الكلام في وجوب اختبار المستحاضة للعلم بأ نّها من أيّ قسم 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6210


ــ[76]ــ

   [ 790 ] مسألة 4 : يجب على المستحاضة اختبار حالها وأنّها من أيّ قسم من الأقسام الثلاثة بإدخال قطنة والصبر قليلاً ثم إخراجها وملاحـظتها لتعمل بمقتضى وظيفتها ، وإذا صلّت من غير اختبار بطلت إلاّ مع مطابقة الواقع وحصول قصد القربة كما في حالة الغفلة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفجر ، بل مقتضى الاحتياط أن تغتسل لصلاة الليل رجاء ، لما قدمناه من عدم مشروعية الغسل للنوافل واختصاصها بالفرائض فحسب .

    وجوب الاختبار على المستحاضة

   (1) إذا رأت المرأة الدم وحكم عليه بكونه استحاضة إما لكونه في غير أيام العادة وإما لكونه أصفر ولم تعلم المرأة أنه من أيّ قسم من الأقسام الثلاثة ، وأنه هل يجب عليها الغسل مرة أو ثلاث مرات أو لا يجب أصلاً ، ذكروا أن الفحص واجب عليها حينئذ لتعمل بمقتضى حالها .

   والكلام في ذلك يقع في مقامين :

   أحدهما : فيما تقتضيه القاعدة .

   وثانيهما : فيما يستفاد من الأخبار الواردة في المقام .

   أمّا المقام الأوّل قد يقال إن مقتضى القاعدة وجوب الفحص والاختبار ، لأن الرجوع إلى البراءة أو غيرها من الاُصول النافية في أمثال المقام موجب للعلم بوقوع المكلفات في مخالفة الواقع كثيراً ، وقد نسب إلى المشهور في جملة من الشبهات الموضوعية القول بوجوب الفحص دون إجراء البراءة مع أن المورد مورد البراءة لأجل ما ااشرنا إليه من أن الرجوع فيها إلى الاُصول النافية مستلزم للعلم بوقوع أكثر المكلفين في مخالفة الواقع كثيراً ، كما إذا شك في الاستطاعة أو بلوغ المال النصاب أو في زيادته على المؤونة ونحوها ، وفي المقام أيضاً لا بدّ من القول بوجوب الفحص وإن كانت الشبهة موضوعية ومورداً للبراءة في نفسه ، وذلك لوقوع النساء في مخالفة الواقع لو جرت الاُصول عند الشك في أقسام الاستحاضة ، هذا .

ــ[77]ــ

   وقد أجبنا عن ذلك في محلِّه(1) بأن إطلاقات أدلة الاُصول لا يمكن تقييدها بهذا الوجه الاعتباري ، لأن العلم بوقوع المكلفين في مخالفة الواقع لو كان مانعاً عن إجراء الاُصول لم يمكن إجراء شيء منها في مواردها ، فإن مثل أصالة الطهارة لا إشكال في مخالفتها للواقع في بعض الموارد بالاضافة إلى المكلفين ، لعدم احتمال مطابقتها الواقع دائماً في حق كل من شك في طهارة شيء ، غاية الأمر أن موارد المخالفة في مثل أصالة الطهارة أقل من البراءة في موارد الشك في الاستطاعة ونحوها ، إلاّ أن قلة موارد المخالفة وكثرتها لا تكون فارقة في المقام ، فهذا لا يكون مانعاً عن جريان الاُصول .

   نعم ، لو علم المكلف أنه يقع بنفسه في مخالفة الواقع على تقدير إجرائه الأصل ولو في بعض الموارد كان هذا مانعاً عن جريانه للعلم بالمخالفة القطعية حينئذ ، وهذا ما سنشير إليه في القريب .

   وأمّا العلم بأنه وغيره من المكلفين يقع في مخالفة الواقع فهو لا يمنع عن جريان الأصل بالاضافة إلى المكلف الشاك في التكليف ، فهذا الوجه ساقط .

   والصحيح في المقام أن يقال إن المرأة إذا كانت ملتفتة إلى حالها وأنها تبتلي بالاستحاضة بعد ذلك أيضاً مرات كثيرة في عمرها فلو أجرت الاُصول النافية من البراءة عن وجوب الغسل أو الأغسال أو استصحاب عدم ثقب الدم أو عدم تجاوزه معه في جميع أيام استحاضتها لوقعت في مخالفة الواقع في بعض الموارد ، فمقتضى علمها الاجمالي هذا وجوب الفحص والاختبار في حقها وعدم جريان الاُصول في أطرافه ، وذلك لما بيناه في محلِّه(2) من أن تنجيز العلم الاجمالي وعدم جريان الأصل في أطرافه لايختص بما إذا كانت الأطراف دفعية ، بل إذا كانت تدريجية أيضاً لم تجر فيها الاُصول .

   كما لا يفرق في التدريجية بين ما إذا كان متعلق الحكم تدريجياً وما إذا كان الحكم تدريجياً في نفسه كما في المقام ، على ما أسلفناه في محلِّه .

   وأمّا إذا لم تلتفت إلى ذلك ـ  أي إلى أنها تستحاض كثيراً في عمرها  ـ أو التفتت إلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع مصباح الاُصول  2 : 510  الجهة السادسة .

(2) راجع مصباح الاُصول  2 : 368  التنبيه السادس .

ــ[78]ــ

ذلك إلاّ أنها احتملت مطابقة الاُصول الجارية فيها للواقع ولم يحصل لها علم إجمالي بالمخالفة ولم تعلم أنها تقع في مخالفة الواقع على تقدير إجرائها الاُصول النافية فمقتضى البراءة عدم وجوب الغسل في حقها لا مرّة ولا ثلاثاً ، كما أن مقتضى الأصل عدم ثقب الدم وعدم تجاوزه ، لأن المتيقن إنما هو كون المرأة مستحاضة ، وأمّا ثقب الدم أو تجاوزه فهو مشكوك فيه فيدفع بالأصل ، فهذا الوجه لا يكون دليلاً في المقام لأنه أخص من المدعى ، فالعمدة هي الأخبار .

   وأمّا المقام الثاني فلا إشكال في وجوب الفحص في حقها بالنظر إلى الأخبار ، لما ورد في صحيحة عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «سألته عن المسـتحاضة ـ إلى أن قال ـ  ولتسـتدخل كرسفاً فإن ظهر عن (على) الكرسف فلتغتسل ...» (1) .

   وفي الصحيح المروي في المعتبر عن كتاب المشيخة لأبن محبوب عن أبي جعفر (عليه السلام) «في الحائض إذا رأت دماً ـ إلى أن قال ـ ثم تمسك قطنة ، فإن صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين كل صلاتين بغسل» (2) ، حيث دلّتا على أن المستحاضة ـ  أي التي رأت الدم بعد حيضها  ـ يجب أن تختبر حالها بإدخال الكرسف والقطنة ، كما دلّتا على عدم جريان استصحاب عدم زيادة الدم أو تجاوزه وثقبه ، وهذا تخصيص في أدلّة الاُصول وإلحاق للشبهة الموضوعية بالشبهات الحكمية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 . 375 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 8 .

(2) الوسائل 2 : 377 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 14 ،  المعتبر 1 : 215 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net