الأخبار الواردة في جواز التطهير بالمضاف 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7449


   الوجه الخامس : الروايات الواردة في جواز التطهير بالمضاف وهي أربع :

   إحداها : مرسلة المفيد (قدس سره) حيث قال بعد حكمه بجواز الغسل بالمضاف : إنّ ذلك مرويّ عن الأئمة (عليهم السلام) (4) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواها في الكافي 6 : 455 / 1 ، ونقلها عنه في البرهان في المجلد الرابع ص  399 ـ 400، كما نقل غيرها فإليك شطر منها : (منها) ما عن علي بن إبراهيم ثيابك فطهر قال تطهيرها تشميرها ، أي قصرها ، ويقال شيعتنا مطهرون . (منها) ما عن معلى بن خنيس عن أبي عبدالله في رواية ، والله تعالى يقول : وثيابك فطهِّر قال : وثيابك ارفعها ولا تجرها (منها) : ما عن رجل من أهل اليمامة كان مع أبي الحسن (عليه السلام) أيام حبس ببغداد، قال قال لي أبو الحسن : إن الله تعالى قال لنبيه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وثيابك فطهر وكانت ثيابه طاهرة ، وإنّما أمره بالتسنيم .

(2) الأحزاب 33 : 33 .

(3) مفاتيح الشرائع 1 : 77 .

(4) كما نقله في الحدائق 1 : 402 نقلاً عن المحقق .

ــ[32]ــ

   ثانيتها : رواية غياث عن أبي عبدالله (عليه السلام) عن أبيه عن علي (عليه السلام) قال : لا بأس أن يغسل الدم بالبصاق (1) .

   ثالثتها : صحيحة حكم بن حكيم بن أخي خلاد الصيرفي أنه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) فقال له : «أبول فلا اُصيب الماء وقد أصاب يدي شيء من البول فأمسحه بالحائط وبالتراب ، ثم تعرق يدي فأمسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي ، فقال : لا بأس به» (2) .

   رابعتها : مرسلة الكليني (قدس سره) حيث قال : روي أ نّه لا يغسل بالريق شيء إلاّ الدم (3) وهذه جملة الأخبار التي استدلّ بها على جواز غسل المتنجس بالمضاف ولا يتمّ شيء من ذلك .

   أمّا مرسلة الكليني فقد نطمئن بعدم كونها رواية اُخرى غير ما ورد من أنّ الدم يغسل بالبصاق كما في رواية غياث ، بل هي هي بعينها .

   وأمّا مرسلة المفيد فهي التي طالبه بها المحقق (قدس سره) إذ لا أثر منها في شيء من كتب الروايات ، ولعلّها صدرت منه اشتباهاً وهو غير بعيد ، كما نشاهده من أنفسنا حيث قد نطمئن بوجود رواية في مسألة وليس منها عين ولا أثر .

   وأمّا رواية حكم بن حكيم فهي وإن كانت صحيحة بحسب السند إلاّ أنها أجنبية عمّا نحن فيه رأساً ، إذ الكلام في مطهّرية المضاف دون المسح على الحائط والتراب ، بل لا قائل بمطهرية المسح من الفريقين في غير المخرجين لأن العامة إنّما يرون (4) المسح

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 205 / أبواب الماء المضاف ب 4 ح 2 .

(2) الوسائل 3 : 401 / أبواب النجاسات ب 6 ح 1 .

(3) الوسائل 1 : 205 / أبواب الماء المضاف ب 4 ح 3 .

(4) كما جرت على ذلك سيرتهم عملاً ، فإن الحائط عندهم كالأحجار عندنا في الاستنجاء بلا فرق في ذلك عندهم بين مخرج الغائط والبول ، كما في مغنى المحتاج : 1 / 43 والفقه على المذاهب الأربعة ص 97 ـ 100 من الجزء الأول . نعم حكى فيه عن المالكية القول بكراهة الاستنجاء على جدار مملوك له . بل سووا بين المخرجين في الاستنجاء بالأحجار أو بغيرها في جميع الأحكام والمستحبات . فهذا هو الشوكاني قال في نيل الأوطار المجلد 1 ص 94 قال أصحابنا : ويستحب أن لا يستعين باليد اليمنى في شيء من أحوال الاستنجاء إلاّ لعذر ، فإذا استنجى بماء صبه باليمنى ومسح باليسرى ، وإذا استنجى بحجر فإن كان في الدبر مسح بيساره ، وإن كان في القبل وأمكنه وضع الحجر على الأرض ، أو بين قدميه بحيث يتأتى مسحه أمسك الذكر بيساره ومسحه على الحجر ، وإن لم يمكنه واضطر إلى حمل الحجر حمله بيمينه وأمسك الذكر بيساره ومسح بها ، ولا يحرك اليمنى ..

