفاء المعصية إمّا بحسب الواقع كما إذا كان الواطئ مجنوناً أو غير بالغ أو ناسياً ، حيث ذكرنا غير مرّة أنّ الناسي غير مكلّف في الواقع بما نسيه لعدم قدرته عليه ، وإمّا بحسب الظّاهر دون الواقع ، كما إذا كان الواطئ جاهلاً بالموضوع ولم يعلم أنّ المرأة حائض ، لأنّ الجهل عذر ولا معصية معه ، إنتفت الكفّارة أيضاً ، وكذلك الحال فيما إذا كان جاهلاً بالحكم إلاّ أ نّه كان قاصراً لا مقصّراً ، وهذا كما في المجتهد إذا بنى على أنّ الصفرة مثلاً بعد أيّام العادة وقبل العشرة ليست بحيض وكانت في الواقع حيضاً ، أو المقلّد بنى على ذلك تقليداً لمجتهده فإنّه معذور في جهله قطعاً ، ولا كفّارة معه بوجه .
وإنّما المهم ما إذا كان الواطئ للحائض جاهلاً بالحكم عن تقصير لتمكّنه من السؤال ولم يسأل فهل تجب الكفّارة حينئذ أو لا تجب ؟
ذكر الماتن (قدس سره) أن التكفير أحوط ، وقوّاه بعضهم وذكروا أنّ الجاهل المقصّر كالعامد في العصيان ، بل ادّعى بعضهم الإجماع عليه ، هذا .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 329 / أبواب الحيض ب 29 ح 3 .
(2) الوسائل 2 : 327 ـ 329 / أبواب الحيض ب 28 و 29 .
ــ[378]ــ
لا كفّارة على الجاهل
والصحيح عدم وجوب الكفّارة على الجاهل القاصر والمقصّر مطلقاً ، لا في المقام ولا في الحج ولا في الصيام ولا غيرها من المقامات ما لم يقم عليه دليل في مورد ، بلا فرق في ذلك بين الجهل بالحكم والجهل بالموضوع .
وذلك للأخبار الواردة في موارد خاصّة ولما دلّ على نفي وجوب الكفّارة على الجاهل مطلقاً ، كصحيحة عبدالصمد بن بشير ، حيث سئل فيها عن المحرم لبس المخيط ، وقال له النّاس أفسدت عملك وأبطلت نسكك ، فسأله (عليه السلام) عن حكمه ، فقال له (عليه السلام) ألبسته قبل الإحرام أم بعده ؟ قال : بل قبله ، قال (عليه السلام) «لا شيء عليك معلّلاً بقوله : أيّما رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه (1) .
وهي وإن كانت واردة في الإحرام إلاّ أنّ عموم تعليلها يشمل المقام ، ومقتضاها عدم ترتب الأثر على الفعل الصادر عن جهالة من الكفّارة والحد ، وأمّا الاجماع القائم على أنّ الجاهل المقصّر كالمتعمد فهو راجع إلى توجّه الخطاب وتنجيز الحكم، لوجوب التعلّم عليه ومع تركه يكون مستحقّاً للعقاب ويكون ما أتى به معصية محرماً ، إلاّ أنّ الآثار المترتبة عليه من الحدّ والكفّارة وغيرها ترتفع عنه بتلك الرّوايات .
وقد دلّنا التعليل المذكور على أنّ العمل المأتي به بجهالة لا يترتّب عليه شيء من الآثار كالكفّارة ونحوها ، وأمّا نفس العمل فهو باطل إذا كان غير مطابق للمأمور به ويجب قضاؤه ، فإذا أتى بمفطر في نهار شهر رمضان بجهالة لم تجب عليه الكفّارة وإن فسد صومه ووجب عليه قضاؤه ، وكذلك الحال في الإحرام وغيره .
وعليه ففي مقامنا وإن أتى المكلّف بحرام إلاّ أ نّه لمّا صدر عن جهالة لم تترتب عليه الكفّارة شرعاً ، بلا فرق في ذلك بين الجهل القصوري والتقصيري .
وكصحيحة عبدالرّحمن بن الحجاج الواردة فيمن تزوّج امرأة في عدّتها عن جهالة ، قال : لا شيء عليه ، يتزوّجها بعد إنقضاء عدّتها ، فإنّ النّاس قد يعذرون فيما
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 12 : 488 / أبواب تروك الإحرام ب 45 ح 3 .
ــ[379]ــ
فلا كفّارة على الصبي ولا المجنون ولا الناسي ولا الجاهل بكونها في الحيض ، بل إذا كان جاهلاً بالحكم أيضاً وهو الحرمة وإن كان أحوط . نعم مع الجهل بوجوب الكفّارة بعد العلم بالحرمة لا إشكال في الثّبوت (1) .
[ 749 ] مسألة 6 : المراد بأوّل الحيض ثلثه الأوّل (2) وبوسطه ثلثه الثّاني وبآخره الثّلث الأخير ، فإن كان أيّام حيضها ستّة فكلّ ثلث يومان ، وإن كان سبعة فكلّ ثلث يومان وثلث يوم ، وهكذا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو أعظم من ذلك (1) مع أ نّه لو كان متعمداً في تزويجها حرمت عليه المرأة حرمة دائميّة .
وأمّا ما ورد في بعض الموارد الخاصّة فهو كالخمر ، فإنّه إذا شربه أحد عن جهل بحكمه ولو تقصيراً لم يحدّ ، لأنّ الحدود تدرأ بالشبهات (2) .
وكيف كان فلا تجب الكفّارة على جاهل الحكم مقصّراً أبداً ، إلاّ أن يقوم دليل على وجوبها في مورد خاص .
الجهل بوجوب الكفّارة
(1) إذا علم بالحكم والموضوع إلاّ أ نّه لم يعلم أنّ في مخالفة الحكم كفّارة واجبة مقتضى إطلاق دليل وجوب الكفّارة وجوبها في حقّه ، بل هذا هو الأغلب ، لأنّ المرتكب لا يعلم بوجوب الكفّارة في عمله غالباً .
(2) كما هو المستفاد عرفاً من تقسيم الشيء إلى ثلاثة أقسام ، فإنّ العرف يفهم من مثله أنّ المراد من أوّل الشيء ثلثه الأوّل وهكذا ، فجعل المدار عشرة أيّام وأنّ أوّلها ثلاثة أيّام وثلث يوم وكذا وسطها وآخرها خلاف المتفاهم العرفي من مثله .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 20 : 450 / أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 4 .
(2) الوسائل 28 : 47 / أبواب مقدّمات الحدود ب 24 ح 4 . وراجع ص 32 ب 14 .
|