رؤية الدم بعد عشرة أيّام من الولادة - حكم تجاوز دم النّفاس عن العشرة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6225


ــ[174]ــ

وإن لم تر دماً في العشرة فلا نفاس لها (1) ، وإن رأت في العشرة وتجاوزها فإن كانت ذات عادة في الحيض أخذت بعادتها سواء كانت عشرة أو أقل وعملت بعدها عمل المستحاضة وإن كان الأحوط الجمع إلى ثمانية عشر كما مرّ . وإن لم تكن ذات عادة كالمبتدئة والمضطربة فنفاسها عشرة ((1)) أيام ، وتعمل بعدها عمل المستحاضة مع استحباب الاحتياط المذكور (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاطلاقات . هذا في النّفساء ذات العادة ، فإذا كان النقاء المتخلل بحكم النّفاس في ذات العادة كان الحكم كذلك في غير ذات العادة ، لعدم الفرق بينهما من حيث النقاء .

    لا نفاس لها إذا لم تر دماً في العشرة

   (1) أمّا على مسلكه (قدس سره) من أن مبدأ الحساب في العشرة وفي أيام العادة هو الولادة ، فلأن أيام النّفاس قد انقضت ورأت الدم بعد العشرة فلا نفاس لها .

   وأمّا بناء على أن مبدأ الحساب زمان رؤية الدم ـ كما هو الصحيح ، لأن الأحكام مترتبة على رؤيته ولا أثر للولادة المجردة ـ فلأن الأحكام مترتبة على رؤية دم النّفاس أي الدم المستند إلى الولادة ، ومن المطمأن به أن الدم الخارج بعد الولادة بعشرة أيام غير مستند إلى الولادة ، وإنما يستند إلى الاستحاضة وغيرها ، ولا أقل من الشك في استناده إلى الولادة ، ومعه لا يحكم عليه بالأحكام المترتبة على النّفاس .

    إذا تجاوز دمها عن العشرة

   (2) وذلك أمّا في ذات العادة فللأخبار الدالّة على أن النّفساء تقعد أيامها التي كانت تقعد فيها في حيضها ، أو أيام قرئها (2) ، وهذا ظاهر .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأحوط لغير ذات العادة أن تأخذ بعادة أرحامها ثمّ تحتاط إلى العشرة .

(2) الوسائل 2 : 381 و 382 / أبواب النّفاس ب 1 و 3 .

ــ[175]ــ

   وأمّا غير ذات العادة كما إذا ولدت من غير أن ترى الحيض وإن كان بعيداً أو ترى الحيض إلاّ أنها غير مستقرة العادة فنفاسها عشرة أيام .

   والحكم في غير ذات العادة بأن نفاسها عشرة أيام مع أنه لم يرد في شيء من النصوص ـ والأخبار المتقدِّمة دلّت على أن الزائد عن العشرة ليس بنفاس ولم تدلّ على أن نفاس غير ذات العادة عشرة أيام ـ إنما هو من جهة أن المطلقات الواردة في أن النّفساء تترك صلاتها وصيامها (1) قد أثبتت الحكم على عنوان النّفساء من غير أن تحدّد النّفساء بشيء ، واللاّزم حينئذ الرجوع في تعيين موضوع النّفسـاء إلى العرف ولا إشكال في صدقه على المرأة إلى عشرة أيام ، والعشرة هي القدر المتيقن بين جميع المسلمين كما مرّ .

   بل لولا الأخبار الواردة في التحديد وأن النّفاس لا يزيد على العشرة كنّا نرجع إلى الصدق العرفي في الزائد عن العشرة أيضاً ، فإن النّفساء يصدق على الوالدة إلى شهر بل إلى شهرين إذا استمر دمها ، وإنما لا يرجع إليه في الزائد للأخبار المحددة . وحيث لا تحديد في غير الزائد فلا مناص من الرجوع إلى العرف ، فالحكم بالنفاس إلى عشرة أيام لا يحتاج إلى دليل ، فإذا تحققت الصغرى بالصدق العرفي انضمت إليها الكبرى المتقدمة ، وبهما يحكم بأن النّفاس في غير ذات العادة عشرة أيام .

   وعلى الجملة : إن الحكم بالنفاس إلى عشرة لا يحتاج إلى دليل ، وإنما المحتاج إلى الدليل هو الحكم به فيما زاد على العشرة وإن كان الأحوط هو الجمع إلى ثمانية عشر يوماً كما مرّ .

   هذا بحسب الفتوى ، والأحوط في غير ذات العادة أن ترجع إلى عادة نسائها من اُمّها أو اُختها ثم تحتاط إلى العشرة .

   والوجه في ذلك : رواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : النّفساء إذا ابتليت بأيام كثيرة مكثت مثل أيامها التي كانت تجلس قبل ذلك ، فاستظهرت بمثل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 381 ، 382 ، 394 / أبواب النّفاس ب 1 ، 3 ، 6 وغيرها .

ــ[176]ــ

ثلثي أيامها ثم تغتسل وتحتشي وتصنع كما تصنع المستحاضة ، وإن كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت جلست بمثل أيام اُمّها أو اُختها أو خالتها واستظهرت بثلثي ذلك ثم صنعت كما تصنع المستحاضة ، تحتشي وتغتسل» (1) .

   حيث دلّت على أن المبتدئة ترجع إلى عادة نسائها ، إلاّ أنها غير قابلة للاستدلال بها على الوجوب، لضعف سندها بيعقوب الأحمر وبعدم توثيق سند الشيخ إلى علي بن حسن بن فضال(2) ، ومدلولها يشتمل على أمرين لا يلتزم بهما المشهور ، بل لا قائل بأحدهما من أصحابنا فيما نعلم .

   أحدهما : اشتمالها على أنها تستظهر بثلثي أيامها ، فإنّه قد يستلزم زيادة نفاسها على عشرة أيّام كما إذا كانت عادتها تسعة أيام ، فإنها إذا انضمت إلى الستّة الّتي هي ثلثا أيامها كانت أيام نفاسها خمسة عشر يوماً ، وهو خلاف المشهور كما مرّ .

   وثانيهما : اشتمالها على أنّها ترجع إلى أيام عادتها في النّفاس لا في الحيض ، حيث قال «وإن كانت لا تعرف أيام نفاسها ... » لدلالته على أنّ المراد بالأيام في الرواية هو أيام النّفاس دون الحيض ، وهو مما لا قائل به فيما نعلم وإن كان ظاهر صاحب الوسائل أ نّه يقول به .

   وقد ورد ذلك في رواية محمّد بن يحيى الخثعمي قال «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن النّفساء ، فقال : كما كانت تكون مع ما مضى من أولادها وما جرّبت قلت : فلم تلد فيما مضى ، قال : بين الأربعين إلى الخمسين» (3) .

   إلاّ أنّها ضعيفة السند بالقاسم بن محمّد الجوهري (4) ولأجله احتطنا برجوع غير ذات العادة إلى عادة نسائها ثمّ الاحتياط بالجمع إلى العشرة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 389 / أبواب النّفاس ب 3 ح 20 .

(2) وقد عرفت الكلام في ذلك قريباً في الصفحة 171 .

(3) الوسائل 2 : 388 /  أبواب النّفاس ب 3 ح 18 .

(4) وقد عدل عن ذلك (دام ظلّه) أخيراً وبنى على وثاقة كل من وقع في أسانيد كامل الزيارات ، والقاسم بن محمّد الجوهري كذلك .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net