وجوب كون المسح باليد - مستحبات الحنوط 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6100


ــ[158]ــ

لازم جعل الكافور المسحوق ـ كما في بعض الأخبار (1) ـ عليها ، إذ أ نّه ليس كجعل شيء جامد على الموضع لئلاّ يبقى منه أثر على المحل بعد رفعه ، ولا يختلف هذا باختلاف المواضع .

   نعم ، ورد في رواية يونس الأمر بجعل الكافور على جبهة الميِّت والأمر بمسحه على مفاصله (2) ، وربّما توهّم من ذلك أنّ الجعل واجب في الجبهة والمسح واجب في غيرها ، إلاّ أنّ الرواية ذكرت بعد ذلك عطفاً على المسح بالكافور : «وفي رأسه وفي عنقه ومنكبيه ومرافقه وفي كل مفصل من مفاصله ... » وكأ نّه تفسير لما ذكره أوّلاً من الأمر بالمسح بالكافور على جميع مفاصله . وهذا ظاهر في أنّ الألفاظ ليست من الإمام (عليه السلام) وإنّما هي من الراوي ذكرها تفسيراً للحكم الّذي سمعه من الإمام (عليه السلام) ومن هنا نرى أنّ الرواية لا تخلو عن اضطراب في ألفاظها ، فمرّة تعدّى المسح فيها بـ «على» واُخرى بـ «في» ووقع التكرار فيها ، إلى غير ذلك ممّا يبعد كون الألفاظ من الإمام (عليه السلام) .

   والّذي يدلّنا على ذلك : أنّ الرواية مروية عنهم (عليهم السلام) لا عن إمام معيّن قال في الكـافي : عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن رجاله عن يونس عنهم (عليهم السلام) قال : ... (3) إذ لو كان المراد هو الأئمة (عليهم السلام) للزم أن يقول : قالوا فقوله : قال ظاهر في أنّ القائل هو يونس يروي الحكم الّذي سمعه عنهم ومن ثمة قد تعدى المسح فيها مرّة بعلى واُخرى بفي . إذن لا يمكن الاستدلال بتلك الألفاظ ولا بدّ من الرجوع إلى بقيّة الأخبـار ، وقد عرفت دلالتها على وجوب كلا الأمرين من الوضع والمسح من غير فرق بين موضع وموضع .

   الجهة الرابعة :  في الماسح ، احتاط الماتن أوّلاً بأن يكون المسح باليد ، ثمّ ترقى وقال بل بالراحة ، وما صنعه أوّلاً فهو في مورده ، لأنّ المسح في اللّغة إذا استعمل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 32 /  أبواب التكفين ب 14 ح 3 .

(2) نفس المصدر .

(3) الكافي 3 : 32 /  3 .

ــ[159]ــ

بالباء ـ كما إذا قيل : مسح به ـ فيراد منه المسح باليد ، فإذا قيل : مسح رأسه بالدهن فمعناه أ نّه مسح رأسه الدهن بيده ، فاليد مأخوذة في مفهوم المسح عند تعديته بالباء .

   نعم ، إذا استعمل المسح من دون تعديته بشيء فهو بمعنى الازالة ، فإذا قيل : مسح الكتابة والخط ، فمعناه أ نّه أزاله ، فهذا الاحتياط في مورده .

   وأمّا ما صنعه ثانياً ، بأن يكون المسح بباطن اليد وبالراحة فهو أيضاً لا بأس به لكنّه ليس في مرتبة الاحتياط الأوّل، لأن كون المسح بمعنى المسح بباطن اليد وبالراحة لم يذكره إلاّ بعضهم ـ كما في أقرب الموارد(1) ـ على أنّ المسح باليد لا يراد منه عادة سوى المسح بباطن اليد لا بظاهرها .

    الكلام في مستحبّات الحنوط

   الاُمور الّتي يدعى استحبابها في الحنوط إمّا أن يدل على استحبابها دليل معتبر فلا إشكال في استحبابها حينئذ ، كما في استحباب التحنيط للمفاصل لوروده في جملة من الروايات المعتبرة (2) .

   وإمّا أن يدل على استحبابها رواية ضعيفة فالقول باستحبابها حينئذ يتوقف على القول بالتسامح في أدلّة السنن وتمامية أخبار من بلغ ، إلاّ أن ذلك إنّما هو فيما إذا لم تكن الرواية معارضة ، ومع التعارض فلا يمكن ثبوت الاستحباب بتلكم الروايات ، لأ نّها لو دلّت فانّما تدل على استحباب ما بلغ فيه الثواب ، وأمّا ما بلغ فيه الثواب وعدمه فهو غير مشمول لها بوجه ، وهذا كما في بصره ومسامعه ومنخريه حيث نهي عنه في معتبرة يونس(3) وغيرها ، كما أمر به في معتبرة زرارة(4) وعبدالله بن سنان(5) وموثقة عمّار (6) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أقرب الموارد  2 : 1208 .

(2) الوسائل 3 : 32 /  أبواب التكفين ب 14 ح 1 ، 37 /  ب 16 ح 6 .

