الشك في استناد القتل إلى الشهادة - حكم المبطون والمطعون وأمثالهما 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9955


ــ[394]ــ

   [ 868 ] مسألة 7 : إذا كان ثياب الشهيد للغير ولم يرض بابقائها ، تنزع (1) وكذا إذا  كانت للميت ولكن مرهونة عند الغير ولم يرض بابقائها عليه .

   [ 869 ] مسألة 8 : إذا وجد في المعركة ميت لم يعلم أنه قتل شهيداً أم لا فالأحوط تغسيله وتكفينه (2) خصوصاً إذا لم يكن فيه جراحة وإن كان لا يبعد ((1)) إجراء حكم الشهيد عليه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    إذا  كان ثياب الشهيد للغير

   (1) وذلك لأنّ الأمر بالدفن مع الثياب إنما يشمل الثياب التي تصلح للتكفين بها في نفسها ، وأما ما لا يصلح لذلك فهو غير مشمول للأمر بوجه ، كما إذا كانت ملكاً للغير أو متعلقاً لحق الغير ـ كما في المتن ـ فاذا نزعت ثيابه ، فان كان له ثوب آخر صالح للتكفين به في نفسه دفن معه ، وإذا لم يكن له ثوب بعد النزع فهو من العراة ويجب تكفينه كما سبق .

    الميِّت في المعركة إذا لم يعلم شهادته

   (2) هذا الاحتياط وإن كان استحبابياً لا محالة ، لعدم استبعاد الماتن إجراء حكم الشهيد عليه ، إلاّ أنه ـ استحبابياً كان أم وجوبياً ـ غير ممكن في المقام ، وذلك لما تقدّم قبل أسطر من أن سقوط التغسيل والتكفين في الشهيد عزيمة لا رخصة وأنه لا يجوز غسل دمائه ، فانه على ذلك يدخل المقام في كبرى دوران الأمر بين المحذورين ، لأنه إن كان شهيداً حرم تغسيله وتكفينه وغسل دمائه ، وإن لم يكن شهيداً وجب ، ولا معنى للاحتياط حينئذ ، لعدم إمكان الاحتياط ، والممكن إنما هو أحد الأمرين فحسب ، نعم إذا لم يكن على بدنه دم فهو قابل للاحتياط كما يأتي .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل هو بعيد .

ــ[395]ــ

   وأمّا عدم استبعاد كونه شهيداً فانما هو لمجرّد الظهور ، حيث وجد في المعركة ، أو من باب إلحاق الظن بالشيء بالأعم الأغلب ، وشيء منهما لا اعتبار به .

   ودعوى أن السيرة جارية على إلحاقه بالشهيد ساقطة ، إذ أي سيرة جرت على إجراء أحكام الشهيد على من شك في شهادته .

   نعم ، قد تكون الشهادة مورد الاطمئنان ، لأن أفراد المعسكر معلومين ، وكل اُمراء الصفوف يدرون أن من عندهم برز إلى ميدان القتال فقتل .

   وكيف كان ، فان كان هناك أمارة على الشهادة مفيدة للقطع أو الاطمئنـان فهي وإلاّ فالمسألة يبتني حكمها على حكم كبروي وهو جريان الأصل في الأعدام الأزلية وذلك للشك في أن القتل أو الموت هل اتصف بكونه في سبيل الله أم لم يتصف ، ففي حال حياته لم يكن موت ولا اتصاف بكونه في سبيل الله ، فإذا علمنا بحدوثه وشككنا في اتصافه بذلك وعدم اتصافه ، فالأصل أنه لم يتصف بكونه في سبيل الله فيجب تغسيله وتكفينه .

   بل المورد من موارد الأصل النعتي ، لأن الظاهر من الأخبار (1) أن المقتول في سبيل الله لا يغسل حيث استثني من وجوب تغسيل الميِّت المقتول فراجع ، فالقتل في سبيل الله صفة للانسان ، لا أن الكون في سبيل الله صفة للموت أو القتل . وبين العنوانين فرق ظاهر ، فان الأول مورد للأصل النعتي ، وذلك لأن ذلك الشخص الخارجي كان غير متصف بالقتل في سبيل الله قبل موته والأصل أنه الآن كما كان ، ومقتضى هذا الأصل وجوب تغسيله وتكفينه كما عرفت .

   وعلى الجملة : القتل في سبيل الله صفة حادثة مسبوقة بالعدم وعند الشك فيها يستصحب عدمها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 509 و 510 / أبواب غسل الميِّت ب 14 ح 7 ، 9 ولا يضرّ باعتبار الثاني كون ابن سنان في السند ـ في الكافي [ 3 : 212 / 5 ] والتهذيب [ 1 : 332 / 973 ] ـ لأنّ المراد به عبدالله كما استظهره صاحب الوسائل .

