ــ[339]ــ
ولا فرق في الزوجة بين الحرّة والأمة والدائمة والمنقطعة (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على عورتها خرقة» (1) فانّ الأمر بالقاء الخرقة إنّما هو لأجل عدم جواز النظر إلى عورتها .
وفيه : أنّ الصحيحة مجملة ، لأن قوله (عليه السلام) «ويلقي على عورتها خرقة» كما يحتمل رجوعه إلى تغسيل كل من امرأته واُمّه واُخته كذلك يحتمل رجوعه إلى تغسيل اُمّه واُخته فحسب ، هذا .
على أنّها لو كانت ظاهرة في الأوّل فلا مناص من رفع اليد عن النهي فيها بحمله على الارشاد إلى الأمر التكويني وسوء منظر المرأة إذا ماتت ، بقرينة صحيحة الكناني وغيرها .
وعليه فالصحيح جواز نظر كل منهما إلى عورة الآخر ، ويؤكّده أصالة البراءة عن حرمة النظر ، لعدم دلالة دليل على حرمة النظر إلى العورة بعد الموت .
تعميم الحكم للمنقطعة
(1) لأنّ الحكم إنّما ترتب على الزوجية ، وفي مثله لا يمكن التفرقة بين الدائم والمنقطع ، اللّهمّ إلاّ أن يقوم دليل على اختصاصه بالدائم ، والمقام ليس كذلك ، كما هو الحال في سائر الموارد الّتي رتّب فيها الحكم على عنوان الزوجية .
ودعوى انصرافها إلى الدائمة ممّا لا وجه له ، لأنّ الزوجية في الشريعة المقدسة قسمان : دائم ومنقطع ، فمع الاطلاق في لسان الدليل وعدم التقييد بأحدهما لا بدّ من تعميم الحكم لكل منهما .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 516 / أبواب غسل الميِّت ب 20 ح 1 .
ــ[340]ــ
بل والمطلقة الرجعية (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعميم الحكم للمطلقة الرجعية
(1) وقع الكلام ـ بعد ثبوت جواز تغسيل كل من الزوج والزوجة صاحبه ـ في أن هذا يختص بما إذا كانت علقه الزوجية باقية بحالها كما إذا كان قبل الطلاق ، أو يعم ما إذا كان بعد الطلاق وفي زمان العدة ما دامت لم تنقض ؟
أمّا إذا كان الطلاق بائنا فلا ينبغي الاشكال في عدم جواز تغسيل كل منهما الآخر لاعتبار المماثلة بين الغاسل والميِّت ، وإنّما خرجنا عنه في خصوص الزوج والزوجة وهما ليسا بزوج وزوجة في عدّة الطلاق البائن ، بل كل منهما أجنبي عن الآخر وهذا ظاهر .
وأمّا إذا كان الطلاق عدياً فالمشهور أنّ المرأة في العدّة الرجعية يجوز لها أن تغسل زوجها وبالعكس ، وقد استدلّوا على ذلك بما هو المعروف بين الأصحاب من أنّ المطلقة الرجعية بحكم الزوجة ، وهذا يدل على التنزيل وأنّ المطلقة الرجعية كالزوجة في الأحكام المترتبة عليها إلاّ أن يقوم دليل على الخلاف .
غير أن هذه الجملة ممّا لم ترد في شيء من الأخبار ، ولم تدل رواياتنا على تنزيل المطلقة الرجعية منزلة الزوجة في آثارها ، وإنّما هو كلام مشهور بين الأصحاب .
والّذي ينبغي أن يقال في المقام : إنّ المطلقة الرجعية زوجة حقيقة لا أنّها منزّلة منزلة الزوجة ، وتقريب ذلك : ما ذكرناه غير مرّة من أنّ الامضاء الشرعي قد لا يكون على وفق ما قصده المنشئ في المعاملات والايقاعات ، بل الشارع يمضيه مشروطاً بشيء ، وهذا أمر ممكن في نفسه وواقع في جملة من الموارد ، كما في الهبة والصرف والسلم والوقف ، حيث إنّ المنشئ قصد التمليك فيها من حين العقد إلاّ أنّ الشارع أمضاها مشروطة بالقبض والاقباض .
ــ[341]ــ
وعلى الجملة : أنّ الشارع المقدّس قد يمضي ما أنشأه المنشئ على إطلاقه ، كما في أكثر المعاملات والايقاعات الصحيحة .وقد لا يمضي على الاطلاق ، كما في المعاملات الفاسـدة كالربوي وغيره . وقد يكون إمضاؤه متوسطاً بين الأمرين فلا هو يمضـيه مطلقاً ولا هو لا يمضيه مطلقاً ، بل يمضيه مشروطاً بشرط كما عرفت ، ومعه يمكن أن يكون الطلاق من هذا القبيل ، لأنّ المنشئ وإن قصد البينونة مطلقاً إلاّ أنّ الشارع أمضاه بعد انقضاء العدّة فالمرأة قبل انقضائها زوجة حقيقة .
وهل هذا الأمر الممكن واقع ؟
الصحيح نعم ، وذلك لما ورد في الروايات المعتبرة من أنّ المرأة إذا انقضت عدّتها فقد بانت(1) حيث علقت البينونة على انقضاء العدّة ، ومقتضى مفهوم الشرط عدم البينونة قبل انقضاء العدّة ، والبينونة في قبال الزوجية ، فيدل مفهوم الرواية على أنّ الزوجية باقية قبل انقضاء العدّة .
ويؤيّده ما ورد من مرغوبية تزيين المطلقة الرجعية وإراءة نفسها من زوجها لعله يرغب في نكاحها والرجوع إليها (2) مع أنّ الأجنبية لا يجوز لها أن تتزين وتري نفسها للأجنبي .
ولأجل ما ذكرنا يجوز لزوجها أن ينظر إليها في زمان العدّة ويقبلها ويمسّها ، بل يجوز له كل شيء حتى وطئها ولو بقصد الزِّنا وعدم الرجوع ، وإن استفدنا من الروايات (3) أنّ الوطء بنفسه رجوع وهو مبطل للطلاق السابق عليه ، بخلاف مثل التقبيل واللمس والنظر ، فكونها رجوعاً يحتاج إلى القصد .
فالمتحصل : أنّ المطلقة الرجعية زوجة حقيقة فيجوز لها أن تغسل زوجها وبالعكس .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 22 : 203 / أبواب العدد ب 15 .
(2) الوسائل 22 : 217 / أبواب العدد ب 21 .
(3) لاحظ الوسائل 22 : 140 / أبواب أقسام الطّلاق ب 17 ، 18 ، 19 .
|