(3) الوسائل 3 : 32 /  أبواب التكفين ب 14 ح 3 .

(4) الوسائل 3 : 37 /  أبواب التكفين ب 16 ح 6 .

(5) الوسائل 3 : 37 /  أبواب التكفين ب 16 ح 3 .

(6) الوسائل 3 : 33 /  أبواب التكفين ب 14 ح 4 .

ــ[160]ــ

ولا يبعد استحباب (1) مسح إبطيه(2) ولبته(3) ومغابنه (4)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) إن أراد بذلك الاستحباب في مجموع ما ذكره فهو كما ذكره . وأمّا إن أراد الاستحباب في كل واحد واحد منها فالتعبير بـ «لا يبعد» في غير محلِّه ، لأنّ الاستحباب في المفاصل ثابت جزماً ولا معنى لنفي البعد عنه .

   (2) لأ نّهما المقدار المتيقن من المغـابن الواردة في مرسلة (1) يونس(2) على ما في التهذيب(3) حيث ورد فيها «وامسح بالكافور على جميع مغابنه» لأنّ المراد بالمغابن إمّا جميع المواضع الوسخة أو خصوص الإبطين .

   (3) وهي موضع القلادة ، ويدل على ذلك ما ورد في استحباب جعل الحنوط في الصدر ـ فان موضع القلادة من الصدر ـ كما في حسنة الحلبي(4) وورد ذلك أيضاً في رواية الكاهلي وحسين بن المختار (5) .

   (4) الظاهر أ نّه اعتمد في ذلك على تفسير المغابن بالمواضع الوسخة ، وهو الصحيح إذ لو كان المراد منها خصوص الإبطين لقال : واجعله في مغبنيه ، فانّ المغابن جمع مغبن وليس في الميِّت إلاّ إبطان ومغبنان لا مغابن ، وعليه فتشمل المغابن لباطن الإبطين ومنتهى الفخذين ، بل وباطن القدمين وغيرها من المواضع الّتي تجتمع الأوساخ فيها .

    استدراك

   ذكرنا أنّ المستند في الحكم باستحباب التحنيط في الإبطين والمغابن هو ما رواه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التعبير بالمرسلة غير صحيح ، فانّها معتبرة على رأي سيِّدنا الاُستاذ (دام ظلّه) كما يعبّر بذلك في نفس المسألة .

(2) الوسائل 3 : 32 /  أبواب التكفين ب 14 ح 3 .

(3) التهذيب 1 : 306 /  888 .

(4) الوسائل 3 : 32 /  أبواب التكفين ب 14 ح 1 .

(5) الوسائل 3 : 37 /  أبواب التكفين ب 16 ح 5 .

 
 

ــ[161]ــ

ومفاصله (1) وباطن قدميه (2) وكفّيه((1)) (3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيخ (قدس سره) فان في بعض نسخ التهذيب «المغابن» وذكرنا أنّ القدر المتيقن من المغابن هو الإبط ، واستشهدنا على عدم اختصاصها بالإبطين بأ نّه لو كان المراد بها خصوص الإبطين للزم أن يقول : مغبنان ، إذ ليس للميت إلاّ إبطين .

   إلاّ أ نّه بعد المراجعة ظهر أن صاحب الوسائل نقل الرواية عن الشيخ بلفظ المفاصل بدل المغابن، وكذلك صاحبا الوافي(2) والحدائق(3) . إذن لم تثبت نسخة المغابن لنستدل بها ، نعم في الطبع الأوّل للتهذيب قد كتب فوق لفظ المفاصل المغابن إلاّ أ نّه لا تثبت به الرواية ، بل الظاهر أ نّه المفاصل كما نقله في الوسائل والوافي والحدائق وغيرها .

   ومعه لا يمكن الحكم باستحباب التحنيط في الإبطين وغيرهما ممّا استدللنا بتلك النسخة الّتي لم تثبت على استحباب التحنيط فيها .

   (1) كما تقدّم ، لورود الأمر به في جملة من الأخبار المعتبرة (4) .

   (2) لما تقدّم من إمكان إدراجهما في المغابن ، مضافاً إلى ورودهما في رواية الكاهلي وابن المختار .

   (3) أي ظاهر الكفين ، ولعلّه سقط من القلم أو أ نّه (قدس سره) اعتمد في ذلك على الظهور ، لأن باطن الكفين من المساجد الّتي يجب التحنيط فيها ، فإذا عدت الكفّان فيما يستحب التحنيط فيه كان ظاهراً في إرادة ظاهرهما .

   ويدل عليه موثقة سماعة على إحدى النسختين حيث ورد فيها : «ويجعل شيئاً من الحنوط على مسامعه ومساجده وشيئاً على ظهر الكفين (الكفن) » (5) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر أ نّه يريد ظاهر الكفين ، فانّ الباطن منهما يجب مسحه كما تقدّم .

(2) الوافي  24 : 363 .

(3) الحدائق 4 : 22 .

(4) الوسائل 3 : 37 /  أبواب التكفين ب 16 ح 5 .

(5) الوسائل 3 : 35 /  أبواب التكفين ب 15 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net