ــ[138]ــ
[ 918 ] مسألة 19 : القدر الواجب من الكفن يؤخذ من أصل التركة ـ في غير الزّوجة والمملوك ـ مقدّماً على الديون والوصايا . وكذا القدر الواجب من سائر المؤن من السدر والكافور وماء الغسل وقيمة الأرض ، بل وما يؤخذ من الدفن في الأرض المباحة واُجرة الحمال والحفّار ونحوها في صورة الحاجة إلى المال(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكفن يؤخذ من أصل التركة
(1) أمّا بالاضـافة إلى الكفن فلا ينبغي الاشـكال فيما أفـاده ، لرواية السـكوني الدالّة على أنّ الكفن أوّل شيء يبدأ به من أصل التركة مقدّماً على الدّين والوصيّة والميراث(1) . ورواية زرارة الدالّة على أن ثمن الكفن يؤخذ من أصل التركة مقدّماً على الدّين(2) . وأمّا الوصية والارث فتأخرهما معلوم من الخارج .
وفي سند رواية زرارة معاذ على طريق الكليني وقد وقع الكلام في ضعفه ووثاقته ولكن الظاهر وثاقته إذ وثّقه الشيخ المفيد (قدس سره) في الارشاد (3) . على أنّها على طريق الشيخ والصدوق مروية عن علي بن رئاب عن زرارة من دون توسط معاذ ، ومعه لا شبهة في اعتبار الرواية وإن لم نبن على وثاقة معاذ (4) .
وأمّا بالاضافة إلى سـائر المؤن فالكـلام يقع في مـدرك ذلك حيث لم يرد فيه نص .
والظاهر أنّ المسألة متسالم عليها بينهم وأنّها إنّما تخرج من أصل التركة مقدّمة على الديون والوصايا والميراث .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 19 : 329 / كتاب الوصايا ب 28 ح 1 .
(2) الوسائل 19 : 328 / كتاب الوصايا ب 27 ح 2 .
(3) الارشاد 2 : 216 / في النصّ على إمامة موسى بن جعفر (عليه السلام) .
(4) الظاهر زيادة كلمة عن معاذ في الكافي 7 : 23 / 2 كما أ نّه غير موجود في الوافي 24 : 155 فانّه لم تثبت رواية علي بن رئاب عنه وروايته عن زرارة في شيء من الروايات .
ــ[139]ــ
مضافاً إلى السيرة الجارية عليه ، حيث إن من البعيد بل لا نستعهد شخصاً مات ولم يخلف ديوناً في ذمّته ، ومعه لم ير التوقف في تجهيزه نظراً إلى أ نّه مديون لا يمكن إخراج مؤونة تجهيزه من ماله ، بل نراهم يقدمـون على تجهيزه ودفنه من دون توقف على ذلك .
ويدل عليه : مضافاً إلى التسالم والسيرة : الأخبار الآمرة بالغسل والكفن والتحنيط والتجهيز والدفن ، لورودها في مقام البيان وقد سكتت عن بيان مورد تلك المؤن وأنّها من مال الميِّت أو من أموال المسلمين ، وحيث لا يحتمل أن تكون المؤونة في أموال المسلمين ، لما يأتي من عدم وجوب بذل الكفن أو غيره من لوازم تجهيز الميِّت على المسلمين وإنّما الواجب عليهم هو العمل لا بذل المال وإن كان بذل الكفن أمراً مستحبّاً ، يتعيّن أن يكون من مال نفسه إذا كان له مال .
وهذا يستفاد أيضاً من سكوت الأخبار البيانية ، وبهذه القرينة لا بدّ من حمل الكفن الوارد في المعتبرتين على المثال .
وظني أ نّهم (عليهم السلام) إنّما اقتصروا على ذكر الكفن من جهة عدم توقف تجهيز الميِّت في عصورهم (عليهم السلام) على المال سوى الكفن . فانّ الماء كان مباحاً لا يبذل بازائه المال ولا سيما في القرى والبوادي ، وكذا الأراضي كانت مباحة لا يؤخذ عليها المال ، وأمّا السدر والكافور فقليل ، ولم يبق إلاّ الكفن فقد كان يؤخذ عليه مال معتد به ، ولذا خصّوه (عليهم السلام) بالذكر ، وإلاّ فالكفن وغيره من المؤن تخرج من أصل التركة .
وتدلّ عليه موثقة الفضل قال : «سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) فقلت له : ما ترى في رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به أشتري له كفنه من الزكاة ؟ فقال : أعط عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون هم الّذين يجهزونه . قلت : فان لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فاُجهزه أنا من الزكاة ؟ قال : كان أبي يقول : إنّ حرمة بدن المؤمن ميتاً كحرمته حيّاً ، فوار بدنه وعورته وجهّزه وكفّنه وحنّطه
|