عدم اشتراط كون التغسيل من وراء الثِّياب - نظر كل من الزوجين إلى عورة الآخر 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 18232


    عدم اشتراط كون تغسيلهما من فوق الثياب

   أمّا المقام الثاني :  وهو أن تغسيل كل من الزوج والزوجة صاحبه هل يشترط أن يكون من فوق الثياب أو الدرع ـ الّذي هو بمعنى القميص في المقام ـ أو يجوز أن يغسل كل منهما الآخر ولو مجرداً ؟

   ذهب المشهور كما عن المسالك (3) وأكثر العلماء كما عن المختلف (4) إلى اعتبار كون الغسل من فوق الثياب والدرع لئلاّ يقع نظر كل منهما إلى بدن الآخر وعورته ، وعن الشيخ (قدس سره) في الاسـتبصار(5) التفصـيل بين تغسيل الزوج زوجته فيعتبر وتغسيل الزوجة زوجها فلا يعتبر .

ــــــــــــــــ
(3) المسالك 1 : 81 /  أحكام الأموات .

(4) المختلف 1 : 245 /  غسل الأموات .

(5) الاستبصار 1 : 198 /  697 .

ــ[335]ــ

   وتفصيل الكلام في ذلك يقع في مقامين :

    تغسيل الزّوجة زوجها

   أحدهما :  في تغسيل الزوجة زوجها ، وحاصل الكلام فيه : أنّا لم نعثر على دليل يدل على اعتبار كون ذلك من فوق الثياب ، بل صحيحة عبدالله بن سنان (1) وغيرها من الأخبار المشتملة على التفصيل بين الزوج والزوجة في جواز النظر إلى بدن الآخر بعد الموت عللت بأنّ الزوجة في عدّة من زوجها ، فلها أن تنظر إلى بدنه ، والزوج ليس في عدّة من زوجته فليس له أن ينظر إلى بدنها بعد الموت ، فتدل على جواز نظر الزوجة إلى بدن زوجها الميِّت وتغسيلها له ولو مجرّداً .

   نعم ، رواية عبدالرّحمن بن أبي عبدالله قال «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يموت وليس عنده من يغسله إلاّ النِّساء هل تغسله النِّساء؟ فقال (عليه السلام) «تغسله امرأته أو ذات محرم وتصب عليه النِّساء الماء صبّاً من فوق الثياب»(2) بناء على رجوع القيد «من فوق الثياب» إلى كل من «تغسله امرأته» و «ذات محرم» فالرواية مشعرة باعتبار كون الغسل من فوق الثياب .

   إلاّ أنّ الرواية ـ مضافاً إلى ضعف سندها ـ قاصرة الدلالة ، لأنّ القيد كما يحتمل رجوعه إلى كل من «تغسله امرأته» و «ذات محرم» كذلك يحتمل رجوعه إلى تغسيل ذات المحرم فقط .

   وقد ورد في بعض الأخبار أن ذات المحرم تغسل الميِّت من فوق الثياب (3) .

   وعلى الجملة : لا يعتبر في تغسيل الزوجة زوجها أن يكون التغسيل من فوق الثياب .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المتقدِّمة في المقام الأوّل في ص 331 .

(2) الوسائل 2 : 517 /  أبواب غسل الميِّت ب 20 ح 4 .

(3) الوسائل 2 : 519 /  أبواب غسل الميِّت ب 20 ح 9 .

ــ[336]ــ

    تغسيل الزّوج زوجته

   وثانيهما :  في تغسيل الزوج زوجته ، وهل يعتبر فيه أن يكون تغسيله من فوق الثياب أو لا يعتبر ؟ .

   الصحيح عدم اعتباره وجواز تغسيله لها مجردة ، وذلك لأنّ الأخبار المشتملة على أنّ الزوج يغسل زوجته من فوق الثياب لا يستفاد منها أن كون التغسيل من فوق الثياب شرط تعبّدي في جواز التغسيل وصحّته ، بل يستفاد من جملة من الأخبار أن ذلك من جهة أن لا يقع نظره على زوجته بعد موتها ، لأنّ المرأة أسوأ منظراً حين تموت ، وهذا كما في صحيحة الكناني (1) وغيرها (2) .

   فالأمر بكون الغسل من فوق الثياب من جهة أنّ النظر إليهن مستنكر ، لا من جهة أ نّه شرط تعبّدي ، فلو غسلها في ظلمة أو كان أعمى لم يعتبر في تغسيله أن يكون من فوق الثياب .

   بل يستفاد منها أن استنكار النظر إلى الزوجة بعد موتها إنّما هو لأمر خارجي ، لا أ نّه أمر مكروه أو مبغوض شرعاً ، وذلك لدلالتها على أن ذلك لكراهية أهل الزوجة ذلك ، ولعدم رضاهم بنظر الزوج إلى زوجته حينئذ .

   فعليه ما ذكره جملة من الأصحاب من جواز تغسيل كل من الزوج والزوجة صاحبه ولو مجرداً هو الصحيح .

   إلاّ أنّ الأفضل أن يكون تغسيل الزوج زوجته من فوق الثياب .

