تجهيز السِقط - اعتبار قصد القربة في تغسيل الميت 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9412


ــ[317]ــ

ولا فرق في وجوب تغسيل المسلم بين الصغير والكبير (1) حتّى السقط إذا تمّ له أربعة أشهر (2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فتلخص : أنّ الوجه في وجوب تغسيل اللقيط في دار الاسلام أو دار الكفر إذا احتمل كونه من مسلم هو الاطلاقات بعد استصحاب عدم التنصّر أو الكفر باستصحاب العدم الأزلي .

    التسوية بين الصغير والكبير

   (1) للاطلاقات .

   (2) الأخبار الواردة في المقام على طوائف :

   منها :  ما جعل المناط في وجوب التغسيل أن يتم للسقط أربعة أشهر كما في مرفوعة أحمد بن محمّد (1) وخبر زرارة «انّ السقط إذا تمّ له أربعة أشهر غسل» (2) ومقتضاهما تحديد وجوب الغسل في السقط بما إذا كان له أربعة أشهر ، إلاّ أ نّهما ضعيفتان ، أمّا الاُولى فلكونها مرسلة ومرفوعة كذا قالوا ، والصحيح أنّها زائداً على إرسالها مقطوعة أي لم يذكر فيها الإمام (عليه السلام) والمسؤول عنه . وأمّا الثانية فلأن في سندها الحسين بن موسى وهو ضعيف ، فلا يمكن الاعتماد عليهما .

  ومنها :  ما جعل المناط الاستواء كما في موثقة سماعة حيث روى عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «سألته عن السقط إذا استوت خلقته يجب عليه الغسل واللحد والكفن ؟ قال : نعم ، كل ذلك يجب عليه إذا استوى»(3) فقد دلّتنا على أنّ المدار في ذلك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أحمد بن محمّد عمن ذكره قال : «إذا أتمّ السقط أربعة أشهر غسل ، وقال : إذا تمّ له ستّة أشهر فهو تام ، وذلك أنّ الحسين بن علي ولد وهو ابن ستّة أشهر» الوسائل 2 : 502 /  أبواب غسل الميِّت ب 12 ح 2 .

(2) الوسائل 2 : 502 /  أبواب غسل الميت ب 12 ح 4 .

(3) الوسائل 2 : 501 /  أبواب غسل الميِّت ب 12 ح 1 .

ــ[318]ــ

على الاستواء لا على مضي أربعة أشهر .

   والمراد بالاستواء فيها ليس هو القابلية للولادة حتّى يعتبر في وجوب غسل السقط مضي ستّة أشهر عليه ، لأ نّه زمان القابلية للولادة على ما ورد في المرفوعة المتقدِّمة من أن «السقط إذا تمّ له ستّة أشهر فهو تام وذلك أنّ الحسين بن علي (عليه السلام) ولد وهو ابن ستّة أشهر» . والوجه فيه هو أنّ الموضوع في الموثقة هو السقط أي غير القابل للولادة .

   بل المراد بالاستواء هو تمامية الولد بحسب الصورة والخلقة ، وبهذا المعنى يستعمل اليوم فيقال : طعام مستوي أي تام بحسب الطبخ ، وهو زمان قابلية الولد لأن تلج فيه الروح ، فعلى ذلك يعتبر في وجوب تغسيل السقط أن يكون تام الخلقة والصورة ولا عبرة في ذلك بالزمان ومضي أربعة أشهر .

   ومنها :  ما جمع بين الأمرين ـ أعني الاستواء ومضي أربعة أشهر للسقط ـ كما في الفقه الرضوي قال : «إذا أسقطت المرأة وكان السقط تاماً غسل ... وحد إتمامه إذا أتى عليه أربعة أشهر» (1) . إلاّ أ نّه لم يثبت كونه رواية فضلاً عن أن تكون معتبرة .

   إذن لا بدّ من الأخذ بالموثقة ، ومعه يكون المدار على الاستواء لا على الزمان ومضي أربعة أشهر .

   نعم ، ورد في بعض الروايات ـ وفيها المعتبرة ـ أنّ الاستواء إنّما يتحقق بعد مضي أربعة أشهر كما في رواية الحسن بن الجهم قال «سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول : قال أبو جعفر (عليه السلام) إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوماً ، ثمّ تصير علقة أربعين يوماً ، ثمّ تصير مضغة أربعين يوماً ، فإذا كمل أربعة أشهر بعث الله تعالى ملكين خلاقين فيقولان ... » (2) لدلالتها على أنّ التمامية بحسب الصورة والقابلية لنفخ الروح فيه إنّما هو بعد مضي أربعة أشهر ، أعني بعد زمان نطفته وعلقة ومضغته .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك 2 : 175 /  أبواب غسل الميِّت ب 12 ح 1 ،  فقه الرضا : 175 .

