حكم المسّ بالشعر ومسّ الشعر من الميت - مسّ القطعة المبانة من الحيّ والميت 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6746


ــ[216]ــ

نعم المسّ بالشّعر لا يوجبه ، وكذا مسّ الشّعر ((1)) (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   المسّ بالشعر كمس الشعر لا أثر له

   (1) بمعنى أ نّه يعتبر في وجوب الغسل مسّ البدن بالبدن ، وأمّا إذا مسّ شعر الميِّت ببدنه أو مسّ بدن الميِّت بشعره فلا يجب عليه الاغتسال .

   وما أفاده (قدس سره) فيما إذا لم يصدق مسّ الميِّت بمسّ الشعر وإن كان صحيحاً كما إذا كان شعره أو شعر الميِّت طـويلاً جدّاً بحيث يحسب عرفاً كالشيء المنفصـل المغاير للبدن ، فإن مسّه أو المسّ به لا يكون من مسّ الميِّت بوجه .

   وأمّا إذا كان الشعر في الماس أو الميِّت الممسوس متعارفاً بحيث يصدق عرفاً بمسّه مسّ الميِّت فلا يمكن المساعدة على ما أفاده (قدس سره) .

   لأنّ الموضـوع في الروايات هو مسّ الميِّت الانساني ، وهو متحقق في المقام وكون الشعر ممّا لا تحله الحياة لا يمنع عن صدق المسّ ووجوب الغسل به ، كما التزم هو (قدس سره) بذلك حيث ذكر أنّ الماس والممسوس لا فرق بين أن يكون ممّا تحله الحياة أو لم يكن .

   نعم ، في بعض الروايات كصحيحتي الصفّار وعاصم بن حميد : «إذا أصاب يدك جسد الميِّت»(2) ، أو  «إذا مسست جسده ... » الخ(3) ، والجسد لا يشمل الشعر .

   والاستدلال بذلك لو تمّ فهو إنّما يدل على أن مسّ شعر الميِّت لا يوجب الغسل وأمّا مسّ بدنه بالشعر فهو من مسّ جسد الميِّت ، فلا تدل على عدم وجوب الغسل فيه ، لأ نّه من مسّ الميِّت بجسده .

   على أنّ الاستدلال بها غير تام ، لأنّ المراد به هو مسّ بدنه ـ لأنّ الانسان مركب من النفس والبدن فالمراد بالجسد وهو غير النفس هو البدن ـ في مقابل المسّ بالثوب .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وجوب الغسل يدور مدار صدق المسّ عرفاً ويختلف ذلك باختلاف الشعر طولاً وقصراً .

(2) الوسائل 3 : 290 /  أبواب غسل المسّ ب 1 ح 5 .

(3) الوسائل 3 : 290 /  أبواب غسل المسّ ب 1 ح 3 .

ــ[217]ــ

   [ 822 ] مسألة 2 : مسّ القطعة المُبانة من الميِّت أو الحي إذا اشتملت على العظم (1) يوجب الغسل ((1)) دون المجرّد عنه ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وممّا يؤكّد ذلك ما ورد في صحيحة الصفار من التقابل بين مسّ ثوب الميِّت وبدنه ، حيث سأل فيها عن رجل أصاب يده أو بدنه ثوب الميِّت... هل يجب عليه غسل يديه أو بدنه ؟ فوقّع (عليه السلام) : إذا أصاب يدك جسد الميِّت قبل أن يغسل فقد يجب عليك الغسل ، والجسد في مقابل الثوب إنّما هو البدن ، والبدن يعم الشعر أيضاً كما تقدّم .

    مسّ القطعة المُبانة

   (1) لا فرق في وجوب الغسل بالمس بين كون الميِّت تام الأجزاء وناقصها ، كما إذا قطعت يده ، ولا بين كونه ذا لحم وعدمه كما إذا تناثر لحمه وبقيت عظامه متصلة غير متلاشية حتّى يصدق عليه الميِّت ، وهذا كلّه للاطلاق وصدق مسّ الميِّت بمسّه ، وإنّما يجب الغسل فيما لو مسّ القطعة من الانسان بعد برودتها وقبل تغسيل الميِّت ، لأنّ القطعة لا تزيد على الجسد وقد عرفت أن مسّ جسد الميِّت بحرارته أو بعد تغسيله لا يوجب الاغتسال .

   وإنّما الكلام يقع في مسّ القطعة المـبانة من الانسان وأ نّه هل يوجب الغسل أو لا يوجبه ؟

   والكلام يقع في مقامين :

    مسّ القطعة المُبانة من الحي

  المقام الأوّل : في مسّ القطعة المبانة من الحي ، والمشهور فيه الوجوب أي يجب غسل المسّ بمسّها ، وقد استدلّ له بالاجماع المحكي عن الشيخ في الخلاف (2) وبمرسلة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

(2) حكاه عنه في المستمسك 3 : 472 / في غسل المسّ وراجع الخلاف 1 : 701 / كتاب الجنائز المسألة [ 490 ] .

ــ[218]ــ

أيوب بن نوح عن أبي عبدالله (عليه السلام) «إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة» (1) . وبرواية الجعفي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «سألته عن مسّ عظم الميِّت ، قال : إذا جاز سنة فليس به بأس» (2) .