  وأمّا ما ورد في بعض الأخبار من أنّ الزوجة في عدّة من زوجها بعد الموت وليس الزوج في عدّة من زوجته (3) فلا بدّ من حمله على أ نّه ليس في عدّة منها بمرتبة ، لا انّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 532 /  أباب غسل الميِّت ب 24 ح 12 .

(2) الوسائل 2 : 531 /  أبواب غسل الميِّت ب 24 ح 7 .

(3) الوسائل 2 : 532 /  أبواب غسل الميِّت ب 24 ح 11 ، 13 .

ــ[337]ــ

ويجوز لكل منهما النظر إلى عورة الآخر وإن كان يكره (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العلقة الزوجية منقطعة بينهما مطلقاً . وإلاّ فلو كان الزوج أجنبياً عن زوجته بالمرة فكيف ساغ له أن يغسلها من فوق الثياب والدرع ـ كما في الأخبار ـ لأنّ الأجنبي لا يجوز أن يغسل الأجنبية ولو من فوق الثياب ، وكيف جاز له أن ينظر إلى وجهها وكفيها وشعرها ، مع أن صحيحة الحلبي صريحة في جوازه (1) .

   بل نفس الأخبار الدالّة على جواز تغسيلها من فوق الثياب والدرع دالّة على بقاء علقة الزوجية وجواز نظر الزوج إلى زوجته بعد الموت ، لأنّ القميص والدرع إنّما يستران من فوق المنكب إلى الركبة أو إلى الرجل ، ويبقى الرأس والرقبة مكشوفين وكذا تبقى يدها من الذراع إلى آخر كفها وكذا رجلاها مكشوفة ، فكيف جاز له أن ينظر إليها .

   وغاية ما يمكن استفادته من الأخبار أنّ الزوج والزوجة يجوز لكل منهما أن يغسل الآخر ، وإن كان الأفضل تغسيل الزوج زوجته فوق الثياب .

    جواز نظر كل من الزّوجين إلى عورة الآخر

   (1) وقع الكلام في أنّ الزوج والزوجة هل يجوز لكل منهما النظر إلى عورة الآخر بعد الموت أو لا يجوز ؟

   قد يقال بالجواز للاطلاقات ـ أعني ما دلّ على أنّ الزوج يغسل زوجته والزوجة تغسل زوجها ـ بعد حمل ما دلّ على التغسيل مع الدرع أو الثوب أو بالقاء الخرقة على الاستحباب .

   وقد يقال بعدم الجـواز ، نظراً إلى انقطاع علقة الزوجية بالموت ، فلا يجوز لكل منهما النظر إلى عورة الآخر ، لأ نّه من النظر إلى عورة الأجنبية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 532 /  أبواب غسل الميِّت ب 24 ح 11 .

ــ[338]ــ

   ولكن الصحيح هو الجواز على كراهية ، وذلك أمّا بالاضافة إلى الزوجة ونظرها إلى عورة زوجها الميِّت فلأ نّه لم يرد المنع عن نظر الزوجة إلى عورة زوجها بعد الموت إلاّ في رواية زيد الشحام : « ... وإن كان له فيهن امرأة فليغسل في قميص من غير أن تنظر إلى عـورته» (1) أي إلى عورة الزوج ، وهي وإن كانت دالّة على المنع عن النظر إلاّ أنّها ضعيفة السند بأبي جميلة مفضل بن صالح وهو غير موثق في الرجال .

   على أنّ الأخبار الواردة في جواز تغسيل الزوجة زوجها معللة بأنّها منه في عدّة صريحة الدلالة على بقاء علقة الزوجية بينهما ، ومعها يجوز أن تنظر إلى عورة زوجها لا محالة ، فبالاضافة إلى الزوجة لا إشكال في جواز نظرها إلى عورة زوجها .

   وأمّا بالاضافة إلى الزوج ونظره إلى عورة زوجته فقد يستدل على حرمته بوجوه :

   منها :  رواية زيد الشحام المتقدِّمة آنفاً ، لما ورد في صدرها « ... فليغسلها من غير أن ينظر إلى عورتها ... » وهي صريحة الدلالة على المنع ، إلاّ أنّها ضعيفة السند كما مرّ.

   ومنها :  صحيحة الكناني (2) لقوله (عليه السلام) فيها : «ولا ينظر إلى عورتها» ومقتضى نهيه (عليه السلام) حرمة النظر إلى عورة الزوجة الميتة .

   ويدفعه : أنّها قاصرة الدلالة على المدعى ، لأن ذيل الصحيحة قرينة على أنّ النهي عن النظر إلى الزوجة وعورتها ليس نهياً تعبّدياً ، وإنّما هو لأجل أمر تكويني وهو صيرورة المرأة أسوأ منظراً إذا ماتت وعدم رضى أهلها أن ينظر الرجل إلى ما يكرهون النظر إليه منها ، فلا يستفاد منها حرمة النظر تعبّداً ، وإنّما النهي فيها إرشاد إلى ذلك الأمر التكويني .

   ومنها :  صحيحة منصور بن حازم قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته أيغسلها ؟ قال : نعم واُمّه واُخته ونحو هذا ، يلقي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 518 /  أبواب غسل الميِّت ب 20 ح 7 .

(2) الوسائل 2 : 532 /  أبواب غسل الميِّت ب 24 ح 12 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net