تعدّد الولادة أو خروج الطفل قطعة قطعة مع فصل زماني 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6079


ــ[183]ــ

   [ 814 ] مسألة 5 : إذا خرج بعض الطفل وطالت المدة إلى أن خرج تمامه فالنّفاس من حين خروج ذلك البعض إذا  كان معه دم وإن كان مبدأ العشرة من حين التمام كما مرّ ، بل وكذا لو خرج قطعة قطعة وإن طال إلى شهر أو أزيد فمجموع الشهر نفاس ((1)) إذا استمرّ الدم ، وإن تخـلّل نقاء فإن كان عشرة فطهر وإن كان أقل تحتاط بالجمع بين أحكام الطاهر والنّفساء (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا يكون الأوّل حيضاً ، وحيث إنّ الدم الثاني نفاس بالوجدان فلا بدّ من الحكم بعدم حيضية الدم الأوّل .

   وذلك لأن هذا التقريب لا يأتي في المقام ولا يمكن نفي النّفاسية عن الدم الأوّل ولا عن الثاني ، لأ نّهما نفاس بالوجدان وخارجان بالولادة ، فلا مانع من الحكم بنفاسية الدم الأوّل إذا ولدت ورأت الدم إلى خمسة أيام مثلاً ثمّ انقطع مدّة أقل من عشرة ، ولا مانع من الحكم بنفاسية الدم الثاني إذا ولدت بعد تلك المدّة .

    إذا خرج بعض الطفل بعد فصل طويل

   (1) في المقام مسائل ثلاثة :

   المسألة الاُولى : أنّ الولادة إذا تعدّدت وكانت كل واحدة منها ولادة مستقلّة ، كما إذا ولدت ولداً ورأت الدم وبعد خمسة أيام ولدت ولداً آخر ورأت الدم وبعد خمسة أيام ولدت ولداً ثالثاً .

   ولا إشكال في أن كل واحدة من الولادات موضوع مستقل ولها حكمها ، وتحسب العشرة أو أيام العادة بعد رؤية الدم عقيب كل ولادة ، وذلك لاطلاق الدليل وعدم التقييد بالوحدة أو التعدد ، فتنقضي العشرة نفاس الولادة الاُولى في اليوم العاشر ، وفي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا على تقدير أن لا يكون الفصل بين القطعات أزيد من عشرة أيام والاّ لم يكن الزائد على العشرة نفاساً ، ومنه يظهر الحال في النقـاء بعد العشرة ، وأما النقاء المتخـلّل فقد مرّ حكمـه [ في المسألة 811 ] .

ــ[184]ــ

الولادة الثانية في اليوم الخامسّ عشر ، وفي الولادة الثالثة في اليوم العشرين وهكذا .

   وتتداخل ولادتان أو أكثر في مقدار من العشرة ، فإنّ الولادة الاُولى والثانية في الخمسة الوسطى أي من اليوم الخامسّ إلى العاشر متداخلتان ، وكيف كان فكل واحدة من الولادات موضوع مستقل له حكمه وإن كان يبلغ مجموع نفاس المرأة في الولادتين أو الولادات عشرين يوماً أو أكثر .

   وهذا لا ينافي كون أكثر النّفاس عشرة أيام ، لأن أكثره عشرة في نفاس واحد لا في نفاسين أو أكثر ، وإلاّ قد يبلغ مجموع نفاس المرأة في عمرها سنة أو أقل أو أكثر ، وعلى الجملة إن كل ولادة موضوع مستقل له حكمه من النّفاس بعدها ، أيام العادة أو عشرة أيام .

   فما نسب إلى ظاهر كلام بعضهم من كونها بمنزلة نفاس واحد ممّا لا يمكن المساعدة عليه . وكان ينبغي أن يتعرض المصنف لهذه المسألة قبل ما بيدنا من المسألة ، إلاّ أ نّه تعرض لها في المسألة الآتية .

   ثمّ إنّ النقاء بين الولادتين إن كان عشرة أيام أو أكثر فلا إشكال في أ نّه بحكم الطّهر ، لعدم الدليل على كونه بحكم النّفاس مع المطلقات الدالّة على ثبوت التكليف بالصلاة والصيام وغيرهما على كل مكلّف ، ومنه المرأة في مفروض الكلام ، ولم يقم دليل على تقييدها إلاّ في المرأة النّفساء ، وأمّا المرأة الّتي لا ترى الدم فلا دليل مخرج لها بوجه .

