فصل
في تغسيل الميِّت
يجب كفاية تغسيل كل مسلم سواء كان اثنى عشرياً أو غيره ((2)) (2) .
ــــــــــــــــــــــــــ فصل : في تغسيل الميِّت
عدم وجوب تغسيل الكافر
(2) لا خلاف في أن تغسيل الميِّت واجب كفائي ، كما لا إشـكال في اختصـاصه بالمسلم وعدم وجوب تغسيل الكافر ، بل عدم جوازه وذلك لوجوه :
ـــــــــــــ (2) لكنّه إذا غسل غير الاثنى عشري مثله على طريقته سقط الوجوب عن الاثنى عشري .
ــ[307]ــ
منها : أن تغسيل الميِّت إنّما هو لتنظيفه واحترامه وتجليله ، والكافر لا احترام له وغير قابل للنظافة ، لأ نّه نجس .
ومنها : السيرة القطعية الجارية على عدم تغسيل الكافر في عصر النبيّ والأئمة (عليهم السلام) حيث لم يسمع أن أحداً في تلك الأعصار غسل كافراً أو صلّى عليه .
ومنها : قوله تعالى : (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً )(1) لأنّ الآية وإن كانت واردة في الصلاة إلاّ أن مناسبة الحكم والموضوع تقتضي أن يكون ذلك من جهة كفرهم ، وأنّ الأحكام المترتبة على أموات المسلمين لا تترتب على الأموات الكفرة فنتعدّى إلى تغسيلهم أيضاً .
عدم اختصاص وجوب الغسل بالاثنى عشري
والصحيح وفاقاً للمعروف أنّ المسلم يجب تغسيله وإن لم يعترف بالولاية ، لأ نّه من الأحكام المترتبة على الاسلام وإظهار الشهادتين ولم يترتب على الايمان وذلك لوجوه :
منها : السيرة العملية ، لأنّ الشيعة في زمانهم (عليهم السلام) كانوا قليلين مختفين والغلبة كانت مع المخالفين ، حتّى في المعاشرين معهم مَن كان مِن خدمهم لا يعترف بولايتهم ، وقد كانوا يغسلون موتاهم بمرأى ومنظر منهم (عليهم السلام) ولم يكونوا يردعـون عن ذلك بوجه ولو ببيـانه لشـيعتهم ، وهذا كاشف عن وجوب تغسـيل المسلمين وإن لم يعترفوا بالولاية .
ويوضحه ملاحظة عصر علي (عليه السلام) لأنّ أصحابه (عليهم السلام) لم يكونوا من الشيعة بالمعنى المصطلح عليه عندنا ، وإنّما كان جمع منهم يرونه خليفة ثالثاً أو رابعاً ، لأن بعضهم أنكر خلافة عثمان وكانوا معتقدين بالشيخين ، ومع ذلك لو مات أحدهم أو قتل في غير المعركة لغسلوه وصلّوا عليه ولم يكن (عليه السلام) رادعاً عن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التوبة 9 : 84 .
ــ[308]ــ
ذلك بوجه .
وذلك لأ نّهم لو كانوا كفرة لم يجز تغسيلهم ، لأ نّه بدعة وتشريع محرم ، فإذا ثبت جوازه بالسيرة وعدم ردعهم يثبت وجوبه ، لأ نّه لو جاز وجب ولو لم يجز حرم ولا واسطة بينهما ، لأ نّه بالجواز يثبت إسلامهم والمسلم يجب تغسيله .
ومنها : المطلقات كموثقة سماعة «غسل الجنابة واجب ... وغسل الميِّت واجب» (1) لأن اطلاقه يشمل المسلم والمؤمن كليهما .
ودعوى : أنّها في مقام الاهمال كما عن المحقق الهمداني(2) (قدس سره) ،
مندفعة بأ نّه لا يقصر عن قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ ا لْبَيْعَ )(3) فانّه ممّا لا إشكال في إطلاقه عندهم ، ويتمسّكون به في موارد الشك والشبهات ، والمقام كذلك فلا وجه لدعوى كونها مهملة ، فان قوله (عليه السلام) «وغسل الميِّت واجب» بمنزلة القضية الشرطية وأ نّه إذا مات أحد وجب غسله ولا ينبغي التأمل في إطلاقه بوجه . وكقوله (عليه السلام) في مضمر أبي خالد «اغسل كل الموتى : الغريق وأكيل السبع وكل شيء إلاّ ما قتل بين الصفين» (4) .
وقد أجاب المحقق الهمداني (قدس سره) عن ذلك بأنّ العموم فيها إنّما هو بالنسبة إلى أسباب الموت من الغرق بالماء وأكل السبع أو السم أو غير ذلك إلاّ الشهادة ، ولا عموم لها بالاضافة إلى أصناف البشر من الشيعة والعامّة وغيرهما (5) .
وفيه : أن ما أفاده وإن كان لا بأس به إلاّ أ نّه إنّما يمنع عن التمسُّك بالعموم ، وأمّا إطلاق الموتى فهو باق بحاله ولا مانع من التمسُّك به ، فانّه كالقضية الشرطية وأ نّه إذا مات أحد وجب تغسيله .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 173 / أبواب الجنابة ب 1 ح 3 .
(2) مصباح الفقيه (الطّهارة) : 366 السطر 25 .
(3) البقرة 2 : 275 .
(4) الوسائل 2 : 506 / أبواب غسل الميِّت ب 14 ح 3 .
(5) مصباح الفقيه (الطّهارة) : 366 السطر 26 .
|