هل يجب تقديم الوضوء
ثمّ إنّه بناءً على القول بوجوب الوضوء مع الغسل أو بجوازه معه فهل لا بدّ من إتيانه قبل الغسل أو أنّ له أن يأتي به بعده وفي أثنائه إذا كان غسله تدريجيّاً أي ترتيبيّاً ؟
مقتضى المرسلة الثّانية لابن أبي عمير(2) وهي الّتي رواها عن حماد أو غيره جواز الاتيان بالوضوء قبل الغسل وبعده ، وأمّا مرسلته الاُولى(3) الّتي دلّت على أنّ كلّ غسل قبله وضوء إلاّ الجنابة فهي لا تكون مقيّدة لإطلاق المرسلة الثّانية ، لإحتمال كونهما رواية واحدة لأ نّهما مرويتين عن ابن أبي عمير ، ولكن الصحيح أ نّهما روايتان متعددتان ، ومجرّد وقوع ابن أبي عمير في أثناء السندين لا يجعلهما رواية واحدة ، فإن إحداهما يرويها ابن أبي عمير عن رجل ، والاُخرى يرويها عن حَمّاد أو غيره ، وكم فرق بينهما .
ــــــــــــــ
(2) الوسائل 2 : 248 / أبواب الجنابة ب 35 ح 2 .
(3) الوسائل 2 : 248 / أبواب الجنابة ب 35 ح 1 .
ــ[411]ــ
ومع التعدّد لا بدّ من الإلتزام بالتقييد فيما إذا قلنا بوجوب الوضوء مع كلّ غسل سوى الجنابة ، فيتحصّل أنّ الوضوء لا بدّ من وقوعه قبل كلّ غسل ولا يجوز بعده أو في أثنائه .
وأمّا إذا قلنا بجوازه ومشروعيّته فلا يمكننا التقييد ، لأنّ المستحبّات لم يلتزموا فيها بقانون الإطلاق والتقييد بل أخذوا بكليهما ، فإنّه إذا ورد الأمر بزيارة الحسين (عليه السلام) في كلّ يوم وورد الأمر بزيارته في خصوص يوم عاشوراء لا يمكننا تقييـد الحكم بإستحباب زيارة الحسين (عليه السلام) بيوم عاشوراء فقط ، بل نلتزم بأنّ زيارته مستحبّة في كلّ يوم كما أنّها مستحبّة في يوم عاشوراء ، وعليه ففي المقام لا بدّ من الإلتزام بجواز الوضوء وإستحبابه قبل كلّ غسل وبجوازه مطلقاً سواء كان بعده أم قبله ، هذا .
ولكن الصحيح أنّ الوضوء لا بدّ أن يقع قبل كلّ غسل سواء قلنا بإستحبابه أم بوجوبه ، وذلك لما ورد من أنّ الوضوء بعد الغسل بدعة (1) ، فلا مناص من الإلتزام بعدم جوازه بعد الغسل .
ودعوى : أنّ المراد بالغسل في تلك الرّوايات هو غسل الجنابة لا مطلق الأغسال ،
مندفعة : بأن غسل الجنابة لا يجوز الوضوء قبله ولا بعده بمقتضى غير واحد من الأخبار ، ومعه لو حملنا ما دلّ على أنّ الوضوء بعد الغسل بدعة على خصوص الجنابة لزم اللغويّة في كلام الإمام (عليه السلام) ، لأنّ التقييد بالبعديّة لغو ، إذ لا أثر للبعديّة على الفرض .
ثمّ إنّا لو قلنا بلزوم وقوع الوضوء قبل الغسل بالمرسلتين السابقتين فلا يجوز الوضوء لا بعد الغسل ولا في الأثناء لأ نّهما خلاف القبليّة ، وهذا بخلاف ما إذا قلنا بلزوم التقديم من باب ما دلّ على عدم مشروعيّة الوضوء بعد الغسل ، لأنّ الإتيان بالوضوء حينئذ قبل الغسل أو في أثنائه جائز ، لعدم صدق البعديّة عليهما .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 245 / أبواب الجنابة ب 33 .
ــ[412]ــ
والأفضل في جميع الأغسال جعل الوضوء قبلها (1) . ـــــــــــــــــــــــــ
(1) يأتي وجه ما اختاره (قدس سره) في التعليقة الآتية .
|