   ولا يصلح شيء منهما للاستدلال به .

   أمّا الاجماع فهو إجماع منقول لا اعتبار به مطلقاً ولا سيما في الاجماعات المنقولة عن الشيخ (قدس سره)، على أنّ الاجماع لم يتحقق في نفسه، لما عن المحقق في المعتبر من أنّ العمل بالرواية قليل ، ودعوى الشيخ في الخلاف الاجماع لم يثبت  (3) .

   ومن الواضح أن شهادة مثل المحقق بعدم تحقق الاجماع يوهن دعوى الاجماع، وهو ظاهر .

   وأمّا الرواية الاُولى فهي ضعيفة بالارسال ، وأمّا الرواية الثانية فهي أيضاً كذلك ، إذ قد وقع في سندها عبدالوهاب ومحمّد بن أبي حمزة ، وهما ضعيفان (4) .

   ودعوى انجبار ضعفهما بعمل الأصحاب مندفعة صغرى وكبرى .

   أمّا بحسب الكبرى فقد مرّ غير مرّة ، وأمّا بحسب الصغرى فلما عرفته من المحقق من أنّ العامل بالرواية قليل ، ومعه كيف تثبت شهرة العمل بها ؟ فإن مرادنا من انجبار ضعف الرواية بعمل المشهور هو مشهور المتقدمين ، وهي منتفية حسب نقل المعتبر وأمّا الشهرة بين المتأخرين فهي وإن كانت حاصلة إلاّ أنّها غير جابرة بوجه .

   وقد يستدل على وجوب الغسل بمسّ القطعة المبانة من الحي بالملازمة بين وجوب التغسيل ووجوب الغسل بالمس ، وحيث إنّ القطعة المبانة من الحي المشتملة على العظم واجبة التغسيل كما يأتي إن شاء الله تعالى ونبيّن أن وجوب التغسيل لا يختص بالميت بل يجب تغسيل القطعة المبانة أيضاً فهو يدل على وجوب الغسل بمسّها ، لما ورد من أن من غسّل الميِّت فعليه الاغتسال .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 294 /  أبواب غسل المسّ ب 2 ح 1 .

(2) الوسائل 3 : 294 /  أبواب غسل المسّ ب 2 ح 2 .

(3) المعتبر 1 : 352 /  في غسل المسّ .

(4) وفي الرواية الثانية كلام من حيث المتن والسند يأتي قريباً إن شاء الله .

ــ[219]ــ

وأمّا مسّ العظم المجرّد ففي إيجابه للغسل إشكال ((1)) ، والأحوط الغسل بمسّه خصوصاً إذا لم يمض عليه سنة ، كما أنّ الأحوط في السن المنفصل من الميِّت أيضاً الغسل ، بخلاف المنفصل من الحي إذا لم يكن معه لحم معتد به ، نعم اللّحم الجزئي لا اعتناء به .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وفيه : أنّ القطعة المبانة وإن كان يجب تغسيلها إلاّ أ نّه لا ملازمة بينه وبين وجوب الغسل بمسّها ، لأن موضوع ذلك مسّ الميِّت ، حيث إنّ الرواية دلّت على أن من غسل الميِّت اغتسل ، وهذا لا يصدق على مسّ القطعة المبانة من الحي ، لأنّها ليست بميت بل هي جزء من بدن الانسان وصاحبها حي يرزق ، ومع عدم صدقه لا موجب للغسل بمسّها وإن كان يجب تغسيلها ، فلا ملازمة بين وجوب تغسيل أي شيء ووجوب الاغتسال بمسّه ، بل الملازمة بين تغسيل الميِّت والاغتسال بمسّه .

   إذن لا يمكن الحكم بوجوب غسل المسّ بمس القطعة المبانة من الحي وإن كان الغسل أحوط ولو لأجل الاجماع الّذي ادّعاه الشيخ (قدس سره) وذهاب مشهور المتأخرين إليه . هذا كلّه في القطعة المبانة من الحي المشتملة على العظم .

   وأمّا العظم المجرد فالمعروف بينهم عدم وجوب الغسل بمسّه .

   وعن جماعة منهم الشهيدان (قدس سرهما) وجوبه ، بدعوى أنّ العظم هو المناط في وجوب الغسل بمس القطعة المبانة والحكم يدور مداره ، إذ لولاه لم يحكم بوجوب الغسل بمسّ اللّحم المجرّد كما يأتي ، وعليه فالأمر في مسّ نفس العظم أيضاً كذلك (2) .

   وفيه : أنّ الموضوع في الحكم بوجوب الغسل في مسّ القطعة المبانة على تقدير القول به هو مسّ القطعة المذكورة وإن لم يمس العظم الموجود فيها ، وهو غير مسّ العظم ، فالموضوع هنا غير الموضوع هناك ، لأنّ الموضوع في الأوّل مسّ القطعة المبانة المشتملة على العظم وإن لم يمسّ العظم ، وفي الثاني مسّ العظم وبينهما بون بعيد .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أظهره عدم الوجوب فيه وفي السن المنفصل من الميِّت .

(2) الذكرى :  79  السطر 24 ،  روض الجنان  115  السطر 15 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net