ــ[91]ــ
وإن لم يتمكّن من ثلاث قطعات يكتفى بالمقدور ((1)) (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا لم يتمكّن من القطعات الثلاث
(1) ما تقدم كلّه فيما إذا كانت الأكفان الثلاثة ممكنة ومقدورة ، وأمّا إذا لم يمكن واحد منها أو اثنان فهل يجب التكفين بالممكن والمقدور منها أو لا يجب ؟ .
ذهب صاحب المدارك (قدس سره) إلى عدم الوجوب لسقوط الأمر عن الكل والمركب ، بتعذّر بعض أجزائه(2) .
وذهب جمع إلى الوجوب لقاعدة الميسور ، بل ذكر المحقق الهمداني (قدس سره) أنّ المورد من أظهر موارد صدق الميسور من المأمور به المعسور(3) أو الاستصحاب بدعوى أنّ التكفين بذلك المقدور كان متصفاً بالوجوب عند التمكّن من الجميع ، فإذا تعذّر الكل وشككنا في سقوط الوجوب عن المقدار الممكن منه نستصحب وجوبه .
ولا يتم شيء من ذلك ، أمّا قاعدة الميسور فلما ذكرناه مراراً من عدم تماميتها في نفسها لضعف الأخبار المستدل بها على تلك القاعدة (4) .
وأمّا الاستصحاب فهو أفحش ، إذ لا موضوع حتّى يستصحب ، فانّ المتيقن هو الوجوب الضمني عند التمكّن من الكل وهو مرتفع قطعاً ، والمشكوك فيه هو الوجوب النفسي الاستقلالي ولا حالة سابقة له .
ودعوى : أنّ الاستصحاب يجري في الطبيعي الجامع بين القسمين ، غير مسموعة إذ لا يصدق على رفع اليد عن اليقين السابق عند الشك نقض اليقين بالشك ، لأنّ المتيقن وهو الوجوب الضمني قد ارتفع قطعاً . هذا على أ نّه من الأصل الجاري في الأحكام ولا نقول بجريان الاستصحاب فيها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على الأحوط فيه وفيما بعده .
(2) لاحظ المدارك 2 : 95 وفيه : (يجزئ عند الضرورة قطعة ، لأنّ الضرورة تجوّز دفنه بغير كفن فبعضه أولى) . ولعلّ المراد به صاحب الحدائق كما حكى عنه هذا القول الهمداني في مصباحه ، راجع الحدائق 4 : 14 .
(3) مصباح الفقيه (الطّهارة) : 392 السطر 24 .
(4) عوالي اللّئالي 4 : 58 .
ــ[92]ــ
وإن دار الأمر بين واحدة من الثلاث تجعل إزاراً (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا فيما إذا تجدد العجز بعد الموت ، وأمّا لو كان التعذّر سابقاً على الموت فلا وجوب ليستصحب إلاّ على نحو التعليق بأن يقال : لو كان الميِّت قد مات عند التمكّن من الأكفان كان التكفين بهذا الجزء واجباً والآن كما كان ، ولا نلتزم بالاستصحاب التعليقي بوجه .
والصحيح في المقام أن يقال بما ذكرناه في الأغسال(1) وحاصله : أنّ المستفاد من الأخبار الواردة في التكفين أنّ الواجب انحلالي ، وأنّ التكفين بكل قطعة من القطعات واجب بحياله ، وفي بعض الأخبار أنّ التكفين بالثوبين والتكفين بالقميص كذا(2) ، وهو يدل على أن كلاًّ منها تكفين مستقل فإذا تعذّر بعضها فلا موجب لسقوط الآخر عن الوجوب .
دوران الأمر بين واحدة من الثلاث
(1) إذا كانت هناك قطعة يمكن أن تجعل إزاراً ويمكن جعلها قميصاً أو مئزراً هل يتخيّر في صرفها بين واحد من الثلاث ؟ أو يتعيّن صرفها في الازار وإن لم يمكن ففي القميص ؟
تختلف المسألة باختلاف المدرك في الحكم بوجوب التكفين الممكن من الثلاث ، فان كان المدرك فيه ما قدمناه من أن مقتضى الأخبار الواردة في المقام هو الانحلال وكون كل قطعة من الثلاث واجباً مستقلاًّ ، فيدخل المقام في كبرى التزاحم للعلم بوجوب الأكفان الثلاثة في الشريعة المقدسة إلاّ أ نّه لا يتمكّن من الجميع وإنّما يتمكّن من أحدها ، فيقع التزاحم بين صرفه في الازار أو القميص أو المئزر ، وحيث إن احتمال الأهميّة مرجح في باب المتزاحمين ، فلا بدّ من الحكم بصرفه في الازار لاحتمال أهميّته بالوجدان ، وعلى تقدير عدم التمكّن منه فيصرف في القميص .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 26 .
(2) الوسائل 3 : 32 / أبواب التكفين ب 14 .
|