ــ[54]ــ
والثالثة : أن يسيل الدم من القطنة إلى الخرفة ، ويجب فيها ـ مضافاً إلى ما ذكر وإلى تبديل الخرقة أو تطهيرها ـ غُسل آخر للظهرين تجمع بينهما ، وغسل للعشاءين تجمع بينهما ، والأولى كونه في آخر وقت فضيلة الاُولى حتى يكون كل من الصلاتين في وقت الفضيلة (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا تخصيص لما قدّمناه(1) من أن كل غسل يغني عن الوضوء ، وأشرنا إلى أن الاستحاضة المتوسطة خارجة عن ذلك بالنصوص الخاصة المعتبرة .
الاستحاضة الكثيرة
(1) وقد ذكروا أن المرأة في الاستحاضة الكثيرة يجب عليها تبديل القطنة والخرقة ويجب عليها الاغتسال ثلاث مرات : لصلاة الغداة والظهرين والعشاءين ، ويجب عليها الوضوء لكل صلاة .
أمّا تبديل القطنة فإن قلنا بوجوبه في المتوسطة فلابد من الالتزام به في الكثيرة بطريق أولى ، لأنها لا تنقص عن المتوسطة لكثرة دمها ، وأمّا إذا لم نقل بوجوبه في المتوسطة فهل يجب الالتزام به في الكثيرة ؟
قد يقال : إن وجوبه مطابق للقاعدة ، وقد عرفت الجواب عنه (2) .
وقد يقال بوجوبه من جهة النص ، وهو صحيح صفوان عن أبي الحسن (عليه السلام) قال «قلت له : إذا مكثت المرأة عشرة أيام ترى الدم ، ثم طهرت فمكثت ثلاثة أيام طاهراً ، ثم رأت الدم بعد ذلك أتمسك عن الصلاة ؟ قال : لا ، هذه مستحاضة تغتسل وتستدخل قطنة بعد قطنة ، وتجمع بين صلاتين بغسل ، ويأتيها زوجها إن أراد» (3) ، حيث دلت على وجوب استدخال قطنة بعد قطنة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في شرح العروة 7 : 402 .
(2) في الصحفة 18 .
(3) الوسائل 2 : 372 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 3 .
ــ[55]ــ
وفيه أوّلاً : أن غاية ما يمكن استفادته من الرواية وجوب إدخال القطنة بعد القطنة ، وأمّا وجوب إخراج القطنة الاُولى فلا دلالة لها عليه ، بل للمرأة أن تستدخل قطنة اُخرى على القطنة الاُولى ، وتستدخل قطنة ثالثة بعد الثانية ورابعة بعد الثالثة بمقدار يسعه المحل ، إذ لم تدل الرواية على وجوب إخراج القطنة السابقة .
وثانياً : أن الرواية لم تدل على وجوب إدخال القطنة بعد القطنة للصلاة كما هو المدعى ، وإنما هي بصدد بيان الوظيفة للمستحاضة في نفسها ولو لغير الصلاة، وذلك دفعاً لخروج الدم وتنجس أطراف المحل واللباس ، فلا دلالة لها على المدعى .
فنبقى نحن ومقتضى القاعدة ، وقد ذكرنا عدم البأس بالصلاة في المحمول المتنجس الباطني ، فإن القطنة محمولة في الباطن . فهذا الحكم لا دليل عليه بمعنى أن بطلان الصلاة حينئذ يتوقف على القول بأن دم الاستحاضة ولو في المحمول الباطني يقتضي بطلان الصلاة .
وأيضاً ربما يستدل على وجوب تبديل القطنة عليها برواية الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : المستحاضة تقعد أيام قرئها ثم تحتاط بيوم أو يومين ، فإن هي رأت طهراً اغتسلت ، وإن هي لم تر طهراً اغتسلت واحتشت فلا تزال تصلِّي بذلك الغسل حتى يظهر الدم على الكرسف ، فإذا ظهر أعادت الغسل وأعادت الكرسف» (1) .
إلاّ أنها ضعيفة السند أولاً بقاسم بن محمد الجوهري . وقاصرة الدلالة ثانياً ، وذلك لأن غاية ما هناك أن تدل على وجوب تجديد الكرسف على تقدير إخراجه لئلاّ يتنجس به أطراف المحل عند إعادته ، وأمّا إذا لم تخرجه فلا يجب عليها التجديد ، إذ لا دلالة لها على وجوب إخراج الكرسف على المرأة ، وعليه فهذا الحكم مبني على الاحتياط ولا دليل عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 375 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 10 ، والقاسم بن محمد الجوهري ثقة ، لوجوده في أسناد كامل الزيارات .
|