الأخبار الدالّة على لزوم كون التطهير بالماء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7303


ومنها : أمره (عليه السلام) بغسل الثوب بالماء في المركن مرتين، وفي الماء الجاري مرة واحدة(3).

   ومنها : أمره (عليه السلام) بتعفير الاناء أولاً ثم غسله بالماء (4) .

   ومنها : أمره بغسل الأواني المتنجسة بالماء (5) .

   ومنها : أمره بصب الماء في مثل البدن إذا تنجس بالبول ونحوه (6) ، وبهذه المقيّدات نرفع اليد عن المطلقات المقتضية لكفاية الغسل مطلقاً . وببيان آخر إذا ثبت وجوب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع رواية بريد بن معاوية عن أبي جعفر (عليه السلام) المروية في الوسائل 1 : 317 / أبواب أحكام الخلوة ب 9 ح 6 .

(2) ورد ذلك في موثقة عمار الساباطي عن أبي عبدالله (عليه السلام) المروية في الوسائل 3 : 496 / أبواب النجاسات ب 53 ح 1 .

(3) كما في صحيحة محمد بن مسلم المروية في الوسائل 3 : 397 / أبواب النجاسات ب 2 ح 1 .

(4) كما في صحيحة الفضل أبي العباس عن أبي عبدالله (عليه السلام) المروية في الوسائل 3 : 415 / أبواب النجاسات ب 12 ح 2 .

(5) كما في موثقة عمار بن موسى المروية في الوسائل 3 : 494 / أبواب النجاسات ب 51 ح 1 .

(6) كما في صحيحة الحسين بن أبي العلاء المروية في الوسائل 3 : 395 / أبواب النجاسات ب  1 ح 4 وغيرها .

ــ[29]ــ

الغسل بالماء في الموارد المنصوصة المتقدمة فيثبت في جميعها ، لعدم القول بالفصل حتى من السيد (قدس سره) لأن من قال باعتبار الغسل بالماء في الموارد المتقدمة قال به في جميع الموارد ، وكيف كان فلا نعتمد على شيء من المطلقات الواردة في المقام .

   الوجه الثاني : الاجماع ، حيث استدلّ به السيد المرتضى (قدس سره) على كفاية الغسل بالمضاف في تطهير المتنجسات ، وهذا الاجماع ـ  مضافاً إلى أ نّه مما لا يوافقه فيه أحد من الأصحاب غير الشيخ المفيد (قدس سره)  ـ اجماع على أمر كبروي وهو أن الأصل في كل ما لم يدلّ دليل على حرمته أو نجاسته هو الحلية والطهارة ، وقد طبقها هو (قدس سره) على المقام بدعوى أ نّه لم يرد دليل على المنع من تطهير المتنجس بالمضاف ، فهو أمر جائز وحلال والمغسول محكوم بالطهارة ، وصدور أمثال ذلك منه (طاب ثراه) في المسائل الفقهية غير عزيز .

   ثم إن الاجماع الذي ادعاه على الكبرى المتقدمة وإن كان كما أفاده تاماً إلاّ أن الاشكال كلّه في تطبيقها على المقام ، وذلك لأ نّا إن قلنا بما سلكه المشهور من جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية ، فإن المورد من موارد استصحاب النجاسة بعد غسله بالمضاف ، ومعه لا تصل النوبة إلى قاعدة الطهارة والحلية وهو ظاهر . نعم ، إذا بنينا على ما سلكناه من عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية لمعارضته دائماً باستصحاب عدم الجعل ـ  على ما حققناه في محلّه  ـ فلا مانع من تطبيق الكبرى الاجماعية على المقام من تلك الناحية ، إذ لا استصحاب هناك حتى يمنع عن جريان قاعدة الطهارة بعد غسل المتنجس بالمضاف ، أو عن جريان البراءة عن حرمة أكله أو شربه ، كما أن مقتضى البراءة جواز الصلاة فيه ، بناءً على ما حققناه في محلّه من جريان البراءة عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، وبها ندفع اشتراط الغسل بالماء إلاّ أ نّا ندعي قيام الدليل الاجتهادي على بقاء النجاسة بعد الغسل بالمضاف ، وهو الأخبار المتقدمة الواردة في مقامات مختلفة ، لأ نّها دلّت على تقييد إطلاقات الغسل بالماء ، وكيف كان فلا تنطبق الكبرى الاجماعية على المقام .

