زمان اغتسال المستحاضة المتوسطة - وجوب الوضوء لكل صلاة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6444


ــ[51]ــ

   إلاّ أن دلالتها على وجوب الأغسال الثلاثة في الاستحاضة المتوسطة إنما هي بالاطلاق ، ولا مناص من تقييده بصحيحة زرارة (1) الدالة على أن وجوب الأغسال الثلاثة إنما هو مع تجاوز الدم عن الكرسف ، وأمّا إذا ثقب ولم يتجاوز عنه فلا يجب عليه إلاّ غسل واحد .

   وهذه الرواية غير قابلة للمناقشة في دلالتها ولا في سندها ، ومعه لابدّ من تقييد صحيحة معاوية بن عمار وغيرها من المطلقات بما إذا كان الثقب مع التجاوز .

    تعيين محل الاغتسال

   وبعدما ظهر لك أن الواجب في الاستحاضة المتوسطة غسل واحد يقع الكلام في محلِّه وأنها تغتسل في أيّ موضع ، فإن غاية ما يستفاد من الأخبار الواردة في المقام أن الغسل شرط لواحدة من صلواتها ، فلها أن تأتي به بعد صلاة المغرب إذ به يتحقق الشرط ، فلزوم الاتيان به قبل صلاة الغداة كما ذهب إليه المشهور أمر لا موجب له .

   وقد يقال : إن الأخبار وإن كانت مطلقة إلاّ أن الاجماع قام على لزوم الاتيان به قبل الغداة فيما إذا استحيضت قبلها ، وهو المقيد لاطلاقات الأخبار ، هذا .

   ولا يخفى أنه يمكن استفادة ما ذهب إليه المشهور من لزوم الغسل قبل الغداة فيما إذا كانت الاستحاضة قبلها من نفس صحيحة زرارة من دون حاجة في ذلك إلى الاجماع وذلك لقوله (عليه السلام) «فإن جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت ، ثم صلّت الغداة بغسل، والظهر والعصر بغسل، والمغرب والعشاء بغسل، وإن لم يجز الدم الكرسف صلّت بغسل واحد» (2) .

   وذلك بتقريب أن قوله (عليه السلام) مع تجاوز الدم إنها صلّت الغداة بغسل ، معناه أنها تغتسل قبل صلاة الصبح ، وإلاّ لو اغتسلت بعدها لم يصدق أنها صلّت الغداة بغسل ، وهكذا الحال في صلاتي الظهرين وصلاتي المغرب والعشاء . وعليه فمع تجاوز

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 373 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 5 .

(2) الوسائل 2 : 373 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 5 .

ــ[52]ــ

الدم وجب عليها أغسال ثلاثة قبل الصلوات .

   وأمّا مع عدم تجاوز الدم فلم يوجب عليها إلاّ غسل واحد ، لقوله «صلّت بغسل واحد» ، ومعناه في قبال ما تقدّم عند تجاوز الدم أنها أتت بالغسل قبل الصلاة وصلّت تلك الصلوات التي وجب أن تأتي بها مع تجاوز الدم بثلاثة أغسال قبلها بغسل واحد قبلها ، ولا يلزم التعدد في الغسل مع عدم التجاوز ، وإنما يجب أن تأتي بالصلوات بغسل واحد .

   وعليه فيستفاد من الرواية لزوم اغتسالها قبل صلاة الغداة ليصدق أنها أتت بصلاتها بغسل واحد ، ومعه يكون الغسل من قبيل الشرط المتقدم لصلوات المستحاضة في القسم المتوسط منها ، ولا يكون من قبيل الشرط المتأخر لها ولا شرطاً لواحدة من صلواتها .