ــ[33]ــ

على الحائط مطهّراً في خصوص المخرجين دون غيرهما ، فالرواية مخالفة لجميع المذاهب فلا محيص من طرحها أو تأويلها . نعم ، هي على تقدير تماميتها سنداً ـ  كما هي كذلك  ـ ودلالة من جملة الأدلّة الدالّة على عدم منجسية المتنجس . ويأتي الكلام عليها في محلّه إن شاء الله تعالى .

   وأمّا الرواية الثانية : فهي ضعيفة السند بغياث بن إبراهيم ، إذ لا يعمل على ما يتفرّد به من رواياته (1) ، هذا على أ نّها مختصة بالبصاق والدم ، ولو فرض أ نّها عامّة شاملة لغير الدم أيضاً عارضها ما نقله نفس غياث في رواية اُخرى له من أن البصاق لا يغسل به غير الدم (2) وعليه فتكون الرواية أخص من المدعى ، فإنّ السيد يرى جواز الغسل بمطلق المضاف دون خصوص البصاق ، كما أ نّه يرى المضاف مطهّراً من جميع النجاسات لا في خصوص الدم ، فعلى تقدير تمامية الرواية لا بدّ من الاقتصار على موردها وهو مطهّرية البصاق في خصوص إزالة الدم ، وهو ما ذكرناه من أخصية الدليل عن المدعى .

   والمتحصل : أن ما ذهب إليه المشهور من عدم رافعية المضاف في شيء من الحدث والخبث هو الصحيح .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هكذا ذكره المحقق (قدس سره) في المعتبر كما في الجزء الأوّل من الحدائق من الطبعة الأخيرة ص  406 ، ولكن الحق انّ الرجل موثق قد وثقه النجاشي (قدس سره) [ 305 / 833 ] ، وكونه بتري المذهب لا ينافي وثاقته كما ان الظاهر أن موسى بن الحسن الواقع في سند الرواية هو موسى بن الحسن بن عامر الثقة لأ نّه المعروف والمشهور ، وقد روى سعد عنه في عدّة مواضع ، إذن فالرواية موثقة .

(2) الوسائل 1 : 205 / أبواب الماء المضاف ب 4 ح 1 .

ــ[34]ــ

وإن لاقى نجساً تنجس وإن كان كثيراً ، بل وإن كان مقدار ألف كر فإنّه ينجس بمجرّد ملاقاة النجاسة ولو بمقدار رأس إبرة في أحد أطرافه فينجس كلّه (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    وأمّا ما ذهب إليه ابن أبي عقيل من جواز الغسل بالمضاف عند الاضطرار فلعلّه اعتمد في ذلك على الرواية المتقدمة (1) الدالّة على أن المضاف يرفع الحدث عند عدم الماء ، فإن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) توضأ بالنبيذ عند عدمه ، حيث يستفاد منها كفاية المضاف في رفع الخبث عند عدم الماء بطريق أولى ، ولكنا قدمنا أن المضاف لا يكفي في شيء من رفع الحدث والخبث بلا فرق في ذلك بين وجود الماء وعدمه وأنّ الرواية مؤولة ولم يثبت أنها من الإمام (عليه السلام) وقد ورد في بعض الأخبار المعتبرة التي قدمنا نقلها في أوائل الكتاب : «أنّ بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض ، وقد وسع الله عليكم بأوسع ما بين السماء والأرض وجعل لكم الماء طهوراً ، فانظروا كيف تكونون» (2) وهي قد دلّت على حصر الطهور في الماء بقرينة اقتصاره (عليه السلام) عليه في مقام الامتنان ، فلا طهور غيره من المائعات بلا فرق في ذلك بين صورتي الاختيار والاضطرار .

   (1) والكلام في ذلك يقع في مقامين :

   أحدهما : في أصل انفعال المضاف بملاقاة النجاسة .

   وثانيهما : في أ نّه على تقدير انفعاله هل يفرق فيه بين كثيره وقليله ؟ فإذا كان بمقدار الكر فحكمه حكم الماء المطلق أو انه لا فرق بين قلته وكثرته ؟




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net