الروايات الدالّة على مطهرية الماء
وأمّا ما دلّ من الأخبار على مطهّرية الماء من الحدث والخبث فهي أيضاً كثيرة قد وردت في موارد متعدّدة وأبواب مختلفة ، كالروايات الآمرة بالغسل والوضوء بالماء (2) وما دلّ على مطـهّرية الماء عن نجاسـة البـول(3) وولوغ الكلـب(4) وغـيرهما من النجاسات ، وبعض الأخبار المتقدمة عند الاستدلال على طهارة الماء في نفسه وسنتعرّض إلى تفاصيل هذه الأخبار عند التكلّم في آحاد النجاسات وتطهيرها بالماء فلا نطيل .
نعم ، لا دلالة لها بأجمعها على حصول الطهارة بمجرد الغسل بالماء وإن لم تنفصل غسالته أو لم يتعدّد الغسل ، لعدم كونها في مقام البيان من تلك الجهات فلا إطلاق لها بالإضافة إليها ، والمتّبع فيها دلالة الدليل الموجود في كل مسألة بخصوصها .
تنبيه
هل الطهورية الثابتة للمياه بالروايات والآيات تختص بخصوص الماء النازل من السماء ـ ولو بحسب أصله ـ أو أ نّها ثابتة لمطلق المياه ، ولو كانت مخلوقة لنا باعجاز أو بتركيب بضم أحد جزئيه إلى الآخر ؟ الصحيح هو الثاني ، لأن المفروض أ نّه ماء بالنظر العرفي وهو صادق عليه صدقاً حقيقياً ، ومعه لا وجه للتردّد والشكّ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 1 : 133 / أبواب الماء المطلق ب 1 ح 4 .
(2) الوسائل ، 1 : 201 / أبواب الماء المضاف ب 1 ح 2 .
(3) الوسائل 3 : 397 / أبواب النجاسات ب 2 ح 1 .
(4) الوسائل 1 : 226 / أبواب الأسآر ب 1 ح 4 .
ــ[15]ــ
[ 73 ] مسألة 1 : الماء المضاف مع عدم ملاقاة النجاسة طاهر (1) لكنّه غير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والذي يحتمل أن يكون مانعاً عن ذلك هو ما تقدّم(1) من قوله تعالى : (وأنزلنا من السّماء ماءً طهورا ) بتوهّم اختصاصها بالماء النازل من السماء ولكنك عرفت أن الطهور فيها ليس بمعناه المصطلح عليه في المقام ، ونحن إنّما اثبتنا الطهورية للماء بواسطة الأخبار المتقدمة ، هذا .
ثم لو سلّمنا دلالتها على طهورية الماء فهي حكم ثبت بالآية لطبيعي المياه والطبيعة صادقة على ذلك الفرد كما تقدم . وإنّما خص الماء النازل من السماء بالذكر لأجل غلبته وكثرة وجوده ، ونحن قد ذكرنا في محلّه أن المطلق لا يختص بالأفراد الغالبة لأجل كثرة وجودها ، بل يشملها كما يشمل الأفراد النادرة . وبالجملة إذا ثبت أ نّه ماء وشملته الاطلاقات فلا محالة يكون طهوراً كغيره . فإذا فرضنا أن الهواء أحدث بخاراً ، وانجمد ذلك البخار على زجاجة لمكان حرارة أحد طرفيها وبرودة الآخر ، ـ وهذا كثيراً ما يتفق في البلاد الباردة ـ ثمّ أ ثّرت فيه الحرارة وتبدل البخار المنجمد ماءً وأخذ بالتقاطر فلا محالة يكون الماء المجتمع منه طهوراً ، مع أ نّه لم ينزل من السماء . ولا نظن فقيهاً بل ولا متفقهاً يفتي بوجوب التيمم عند انحصار الماء بذلك . وعلى هذا إذا حصلنا الماء من أي مائع مضاف ، كماء الرمان أو البرتقال أو غيرهما بالتصعيد بحيث صار ما فيه من الماء بخاراً ، وتصاعد إلى الفوق دون شيء من أجزاء الرمان أو البرتقال أو مادة حلاوتهما ـ فإنهما لا يتصاعدان ـ وأخذنا البخار بالتقطير فهو ماء مطلق طهور كغيره . واحتفظ بهذا فإنه ينفعك في بحث المضاف إن شاء الله .
|