   وأمّا إذا كان النقاء المتخلل بين الولادتين أو بين ولادة قطعة وقطعة اُخرى أقل من عشرة أيام فله صورتان :

   إحداهما : ما إذا لم يكن الدم الثاني قابلاً في نفسه للالتحاق بالدم الأوّل في النّفاس ومع قطع النظر عن الولادة الثانية بحيث لو لم تكن ولادة أيضاً لم يكن الدم المرئي ملحقاً بالنّفاس الأوّل .

   ثانيتهما : ما إذا كان قابلاً للانضمام إليه وكونه نفاساً في نفسه وإن لم تكن هناك ولادة أصلاً .

ــ[185]ــ

   أمّا الصورة الاُولى فكما إذا ولدت ورأت الدم سبعة أيام ثمّ طهرت ثلاثة أيام وبعد ذلك ولدت ولداً ثانياً ورأت الدم ، فإنّ الدم الثاني غير قابل للالتحاق بالأوّل إذ لازمه أن يزيد النّفاس عن عشرة أيام .

   وكذا إذا ولدت ونفست عشرة أيام ثمّ نقت يوماً ثمّ ولدت الولد الثاني في اليوم الثاني عشر ، فإن مفروضنا أنّ الدم الأوّل والنقاء بمقدار عشرة أيام فلو حكمنا بإلحاق الدم الثاني به لزاد عن العشرة ، وهو ظاهر .

   وهذا هو الّذي قدمنا الكلام فيه وقلنا إنّ النقاء بأقل الطّهر بين النّفاسين بحكم الطّهر ، إذ لا دليل على كونه بحكم النّفاس ، وما دلّ على أن أقل الطّهر معتبر بين الحيضتين فهو مختص بالحيض كما مرّ ، وقد عرفت أن مقتضى المطلقات وجوب الصلاة والصيام وغيرهما من الواجبات على كل مكلّف ، ومنه المرأة في مفروض المقام ، ولم يخرج عنها إلاّ المرأة النّفساء ، وأمّا المرأة الّتي لا ترى الدم لأنّها في أيام النقاء فلم يقم دليل على خروجها عن المطلقات .

   وأمّا الصورة الثانية  فكما إذا ولدت ورأت الدم خمسة أيام ثمّ نقت ثلاثة أيام وولدت بعد ثمانية أيام ورأت الدم ، فإنّ الدم الثاني حينئذ قابل في ذاته للانضمام إلى النّفاس الأوّل ، إذ لا يلزم من كونه من النّفاس الأوّل كونه زائداً على العشرة ، فهل يتداخل النّفاسان في مثل اليومين أو أكثر ليلزمه أن يكون النقاء المتخلل بين الدمين كالنقاء المتخلل بين نفاس واحد ، أو أنّ الولادة الثانية قد قطعت النّفاس الأوّل وهو نفاس ثان فلا تداخل ، والنقاء بينهما من النقاء بين النّفاسين الّذي هو بحكم الطّهر كما مرّ ، والتداخل من دون تخلل النقاء كما فيما مثلناه به لا أثر له وإنّما الأثر في التداخل مع تخلل النقاء ؟

   الصحيح أنّ النقاء حينئذ بحكم الطّهر ، وليس كالنقاء المتخلل بين نفاس واحد ، وذلك لأنّا إنّما ألحقنا النقاء في أثناء نفاس واحد بالنّفاس بمقتضى الأخبار الآمرة بقعود ذات العادة أيام عادتها ، وتعدينا عنها إلى غير ذات العادة للقطع بعدم الفصل بينهما ، وهذا لا يأتي في المقام ، إذ لا قطع لنا بعدم الفصل بين النقاء المتخلل في أثناء

ــ[186]ــ

نفاس واحد والنقاء المتخلل بين نفاسين ، كالمرأة الّتي ولدت ثانياً بعد ثمانية أيام من ولادتها الاُولى ، لأنّها غير المرأة الّتي رأت الدم في النّفاس الواحد وتخلل بينه نقاء أقل من عشرة أيام .

   والدليل مختص بالنقاء في أثناء أيام العادة ، فلا يعم النقاء بين الدمين ، فإنّه من النقاء بعد النّفاس والدم الثاني نفاس آخر ، وقد تقدم أنّ النقاء المتخلل بين النّفاسين بحكم الطّهر ، لعدم الدليل على إلحاقه بالنّفاس ، وإطلاق أدلّة التكاليف من وجوب الصلاة والصيام وجواز إتيان الزوج زوجته .

