الشك في كون الدم استحاضة أو غير الحيض كدم القرح 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 11097


   الصورة الثانية : ما إذا علمنا بعدم كون الدم حيضاً ولكن شك في أنه دم استحاضة أو دم قرح أو غيرهما . ولهذه الصورة أيضاً صورتان :

   إحداهما : ما إذا لم يعلم وجود السبب لمثل دم القرح أو الجرح ، ولكن المرأة


ــ[15]ــ

احتملت أن يكون الدم الخارج منها استحاضة أو دم قرحة في باطنها وإن لم تعلم بوجود القرحة .

   وثانيتهما : ما إذا علمت بوجود السبب لدم القرح أو غيره ، كما لو كانت عالمة بأن في رحمها قرحة لكنها لا تدري أن الدم الخارج استحاضة اقتضاها طبعها أو أنه دم يخرج من القرحة الموجودة في رحمها .

    إذا لم يعلم السبب للدم الخارج

   أمّا الصورة الاُولى فمقتضى القاعدة والأصل عدم الحكم بكونه استحاضة حينئذ وذلك لعدم إمكان التمسّك في الحكم باستحاضته بالأخبار المتقدِّمة ، لورودها بأجمعها كما ذكرنا فيما إذا تردّد الدم بين الحيض والاستحاضة ، وأمّا إذا علمنا بعدم كونه حيضاً وتردّد الدم بين الاستحاضة وغيرها فلا دلالة في الأخبار على أنه استحاضة ، فالأخبار غير شاملة للمقام .

   وحيث إن الشبهة مصداقية وموضوعية فلا يمكن التمسك فيها بما ورد في أحكام المستحاضة من الاغتسال لكل صلاتين أو لكل يوم ونحو ذلك لعدم العلم بكونه دم استحاضة ، كما أن الأصل يقتضي عدم ترتيب آثار الحدث عليه ، لأن المرأة إما أن تكون طاهرة قبل خروج الدم المشكوك وإما أن تكون محدثة ، فإن كانت طاهرة وشككنا في صيرورتها محدثة بهذا الدم أو عدمها فالأصل يقتضي بقاء طهارتها وعدم صيرورتها محدثة . وإذا كانت محدثة فتشك في حدوث سبب ثان للحدث في حقها وعدمه ، والأصل يقتضي عدم تحقق سبب آخر للحدث في حقها ، هذا .

   ولكن الصحيح وفاقاً لأكثر الفقـهاء هو الحكم على الدم بالاسـتحاضة حينئذ وذلك للسيرة العقلائية الجارية على البناء على السلامة في كل شيء شك في سلامته وهو المعبر عنه بأصالة السلامة ، فإذا شكت المرأة في أنها سليمة أو أنها ذات قرحة وعلّة فلا مناص من البناء على سلامتها عن العيب والعلّة ، وهكذا الأمر في غير القرح ممّا يعد عيباً وعلى خلاف السلامة والخلقة الأصلية .

ــ[16]ــ

   فإذا ثبت شرعاً أنها ليست بذات قرحة وعلة فلا محالة يتعين أن يكون الدم استحاضة ، لدوران الأمر بينهما على الفرض ، والاستحاضة وإن كانت مسببة عن علّة لا محالة ، فإن المرأة لو كانت سليمة وغير ذات علة وإن لم توجد إلاّ نادراً لا تبتلي بالاستحاضة أبداً ، فهي على خلاف الخلقة الأصلية إلاّ أنها لما كانت كثيرة التحقق في أكثر النساء بل جميعهن فلذا لا تعد الاستحاضة عيباً ، فكأنها صارت طبيعة ثانية للنساء لا يمكن دفع احتمالها بأصالة السلامة .

   ونظير ذلك ما ذكروه في الأغلف من العبيد المجلوبين من بلاد الكفر من أن الغُلفة وإن كانت زائدة على الخلقة الأصلية إلاّ أنها لتحققها في الأكثر أو الجميع عدت طبيعة ثانوية ولا تعد نقصاً وعيباً .

   وكيف كان فمقتضى أصالة السلامة التي هي أصل عقلائي هو الحكم بكون الدم استحاضة حينئذ .

   ويدل على ذلك أيضاً سكوت الأخبار الواردة في المقام على كثرتها عن التعرض لما إذا احتمل أن يكون الدم من القرحة ، حيث لا تعرض فيها لحكمه لا من الأئمة (عليهم السلام) ولا من الرواة ، فلو كان له حكم آخر غير أحكام الاستحاضة التي رتبوها على ما إذا لم يكن الدم حيضاً لبينه الأئمة (سلام الله عليهم) وتعرضوا له لا محالة ، فسكوتهم عن ذلك دليل على أن احتمال كون الدم من القرح ونحوه ملغى في نظرهم .

   بل في مرسلة يونس القصيرة تعرضوا لكون الدم من القرحة فيما إذا رأت الدم يوماً أو يومين وانقطع ولم تر الدم بعد ذلك إلى عشرة أيام حيث قال : «لم يكن من الحيض إنما كان من علّة ، إما قرحة في جوفها وإما من الجوف ، فعليها أن تعيد الصلاة تلك اليومين التي تركتها ، لأنها لم تكن حائضاً ...» (1) إلاّ أنها صرحت أن حكمها حينئذ حكم الاستحاضة ، حيث نفت عنها الحيض وأوجبت عليها القضاء ، وهذا لا يتحقق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 299 / أبواب الحيض ب 12 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net