ــ[53]ــ
[ 886 ] مسألة 11 : يجب أن يكون التيمم بيد الحيّ لا بيد الميِّت (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما إذا كان بالماء النجس أو غير ذلك ممّا يوجب بطلان التغسيل ، وكذلك الحال في الاخلال بالكفن . نعم ، لا يجوز النبش للاخلال بالصلاة كما يأتي في محلِّه(1) .
وكيف كان ، فالنبش في هذه الصورة لا يبعد جوازه وإن كان يظهر من الماتن في المقام عدم الجواز ، لأ نّه تعرّض لوجوب إعادة الغسل إذا اتفق خروج الميِّت من قبره فان ظاهره عدم جواز إخراجه بالاختيار للتغسيل ، ولكنّه تعرض للمسألة في الكلام على النبش ولم يبن على أحد الطرفين ، بل استشكل في المسألة .
هل التيمم لا بدّ أن يقع بيد الحي ؟
(1) مقتضى الاحتياط الجمع بين التيمم بيد الميِّت والحيّ ، إلاّ أنّ الأقوى وجوبه بيد الميِّت ، لأنّ المدرك إن كان رواية زيد بن علي فقد ورد فيها «يمموه» (2) والتيمم قائم بالميت . وكذا لو كان المدرك هو المطلقات الدالّة على أنّ التيمم أو التراب أحد الطهورين(3) لأنّ التيمم متقوم بضرب اليدين على الأرض فلا يتحقق بدونه ، فلا بدّ من أن يضرب يدي الميِّت على الأرض وإلاّ فلو ضرب الحيّ يديه على الأرض ومسح بهما وجه الميِّت لم يتحقق من الميِّت .
توضيح وتفصيل
لا إشكال ولا خلاف في أنّ الوضوء والغسل والتيمم يعتبر فيها المباشرة فلا يكفي فعل الغير فيها مع تمكّن المكلّف من المباشرة لها بنفسه .
وأمّا إذا عجز المكلّف عن المباشرة فيسقط اعتبارها فيوضئه أو يغسله الغير ، لأنّ الوضوء والغسل ليسا إلاّ عبارة عن إجراء الماء على البدن أو أعضاء الوضوء ، وهذا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في المسألة [ 985 ] .
(2) الوسائل 2 : 513 / أبواب غسل الميِّت ب 16 ح 3 .
(3) الوسائل 3 : 370 / أبواب التيمم ب 14 ح 15 ، 385 / ب 23 .
ــ[54]ــ
يتحقق بفعل الغير أيضاً ، وقد ورد في بعض الأخبار أنّ الصادق (عليه السلام) كان به وجع شديد فأمر الغلمان أن يصبّوا الماء على بدنه في الاغتسال (1) هذا كلّه في الغسل والوضوء .
وأمّا التيمم فهو كالغسل والوضوء أيضاً ، فإذا لم يتمكّن المكلّف من مباشرته سقطت ووجب أن ييممه الغير ، بأن يأخذ الغير بيدي العاجز ويضربهما على وجه الأرض ثمّ يمسح بهما وجهه ويديه ، لا أن يضرب الغير بيديه على الأرض ، وذلك لأنّ التيمم يتقوم بضرب اليدين على الأرض فلا يتحقق التيمم من العاجز إلاّ بضرب يديه على الأرض ، وحيث إنّه عاجز عن ذلك بالمباشرة فيوجد الغير ضرب يدي العاجز على الأرض فيه .
بل عن صاحب الجواهر دعوى الاجماع عليه حيث قال : لم أقف على قائل بغيره (2) .
نعم ، إذا عجز المكلّف عن ذلك أيضاً ولم يمكن أن يضرب الغير بيدي العاجز على الأرض لليبس أو لغيره من الاُمور سقط اعتبار ضرب اليدين ، ووجب على الغير أن يضرب بيديه على الأرض ويمسح بهما على وجه العاجز ويديه . فالواجب أوّلاً هو المباشرة ، ومع التعذّر يقوم الغير به مع وجوب ضرب يدي العاجز على الأرض ، ومع العجز عنه يسقط اعتباره أيضاً ويجب على الغير ضرب يديه على الأرض ولا ينتقل من مرتبة إلى دونها إلاّ بالعجز عنها .