ــ[396]ــ

   [ 870 ] مسألة 9 : من اُطلق عليه الشهيد في الأخبار من المطعون والمبطون والغريق والمهدوم عليه ومن ماتت عند الطلق والمدافع عن أهله وماله لا يجري عليه حكم الشهيد إذ المراد التنزيل في الثواب (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وكذا الحال في المرجوم والمقتص منه ، لأنهما صفتان حادثتان مسبوقتان بالعدم . نعم إذا لم يكن الميِّت به أثر جراحة ولا دم ، قابل للاحتياط ، ولكنه مع الدم فقد عرفت أنه من دوران الأمر بين المحذورين ولا بدّ فيه من الرجوع إلى الاستصحاب كما ذكرناه .

    مَن لا يجري عليه حكم الشهيد

   (1) يمكن الاستدلال عليه بوجوه :

   منها : أن الشهيد منصرف إلى المستشهد في المعركة فهذه الأخبار الواردة في الموارد المذكورة في المتن (1) منصرفة إلى التنزيل بحسب الثواب لا التنزيل منزلة الشهيد من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع الوسائل 15 : 119 / أبواب جهاد العدوّ ب 46 والمستدرك 1 : 143 / أبواب الاحتضار ب 39 ح 40 ، 47 ، 48 وفي الأخير «الطعن شهادة والطاعون شهادة ، والحرق شهادة» . وفي الفقيه 1 : 84 / في غسل الميِّت ، الرقم 382 ، قال (عليه السلام) : «موت الغريق شهادة» وورد في الوسائل 1 : 383 / أبواب الوضوء ب 11 ح 3 : «فإنك تكون إذا مت على طهارة متّ شهيداً» . وفي الصحيح عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «يا أبا محمد إن الميِّت منكم على هذا الأمر شهيد ، قلت : وإن مات على فراشه ، فقال إي والله على فراشه حي عند ربه يرزق» . وغيرها من الروايات ، راجع الوافي 5 : 802 / 3066  باب البشارات للمؤمن .

         والحاصل: مضافاً إلى ما ذكره السيد الاستاذ ، أوّلاً : أن الأخبار الواردة في الموارد المذكورة في المتن غير «المدافع» كلها ضعاف ، مضافاً إلى أنه لا ينحصر بالموارد المذكورة . وثانياً : أن في بعض تلكم الموارد ورد النص المعتبر بتغسيلهم كما في الغريق والمحروق راجع الوسائل 2 : 475 / أبواب الاحتضار ب 48 ح 3 ، 4 ، 512 / أبواب غسل الميّت ب 16 ح 2 .

ــ[397]ــ

حيث الثواب والأحكام الشرعية المترتبة عليه ولو بملاحظة الأخبار الواردة في القتيل في سبيل الله والقتيل بين الصفين .

   ومنها : أن السيرة جارية على تغسيل وتكفين المبطون والمطعون والمقتول دون أهله وماله ومن ماتت عند الطلق ، ولم يسمع أن التي تموت عند الطلق لم تغسل ولم تكفن ، بل تدفن بثيابها من غير غسل .

   مع أن الموارد المذكورة محل الابتلاء فلو كان حكمهم حكم الشهيد ولم يجب فيهم التغسيل والتكفين لاشتهر الحكم وكان من الاُمور الواضحة . مع أنه لم يفت فقيه بسقوط الغسل والكفن في هذه الموارد .

   ومنها : أنّا لو لم ندّع الانصراف وأغمضنا النظر عن السيرة الجارية على التغسيل والتكفين ، أيضاً لا يمكننا إلحاق المذكورين بالشهيد ، وذلك لأن الأخبار الواردة في تلك الموارد بأنفسها تدل على أن التنزيل إنما هو بحسب علوّ المقام وعظم المنزلة والثواب ، لا أنه بحسب الأحكام الشرعية ، وذلك لأنها دلت على أن المذكورين في الروايات شهيد ، فنزّلوا منزلة مطلق الشهيد وطبيعيه ، ومن الظاهر أن طبيعي الشهيد ليس له حكم شرعي ، فان سقوط التغسيل والتكفين من الأحكام المترتبة على قسم خاص من الشهيد ، وهو الشهيد الذي أدركه المسلمون وليس به رمق الحياة ، أو الذي قتل في المعركة أو الأعم منها ومن خارجها على الخلاف .

   فالمقتول في سبيل الله على قسمين : قسم يغسّل ويكفّن كالذي أدركه المسلمون وهو حي ، وقسم لا يغسّل ولا يكفّن وهو الذي أدركوه ولم يكن به رمق الحياة والجامع بينهما ليس بموضوع للحكم بعدم تغسيله وتكفينه ، وحيث إنهم قد نزّلوا منزلة مطلق الشهيد دون الشهيد الذي أدركه المسلمون ولا رمق له ، فيعلم من ذلك أن التنزيل إنما هو بحسب علوّ المنزلة والثواب ، لترتبهما على طبيعي الشهيد ، لا أنه بحسب الأحكام الشرعية ، وهذا الوجه هو المعتمد عليه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net