   ومن هذا يظهر الحال في النقاء بين الولادة الثانية ورؤية الدم ، كما إذا ولدت ولم تر دماً إلى يوم أو نصف يوم ورأته بعد ذلك ، لأنّ الدم الثاني إذا لم يكن قابلاً للالحاق بالنّفاس الأوّل فهو من النقاء المتخلل بين النّفاسين ، وقد عرفت أ نّه بحكم الطّهر ، وإذا كان قابلاً للالحاق فقد تقدم أنّ الأظهر عدم التداخل ، فإنّ الولادة الثانية موضوع جديد قاطع للنفاس الأوّل ، فيكون النقاء بحكم الطّهر أيضاً .

   كما ظهر من ذلك حكم النقاء في أثناء الولادة الواحدة ، كما إذا طالت المدّة فرأت الدم ثمّ انقطع ثمّ رأت بعد الولادة أو قبلها ، فإنّه محكوم بحكم الطّهر ، لأنّ الدليل إنّما دلّ على أنّ النقاء المتخلل في أيام العادة المحسوبة من بعد الولادة ورؤية الدم بحكم النّفاس ، وأمّا النقاء قبل الولادة فهو غير مشمول للدليل ، بل هو بحكم الطّهر بمقتضى مطلقات التكليف كما مرّ .

   المسألة الثانية : ما إذا تعددت الولادات إلاّ أنّها لم تكن ولادة مستقلة كما إذا خرج الطفل قطعة قطعة ، فهل يترتب على وضع كل قطعة أحكام الولادة المستقلة ولكل منهما نفاس ؟

   لا يبعد أن يقال إن حالها حال الولادات المستقلة ، وذلك لصدق الولادة عند وضع قطعة من الولد ، وهذا بخلاف ما إذا كان الولد متصلاً ، لأنّ الاتصال مساوق للوحدة ، ومن هنا لو خرج رأس الولد فماتت يقال إنّها ولدت رأس الولد فماتت ، وأمّا إذا خرج رأس الولد وهو متصل الأجزاء فماتت يقال إنّها ماتت في أثناء الولادة ، إذ

ــ[187]ــ

يصدق أنّها ولدت قطعة من الولد ، والدليل مطلق إذ لم يقيد الولادة بأن يكون الولد تاماً، فلكل منهما نفاس وتحسب العشرة في كل منهما بعد رؤية الدم، وقد تتداخل ولادتان أو أكثر في مقدار من العشرة أو أيام العادة كما عرفت في الولادة المستقلّة .

   وعلى ما قرّبناه يترتب على كل قطعة وضعتها المرأة حكم الولادة المستقلة، والنقاء المتخلل بين وضع قطعة واُخرى حكم النقاء الّذي تراه المرأة بين الولادتين المستقلتين كما تقدّم ، وكذلك النقاء في أيام العادة أو عشرة أيام من وضع كل قطعة ، فإنّه من النقاء في أثناء نفاس واحد وهو بحكم النفاس كما هو الحال في الولادة المستقلة .

   وأمّا بناءً على أن وضع كل قطعة ليس من الولادة في شيء فالأثر من حساب أيام العادة أو عشرة أيام إنّما هو بعد وضع مجموع القطعات ، وعليه ربما يطول وضعها شهراً أو أكثر أو أقل إلاّ أ نّه نفاس واحد ، والنقاء المتخلل بين وضع القطعات كالنقاء في أثناء الولادة التامة بحكم الطهر ، لعدم كونه بعد رؤية الدم والولادة ، والنقاء الّذي هو بحكم النفاس إنّما هو النقاء بعد رؤية الدم وتمامية الولادة كما تقدّم .

   المسألة الثالثة : أن ما ذكرناه من أن أكثر النّفاس عشرة أيام إنّما هو عند رؤية الدم عقيب الولادة ، فإن أكثره عشرة .

   وأمّا الدم المرئى في أثناء الولادة قبل تمامها فهو وإن كان نفاساً كما سبق إلاّ أ نّه لا يحسب من العشرة ، فإن مبدأها الدم المرئي بعد الولادة .

   وقد يكون النفاس في أثناء الولادة أكثر من عشرة أيام ، كما إذا خرج رأس الولد وطالت المدّة إلى أن خرج تمامه ، فإنّ الدم المرئي حينئذ نفاس وإن طال عشرة أيام أو أقل أو أكثر .

   ثمّ إنّها إذا رأت الدم عند خروج رأس الولد ثمّ انقطع ولم تر إلاّ بعد تمامية الولادة أو بعد مدّة وقبل تماميتها ، فهل النقاء المتخلّل بين الدمين محكوم بالنفاس كالنقاء المتخلّل بعد تمامية الولادة ورؤية الدم أو أ نّه ليس محكوماً بحكم النفاس ؟




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net