   الوجه الثالث : أن الغرض من وجوب الغسل في المتنجسات ليس إلاّ إزالة النجاسة عن المحل ، والازالة كما تتحقق بالغسل بالماء كذلك تحصل بالغسل بالمضاف

ــ[30]ــ

أو بغيره من المائعات .

   والجواب عن ذلك : أنّ هذه الدعوى مصادرة لأ نّها عين المدّعى ، فمن أخبرنا أنّ الغرض من وجوب الغسل مجرّد إزالة العين كيف ما اتفقت كيف ولو صحت هذه الدعوى لتمّ ما ذهب إليه الكاشاني (قدس سره) من عدم وجوب الغسل رأساً (1) ، فإنّ الازالة كما تحصل بالغسل تحصل بالدلك والمسح أيضاً ، إذن فما الموجب لأصل وجوب الغسل ، فهذا الوجه استحساني صرف ، والسيد أيضاً لا يرتضي بذلك ، لأ نّه يرى أصل الغسل واجباً كما مرّ ، ولا يكتفي بمجرد إزالة العين في حصول الطهارة .

   الوجه الرابع : قوله تعالى (وثيابك فطهِّر ) (2) بتقريب انه سبحانه أمر نبيّه الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بتطهير ثيابه، ولم يقيّد التطهير بالماء. فمنها يظهر أنّ المطلوب مجرد التطهير سواءً كان بالماء أو بشيء آخر .

   وفيه : أن الآية لا دلالة لها على المدعى بوجه ، لأ نّا إن حملنا التطهير في الآية المباركة على معناه اللغوي ، وهو إزالة الأوساخ والقذارات كما هو المناسب لمقام النبوّة ، فإنّه لا تناسبها الوساخة والقذارة في البدن والثياب المسببتان لاثارة التنفّر والانزعاج ، وهو خلاف غرض النبي (صلىّ الله عليه وآله وسلّم) بل خلاف قوله أيضاً فإنّه الذي أمر الناس بالنظافة وعدّها من الإيمان بقوله : «النظافة من الإيمان» (3) .

   ويؤيّده أنّ أحكام النجاسات لعلّها لم تكن ثابتة في الشريعة المقدسة حين نزول الآية المباركة ، فإن السور القصار إنّما نزلت حين البعثة ، ولم يكن كثير من الأحكام وقتئذ ثابتة على المكلفين ، فلا تكون الآية مربوطة بالمقام ، لأن البحث إنّما هو في الطهارة الاعتبارية ، لا في إزالة القذارة والوساخة التي هي معنى التطهير لغة .

   وكذا الحال فيما إذا حملنا التطهير في الآية على ما نطقت به الأخبار الواردة في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مفاتيح الشرايع 1 : 77 .

(2) المدثر 74 : 4 .

(3) نهج الفصاحة : 636 .

ــ[31]ــ

تفسيرها (1) حيث دلت على أن المراد منها عدم التسبب لتنجس الثياب باطالتها وترك تشميرها كي تحتاج إلى تطهيرها ، فمعنى الآية : قصّر ثيابك لئلاّ تطول وتتلوث بما على الأرض من النجاسات ، وتحتاج إلى تطهيرها ، وليس المراد بها تطهير ثيابه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعد تنجسها نظير قوله تعالى : (يريد الله ليذهب عنكم الرِّجس أهل البيت ويطهِّركم تطهيرا ) (2) فإن معناه ليس هو تطهيرهم بعد صيرورتهم غير طاهرين ، فالآية أجنبية عن المقام .

   وإن حملنا التطهير فيها على التطهير شرعاً ، الذي هو مورد الكلام ، فلا يمكن الاستدلال بها في المقام أيضاً ، فإن الآية على هذا إنّما دلت على لزوم تطهير الثياب وأمّا أن التطهير يحصل بأي شيء فهي ساكتة عن بيانه ولا دلالة لها على كيفية التطهير ، وأ نّه لا بدّ وأن يكون بالماء أو بالأعم منه ومن المضاف أو بكل ما يزيل العين وإن لم يكن من المضاف أيضاً ، فلا يستفاد منها شيء من هذه الخصوصيات ، فلو دلت فإنّما تدل على مسلك الكاشاني (قدس سره) من عدم اعتبار الغسل رأساً (3)، ولا يرضى به المستدلّ .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net