   بل يمكن استفادة ذلك من الموثقة (1) أيضاً ، فإن المستفاد من قوله (عليه السلام) «وإن لم يجز الدم فعليها الغسل لكل يوم مرّة» ـ  في قبال ما تقدمه من قوله (عليه السلام) «إذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين وللفجر غسلاً» بقرينة ما ارتكز في الأذهان من أن الغسل كالوضوء شرط متقدم على الصلاة  ـ أن عليها غسلاً واحداً لصلواتها اليومية ، أي يجب عليها أن تغتسل مرة واحدة قبل صلواتها اليومية .

   ولأن المراد بذلك الغسل هو الغسل الواجب ثلاث مرات في الكثيرة ، وغاية الأمر أن التعدد غير واجب في المتوسطة ، وقد عرفت أن الغسل في الأغسال الثلاثة معتبر من باب الشرط المتقدم ، فيكون الغسل الواحد في المتوسطة كذلك .

   فتحصل : أن الغسل الواحد يعتبر أن تأتي به المرأة فيما بين استحاضتها وأول صلاة تأتي بها ، فإذا كانت استحاضتها قبل الغداة فتأتي به بين استحاضتها وبين صلاة الغداة وإذا كانت واقعة قبل الزوال تأتي بالغسل بعد استحاضتها وقبل صلاة الظهر وهكذا هذا كلّه فيما ذكروه من وجوب الغسل على المستحاضة بالاستحاضة المتوسطة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 374 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 6 .

ــ[53]ــ

    وجوب الوضوء لكل صلاة

   بقي الكلام فيما ذكروه من وجوب الوضوء عليها لكل صلاة مع أن صحيحة زرارة(1) لم تتعرض لوجوب الوضوء عليها لكل صلاة ، وكذا صحيحة معاوية(2) لأنها إنما دلّت على أنها تتوضأ فحسب ، وأمّا أنها تتوضأ لكل صلاة فلا دلالة لها عليه .

   هذا والصحيح ما ذكره المشهور من وجوب الوضوء عليها لكل صلاة ، لأمرين :

   أحدهما: صحيحة زرارة من جهة القرينة الخارجية، وذلك لبُعد أن تبقى المستحاضة على طهارتها من أوّل الصبح إلى آخر وقت العشاء ، لأنه لا يتحقق أصلاً أو يتحقق نادراً ، ومع كونها محدثة بشيء من الأحداث بعد غسلها أول الصبح إما أن تصلِّي مع الحدث وإما أن يجب عليها الوضوء والصلاة ، والأول لا يمكن الالتزام به ، فيتعين الثاني وهو المطلوب ، وقوله «صلّت بغسل واحد» لا نظر له إلى عدم وجوب الوضوء مع الغسل ، بل هو قبال الغسل المتعدد ويدل على أن الغسل لا يجب تعدده عليها .

   وهذا الوجه يمكن المناقشة فيه بأن بقاء المستحاضة إلى آخر العشاء على طهارتها وإن كان بعيداً إلاّ أنها تتمكن من البقاء عليها بمقدار صلاتين ، فمع طهارتها لماذا يجب عليها الوضوء للصلاة الثانية ، أو ننقل الكلام إلى صلاة الغـداة التي اغتسلت قبلها لأيّ وجه يجب عليها أن تتوضأ لصلاة الغداة .

   الثاني : وهو العمدة موثقة سماعة «وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة والوضوء لكل صلاة» (3) ، لما تقدم من أن حمل «لم يجز» على لم يثقب خلاف الظاهر ولا يمكن الالتزام به بل هو باق بمعناه ، وهو مقيد لاطلاق الجملة السابقة عليه «إذا ثقب الدم الكرسف» ، نظير قوله تعالى (إذا قُمْتُم إلَى الصَّلاَةِ ... وإن كُنْتُم جُنُباً فاطَّهَّرُوا )(4) وقد مر الكلام فيه مفصلاً .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 373 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 5 .

(2) الوسائل 2 : 371 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 1 وفي ذيلها : «وصلّت كل صلاة بوضوء» .

(3) الوسائل 2 : 374 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 6 .

(4) المائدة 5 : 6 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net