والدليل على وجوب ضرب الغير يديه على الأرض في المرتبة الثالثة ، هو أنّا لا نحتمل سقوط التكليف بالصلاة عن العاجز عن التيمم ، وذلك لعدم كونه فاقداً للطهورين ـ الماء والتراب ـ لوجود التراب عنده ، وغاية الأمر لا يمكنه أن يضرب يديه على الأرض ولو بواسطة الغير ، فيجب على الغير أن يحصّل له الطهور بضرب يديه على وجه الأرض ثمّ يمسح بهما وجه العاجز ويديه ، فالحكم على طبق القاعدة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 1 : 478 / أبواب الوضوء ب 48 .
(2) الجواهر 5 : 179 / كتاب التيمم .
ــ[55]ــ
وإن كان الأحوط ((1)) تيمم آخر بيد الميِّت إن أمكن ، والأقوى كفاية ضربة واحدة للوجه واليدين وإن كان الأحوط التعدد (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وممّا تقتضيه أدلّة بدلية التيمم من دون حاجة فيه إلى نص بالحصوص ، هذا كلّه في العاجز الحيّ .
وأمّا الميِّت ، فالأمر فيه كما عرفت ، لأ نّه الّذي تقتضيه القاعدة وأدلّة البدلية ، نعم المشهور القائلون بوجوب ضرب الغير يدي العاجز على الأرض في العاجز الحي مع التمكّن منه يلتزمون في المقام بأنّ الحي يضرب يديه على الأرض ويمسح بهما وجه الميِّت ويديه .
لكن عرفت أنّ الصحيح وجوب ضرب يدي الميِّت على الأرض مع الامكان ، نعم الأحوط هو الجمع بين التيمم بضرب الحي يديه على الأرض وبين التيمم بضرب يدي الميِّت عليها ، انتهى التوضيح .
وقد يقال : إنّ التيمم بدل عن الغسل ، فكما أنّ الغسل واجب على الحيّ دون الميِّت فكذلك التيمم واجب على الحي دون الميِّت .
ويندفع بأنّ الغسل إنّما يقع على الميِّت لأ نّه الّذي يغسل بدنه ، غاية الأمر بالمباشرة من الحي ، وهذا لا يقتضي أن يكون بدله ـ وهو التيمم ـ قائماً بالحي . بل يقتضي أن يكون التيمم كالغسل قائماً بالميت بمباشرة الحي ، إذن يجب أن يكون التيمم بيد الميِّت لا بيد الحي .
بل لعل القائل بكون التيمم واجباً على الحي نظر إلى أنّ الميِّت تيبست يداه ولا يمكن أن يضرب بهما على الأرض ، والأمر حينئذ كما ذكر لا بدّ من أن يكون التيمم بيد الحي إلاّ أ نّه إذا أمكن بيد الميِّت وجب ، كما مرّ أنّ الاحتياط يقتضي الجمع .
(1) كما يأتي في محلِّه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا الاحتياط لا يترك .
ــ[56]ــ
[ 887 ] مسألة 12 : الميِّت المغسّل بالقراح لفقد الخليطين أو أحدهما ، أو الميمم لفقد الماء أو نحوه من الأعذار لا يجب الغسل بمسه((1)) (1) وإن كان أحوط . ـــــــــــــــــــــ
مسّ الميِّت عند تعذّر الغسل المأمور به
(1) بل يجب الغسل بمسّه إذا كان الميِّت ميمماً ، لما تقدم في مبحث غسل مسّ الميِّت (2) من أ نّه يصدق أنّ الميِّت مسّه قبل التغسيل فيجب الغسل بمسّه .
وما دلّ على بدلية التيمم مقام الغسل إنّما يقتضي قيامه مقام الغسل وحسب ، وأمّا كونه كالغسل بالاضافة إلى سائر الواجبات والأحكام أيضاً فلا ، فليراجع .
نعم ، إذا غسل الميِّت بالقراح بدلاً عن الغسل بالخليط وقلنا بصحّته لم يجب الغسل بمسّه ، لأ نّه يصدق عليه أ نّه مسّ بعد التغسيل المأمور به .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مرّ أنّ الأظهر وجوبه عند مسّ الميِّت الميمم .
(2) راجع شرح العروة 8 : 210 .
|