[ 885 ] مسألة 10 : إذا ارتفع العذر عن الغسل أو عن خلط الخليطين أو أحدهما بعد التيمم أو بعد الغسل بالقراح قبل الدفن تجب الاعادة (2) .
ـــــــــــــــــــــ إذا ارتفع العذر قبل الدفن
(2) لأنّ المدرك في وجوب تيمم الميِّت حينئذ إمّا رواية زيد الدالّة على أنّ المجدور إذا مات ييمم(3) ، ولا يتحقق في موردها ارتفاع العذر بعد التيمم ، وإمّا المطلقات الدالّة على بدلية التيمم أو التراب عن الماء ـ كما هو الصحيح ـ وهي إنّما تدل على
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 503 / أبواب غسل الميِّت ب 13 .
(2) نفس المصدر .
(3) الوسائل 2 : 513 / أبواب غسل الميِّت ب 16 ح 3 .
ــ[51]ــ
وكذا بعد الدفن إذا اتّفق خروجه بعده على الأحوط ((1)) (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البدلية في صورة فقدان الماء ، ومن الظاهر أنّ المراد به ليس هو الفقدان آناًما أو ساعة أو ساعتين ، بل المراد به الفقدان في جميع أزمنة الواجب ووقته ، فإذا يمم الميِّت ثمّ وجد الماء أو الخليطان أو أحدهما قبل أن يدفن كشف عن عدم كون التيمم مأموراً به واقعاً ، لعدم تحقق شرطه وإن كان اعتقد فقدانه أو اعتمد على الاستصحاب أو البيّنة ونحوها ، إلاّ أنّ الأمر الخيالي أو الظاهري لا يجزي عن المأمور به الواقعي بوجه فتجب الاعادة في مفروض الكلام .
ارتفاع العذر بعد الدفن
(1) إذا اتّفق خروج الميِّت بزلزلة أو نحوها ، والكلام في هذه المسألة يقع في صورتين :
إحداهما : ما إذا ارتفع العذر في زمان لا يجوز تأخير الدفن إليه ، كما إذا وجد الماء بعد الدفن بعشرة أيّام ، لعدم جواز التأخير في الدفن إلى عشرة أيّام .
ثانيتهما : ما إذا ارتفع العذر في وقت يجوز التأخير في الدفن إليه .
أمّا الصورة الاُولى : فلا ينبغي الاشكال في عدم وجوب الاعادة ، لأن عدم ارتفاع العذر إلى وقت لا يجوز تأخير الدفن إليه يكشف عن أنّ الأمر بالتيمم كان أمراً واقعياً ، لتحقق شرطه وهو فقدان الماء مثلاً إلى زمان [ لا ] يجوز التأخير إليه وقد امتثله المكلّف على الفرض فلا موجب للاعادة ، فان ظرف التغسيل الواجب أو بدله إنّما هو قبل الدفن الأوّل ، لما دلّ على أنّ الميِّت يغسل ويكفن ويصلّى عليه ويدفن والمفروض عدم التمكّن من التغسيل في ذلك الوقت ، وأمّا الدفن الثاني فهو إنّما يجب بأمر آخر غير الأمر الأوّل ، ولم يقم دليل على وجوب التغسيل قبل الدفن الثاني أيضاً ، ومع الشك فالمرجع هو البراءة لا المطلقات ، لأنّها إنّما تدل على وجوب
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل على الأقوى ، كما أنّ الأظهر وجوب النبش إذا لم يستلزم الهتك .
ــ[52]ــ
التغسيل قبل الدفن الأوّل لا الثاني كما مرّ .
وقد يستدل على عدم وجوب الاعادة حينئذ بوجوب الفورية في الدفن الثاني لأ نّه على القول بها ينافي التغسيل .
وفيه : أنّ الفـورية ـ على القول بها ـ لم تثبت بدليل لفظي يمكن التمسُّك باطلاقه وإنّما ثبتت بالاجماع وهو دليل لبي يقتصر فيه على المقدار المتيقن وهو غير صورة وجوب التغسيل قبل الدفن .
على أن معنى الفورية عدم جواز المسامحة في الاتيان بالمأمور به ، وأمّا عدم جواز الاتيان بما يجب الاتيان به فلا ، لعدم كونه منافياً للفورية في الامتثال ، فالصحيح في الاستدلال على عدم وجوب الاعادة ما ذكرناه .
وأمّا الصورة الثانية : فالصحيح فيها وجوب الاعادة ، لأن وجدان الماء وارتفاع العذر في زمان جاز التأخير إليه في الدفن يكشف عن كون التيمم غير مأمور به بالأمر الواقعي لعدم تحقق شرطه ، واعتقاد الفقدان أو قيام البيّنة عليه أو الاعتماد فيه على الأصل لا يوجب الإجزاء ، لأنّ الأمر التخيلي أو الظاهري لا يقتضي الإجزاء كما مرّ .
بل لو تمكّن المكلّف في مفروض الكلام من التغسيل المأمور به قبل خروجه عن قبره لا يبعد القول بجواز النبش لاعادة التغسيل ، وذلك لكشف ذلك عن عدم كون التيمم مأموراً به بالأمر الواقعي ، فالدفن قد وقع قبل التغسيل المأمور به فينبش القبر ويعاد على الميِّت غسله .
ودعوى أنّ النبش محرم ، والتمكّن بعد الدفن يكشف عن كون التيمم مأموراً به واقعاً ، لعدم التمكّن من الماء إلى وقت الدفن وعدم جواز إخراجه من قبره .
مندفعة بأنّ النبش لم يقم دليل على حرمته سوى الاجماع المستند إلى حرمة هتك المؤمن ، لأن حرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً . والأدلّة اللبية يقتصر فيها على المورد المتيقن ، وهو ما إذا كان الدفن بعد الغسل المأمور به ، لا ما إذا وقع قبله فلا مانع من نبش القبر محافظاً على احترام المؤمن وتغسيله .
بل قد التزم المشهور بجواز النبش فيما إذا ظهر أنّ الغسل لم يقع على الوجه الصحيح
|