(2) الكافي 6 : 13 /  كتاب العقيقة ، باب بدء خلق الانسان ح 3 .

ــ[319]ــ

ويجب تكفينه ودفنه على المتعارف (1) لكن لا تجب الصلاة عليه بل لا يستحب أيضاً (2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فعلى ذلك يمكن العمل بالروايتين السابقتين أيضاً ، أعني مرفوعة أحمد بن محمّد وزرارة المتقدمتين الدالّتين على اعتبار مضي أربعة أشهر ، للملازمة بين الاستواء ومضي أربعة أشهر ، إلاّ أنّ المدار إذن على كون الولد مستوياً بحسب الصورة والخلقة لا على الشهور والزمان ، بحيث لو فرضنا كونه كذلك قبل أربعة أشهر وجب تغسيله أيضاً ، كما أ نّه إذا لم يكن تاماً بعد أربعة أشهر لم يجب تغسيله ، لأنّ الاستواء هو المناط في الحكم بوجوب التغسيل ، وما ورد فيه أربعة أشهر لعله من جهة التلازم بينهما .

    السقط يجب تكفينه ودفنه

   (1) لأنّ المستفاد من الموثقة وغيرها من الأخبار المتقدِّمة ، أنّ السقط بعد الاستواء أو تمامية أربعة اشهر يدفن ويكفن كما يدفن ويكفن غير السقط من الأموات ، فلا وجه لما عن المحقق (1) والعلاّمة(2) وغيرهما من أ نّه يلف بخرقة فالواجب في السقط لا يغاير الواجب في بقية المكلّفين .

    السقط لا يصلّى عليه

   (2) لما يأتي من أنّها إنّما تجب فيما إذا عقل الصبي الصلاة ، بأن بلغ ست سنين فلا يجب قبله ، بل لا يشرع كما يأتي إن شاء الله تعالى(3) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المعتبر 1 : 320 /  في أحكام الأموات .

(2) نهاية الإحكام 2 : 234 /  في أحكام تغسيل الميِّت .

(3) في شرح العروة 9 : 186 .

ــ[320]ــ

وإذا  كان للسِّقط أقلّ من أربعة أشهر لا يجب غسله (1) بل يلف في خرقة ((1)) (2) ويدفن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    إذا  كان السقط أقل من أربعة أشهر

   (1) لأنّ الأخبار الدالّة على وجوب غسل كل ميت غير شاملة له ، لاختصاصها بالميت وهو الحي الّذي زهقت روحه ، والسقط حينئذ لم تلجه الروح ليتصف بالموت وأمّا الأخبار الواردة في المقام فلاختصاصها بما بعد الاستواء أو بعد مضي أربعة أشهر .

    هل يجب لفّه بخرقة ؟

   (2) لا دليل على ذلك سوى الاجماع المنقول في المسألة ، حيث ذكر بعضهم أنّ المسألة إجماعية لم ينقل فيها خلاف ، وهو ممّا لا اعتبار به . والأخبار العامّة مختصّة بالميت غير الشامل للسقط قبل ولوج الروح فيه ، والأخبار الواردة في المقام مختصّة بما بعد الاستواء وتمامية أربعة أشهر .

   وبهذا يمكن الاستشكال في وجوب دفنه أيضاً ، لانحصار مدركه بالاجماع المنقول ولا دليل عليه غيره، لأنّ الأخبار مختصّة بالميت كما عرفت ، والأخبار الخاصّة الواردة في المقام غير شاملة إلاّ للسقط بعد تمامية أربعة أشهر والاستواء ، فيجوز معه إلقاؤه في البحر أو النهر أو البئر .

   نعم ، ورد في الفقه الرضوي : «إذا أسقطت المرأة وكان السقط تاماً غسل وحنط وكفن ودفن ، وإن لم يكن تاماً فلا يغسل ويدفن بدمه» (2) إلاّ أ نّه لم يثبت كونه رواية فضلاً عن أن تكون معتبرة .

   وأمّا مكاتبة محمّد بن الفضيل قال : «كتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام) أسأله عن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وجوب اللّف مبنيّ على الاحتياط .

