ــ[12]ــ
المرأة إذا لم يكن حيضاً بأن كان صفرة فهو استحاضة (1) ، فإنها شاملة للدم الخارج من القرحة في الرحم ، فإنه دم ليس بحيض ، أو أنه دم أصفر فهو استحاضة لا محالة هذا .
ولكنّا لم نقف على هذا الاطلاق في الروايات ، وذلك لأنها بأجمعها وردت في المرأة القابلة لأن ترى الحيض تارة ولا تراه اُخرى وأنه إذا لم يكن واجداً لأوصاف الحيض فهو استحاضة ، بمعنى أن نفس الدم الذي كنا نحكم بحيضيته لو كان واجداً للصفات هو الذي نحكم بكونه استحاضة إذا لم يشتمل على تلك الصفات عند دوران الأمر بين الحيض والاستحاضة .
ومن الظاهر أن دم القرحة ليس كذلك ، لأنه لو كان واجداً لأوصاف الحيض لم يكن بحيض ، ولا يكون أمر الدم حينئذ دائراً بين الحيض والاستحاضة ليحكم باستحاضته إذا نفي عنه الحيضية ، للعلم بأنه دم القرحة ، ومعه كيف يحكم بكونه استحاضة إذا لم يكن واجداً لأوصاف الحيض .
نعم ، هناك رواية واحدة قد يتوهم إطلاقها وشمولها للدم الخارج من القرح الداخلي ، وهي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : إذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة ، فإن خرج فيها شيء من الدم فلا تغتسل ، وإن لم تر شيئاً فلتغتسل ، وإن رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ ولتصلّ» (2) .
بدعوى أن قوله (عليه السلام) «وإن رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ» غير مقيد بشيء فيشمل الصفرة الخارجة من القرحة الداخلية .
وهذه الرواية قد تقدم الكلام فيها في بعض الأبحاث السابقة وقلنا إن نسخة الوسائل غير مشتملة على كلمة الصفرة ، وهي موجودة في الكافي(3) والتهذيب(4)
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 278 ، 280 / أبواب الحيض ب 4 ح 1 ، 4 ، 7 ، 8 .
(2) الوسائل 2 : 308 / أبواب الحيض ب 17 ح 1 .
(3) الكافي 3 : 80 / 2 .
(4) التهذيب 1 : 161 / 460 .
ــ[13]ــ
فليراجع ، وذكرنا أيضاً أن هذه الرواية من الأدلّة الدالة على أن الاغتسال إنما يجب بانقطاع الدم من الخارج والداخل ، ولا يجب مع وجوده في المجرى وفضاء الفرج .
وكيف كان هي أيضاً لا إطلاق لها لعين ما قدمناه في الجواب عن دعوى الاطلاق في الأخبار ، على أن قوله (عليه السلام) «وإن رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ» إنما هو في قبال ما إذا خرج فيها شيء من الدم فلا تغتسل ، ومعناه أنها مع الصفرة لا تعتني باحتمال الحيض ، فالجملة المذكورة مسوقة لبيان ذلك لا أنها مسوقة لبيان أن ما كان من الصفرة ولو من القرح والجرح فهو استحاضة .
مع أن الرواية محمولة على ما إذا رأت الصفرة قبل انقضاء عشرة أيام ، وذلك لأنها لو كانت خارجة بعدها لم يفرق في الحكم بعدم كونها حيضاً وبوجـوب الوضـوء والصلاة بين كونه أصفر وكونه أحمر ، فالتقييد بكونه أصفر إنما يصح فيما إذا كان قبل العشرة ، إذ لو كان الدم الخارج قبلها أحمر لحكم بحيضيته ، لأنّ ما تراه المرأة قبل العشرة فهو من الحيضة الاُولى ، وأمّا إذا رأت صفرة بعد رؤيتها الدم أيام عادتها وقبل انقضاء العشرة فهي استحاضة ، لأن الصفرة في غير أيام العادة ليست بحيض ، وإذا كان الأمر كذلك فيظهر أن الحكم بالاستحاضة في الصفرة إنما هو فيما لو كانت الصفرة متبدلة بالحمرة لحكمنا بكونها حيضاً ، وهذا غير متحقق في الدم الخارج من القرح الداخلي ، لأنه لو كان في أعلى مراتب الحمرة أيضاً لم نقل بحيضيته للعلم بأنه من القرح ، فكيف يحكم باستحاضته إذا لم يكن واجداً لأوصاف الحيض . هذا كله في واقع الدم الخارج من المرأة .
الشك في أنّ الدم استحاضة
وقد تلخص من جميع ما ذكرناه في المقام أن الدم الخارج من المرأة بحسب الواقع ونفس الأمر منحصر في دم الحيض والاستحاضة والعُذرة والقرحة والولادة .
وأمّا إذا شك في أن الدم الخارج استحاضة أو ليس باستحاضة فيما إذا علمنا بعدم كونه حيضاً، بأن دار أمر الدم بين الاستحاضة ودم القرح مثلاً ـ وأمّا مع الشك في كونه
|