(2) المستدرك 2 : 175 /  أبواب غسل الميِّت ب 12 ح 1 ، فقه الرضا : 175 .

 
 

ــ[321]ــ

 فصل

[  فيما يتعلّق بالنيّة في تغسيل الميِّت  ]

    يجب في الغسل نيّة القربة على نحو ما مرّ في الوضوء (1) ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السقط كيف يصنع به ؟ فكتب إلي : السقط يدفن بدمه في موضعه» (1) المحمـولة على السقط قبل الاستواء وأربعة أشهر ، جمعاً بينها وبين ما دلّ على وجوب تغسيل السقط بعد الاستواء وتكفينه ودفنه ، فهي ضعيفة السند بسهل بن زياد .

   فلا دليل على وجوب تغسيل السقط قبل الاستواء وتكفينه ودفنه ، وإن كان الأحوط تكفينه ودفنه للاجماع المنقول والروايتين .

 فصل :  اعتبار نيّة القربة في تغسيل الميِّت

    (1) لأنّ الأغسال اُمور عبادية بالارتكاز على ما وصلت إلينا يداً بيد خلفاً عن سلف ، حيث إن وظائف أية ملّة تنقسم إلى قسمين :

   قسم يكون المطلوب فيه هو التذلّل والتخضع وإظهار العبودية المعبّر عنه في الفارسية بـ «پرستش» وإن كان فيه غاية اُخرى أيضاً .

   وقسم يكون المطلوب فيه هو إتيان العمل بأيّ نحو كان .

   والأغسال يعتبر فيها التذلّل والعبودية بالارتكاز ، لوصولها إلينا كذلك يداً بيد وخلفاً عن سلف ، وبهذا فرّقوا بين الغَسل ـ بالفتح ـ والغُسل ـ بالضم ـ فاعتبروا النيّة في الثاني دون الأوّل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 502 /  أبواب غسل الميِّت ب 12 ح 5 .

ــ[322]ــ

   ويدل على ذلك ما ورد من أن غسل الميِّت كغسل الجنابة (1) بضميمة ما قدمناه في بحث غسل الجنابة من اعتبار قصد القربة فيه ، وما ذكرناه في بحث الاُصول من أن قصد القربة مأخوذ في متعلق الأمر كغيره من الأجزاء والشرائط (2) فانّه بناءً على هذين الأمرين يدل التشبيه في الرواية على أن غسل الميِّت أيضاً يعتبر فيه قصد القربة جزءاً أو شرطاً وهو داخل في حقيقته .

   نعم ، بناءً على ما سلكه صاحب الكفاية (قدس سره) من أن قصد القـربة غير مأخـوذ في متعلق الأمر وإنّما هو واجـب عقلي ، لعـدم حصـول الغرض إلاّ به (3) لا يستفاد من الرواية أن قصد القربة مأخوذ في غسل الميِّت شرعاً .

   وأمّا الاستدلال على اعتبار قصد القربة بقوله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ
الدِّينَ)(4) وما ورد عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «لا عمل إلاّ بنيّة» و «إنّما الأعمال بالنيّات» و «لكل امرئ ما نوى»(5) فلا وجه له أصلاً .

   أمّا الآية المباركة فلأنّ الضمير فيها يرجع إلى المشركين وأهل الكتاب المذكورين قبل تلك الآية ، وتدل على أنّ الله سبحانه لم يأمرهم بعبادة الوثن أو روح القدس أو غيرهما ـ أي لم يأمرهم بالشرك ـ وإنّما أمرهم أن يعبدوه ، ولا دلالة لها على أنّ التكاليف المتوجهة إلى الاُمم السابقة أو في هذه الشريعة كلّها تعبدية .

   كما أنّ الأخبار المتقدِّمة إنّما اُريد منها ـ كما صرّح به في الجهاد ـ أنّ العمل لا يترتب عليه إلاّ ما نواه فاعله ، وأن روح العمل هو النيّة ، فلو نوى المجاهد بجهاده وجه الله فلا يترتب عليه إلاّ رضاه وثوابه ، وإن اُريد به أمر دنيوي لا يترتب عليه إلاّ ذاك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 486 /  أبواب غسل الميِّت ب 3 .

(2) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 165 ـ 172 .

(3) كفاية الاُصول : 72 .

(4) البيّنة 98 : 5 .

(5) الوسائل 1 : 46 /  أبواب مقدمة العبادات ب 5 وغيره .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net