ــ[166]ــ
[ 925 ] مسألة 3 : يكفي في مقدار كافور الحنوط المسمّى (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجنون ، أو تحقق بغير ذلك من الأسباب الخارجة عن الاختيار ، فانّه إذا أتى به الصبي غير المميز أو المجنون أجزأ ذلك في مقام الامتثال ، فلا وجه لتخصيص الاجتزاء بما إذا باشره الصبي المميز كما ذكر في المتن .
الثانية : أ نّه لا ملازمة بين كون الواجب توصلياً وبين عدم اعتبار المباشرة في سقوطه ، لأنّ النسبة بينهما عموم من وجه ، فقد يكون الواجب تعبّدياً ولا تعتبر فيه المباشرة كما في الزكاة فان إخراجها واجب تعبّدي مع أ نّه لو أخرجها غير المالك بأمر منه على ما عندنا أو مطلقاً على المشهور أجزأ ذلك عن المأمور به .
وقد يكون الواجب توصلياً ولا يسقط بفعل الغير ، بل تعتبر فيه المباشرة مثل رد السلام فانّه واجب توصلي ولا يسقط إلاّ برد من وجب عليه رد السلام فان ردّ غيره لا يسقطه عن ذمّته ، فلا ملازمة بين كون الواجب توصلياً وكونه ساقطاً من دون المباشرة .
نعم ، قد تقوم القرينة الخارجية على أنّ الغرض من إيجاب العمل ليس إلاّ تحقّقه ووجوده في الخارج بأيّة كيفيّة كانت وحينئذ نلتزم بسقوطه بفعل الغير ولكنّه لأجل القرينة لا لأجل أ نّه توصلي ، وعليه فالظاهر عدم الاجتزاء في المقام بفعل غير المكلّفين ولا يسقط التحنيط بفعل الصبي ولا غيره عن ذمّة المكلّفين وإن كان واجباً توصّلياً ، لما دلّ على أنّ القلم مرفوع عن الصبي والمجنون (1) .
الاقتصار بالمسمّى في التحنيط
(1) لاطلاق الأخبار وعدم ورود تحديد وتقدير معين في شيء من النصوص المعتبرة . نعم ، ورد في الفقه الرضوي(2) ومرسلة ابن أبي نجران(3) : «إن أقل ما يجزئ في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 1 : 45 / أبواب مقدّمة العبادات ب 4 ح 11 .
(2) المستدرك 2 : 209 / أبواب الكفن ب 2 ح 2 . فقه الرضا : 182 .
(3) الوسائل 3 : 13 / أبواب التكفين ب 3 ح 2 .
ــ[167]ــ
والأفضل أن يكون ثلاثة عشر درهماً وثلث ، تصير بحسب المثاقيل الصيرفية سبع مثاقيل وحمصتين إلاّ خمس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحنوط مثقال» . وفي مرسلة اُخرى لابن أبي نجران (1) وفي الفقه الرضوي (2) أيضاً : «إن أقل ما يجزئ من الكافور للميت مثقال ونصف» . وفي رواية الكاهلي والحسين ابن المختار أن مقداره أربعة مثاقيل (3) . وفي مرفوعة علي بن إبراهيم أنّ مقداره ثلاثة عشر درهماً وثلث (4) .
وهذه بأجمعها ضعيفة السند ، لكونها بين مرسلة ومرفوعة وما لم تثبت كونه رواية أو ضعيفة كرواية الكاهلي لوجود محمّد بن سنان في سندها فلا تثبت هذه المقادير بتلكم الأخبار .
على أن في رواية الكاهلي دلالة على عدم الوجوب حيث ورد فيها : «القصد من ذلك أربعة مثاقيل» والقصد بمعنى المتوسط ولا دلالة فيه على الوجوب .
وأمّا استحباب تلكم المقادير فلا يمكن إثباته بها لضعفها ، اللّهمّ إلاّ أن نقول بالتسامح في أدلّة السنن ولا نقول به .
وأمّا الاستدلال عليه بما ورد من أن تحنيط رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان ثلاثة عشر درهماً وثلثاً (5) لأن فيه تأسياً به (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فيرد عليه أنّ الرواية الدالّة على ذلك ضعيفة فلا يثبت بها موضوع التأسي ليستحب ، نعم لا بأس بالعمل على ما أفتى به الأصحاب من كونه مثقالاً ثمّ مثقالاً ونصفاً ، ثمّ أربعة مثاقيل ثمّ ثلاثة عشر درهماً وثلثاً ، من باب الرجاء دون الاستحباب .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 3 : 14 / أبواب التكفين ب 3 ح 5 .
(2) المستدرك 2 : 209 / أبواب الكفن ب 2 ح 2 .
(3) الوسائل 3 : 13 / أبواب التكفين ب 3 ح 4 .
(4) الوسائل 3 : 13 / أبواب التكفين ب 3 ح 1 .
(5) الوسائل 3 : 13 و 14 / أبواب التكفين ب 3 ح 1 ، 6 ، 8 ، 9 .
ــ[168]ــ
الحمصة ((1)) (1) .
والأقوى أن هذا المقدار لخصوص الحنوط ، لا له وللغسل ، وأقل الفضل مثقال شرعي والأفضل منه أربعة دراهم ، والأفضل منه أربعة مثاقيل شرعية .
[ 926 ] مسألة 4 : إذا لم يتمكّن من الكافور سقط وجوب الحنوط ولا يقوم مقامه طيب آخر (2) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما هو الأفضل في مقدار كافور الحنوط
(1) الظاهر أ نّه من الاشتباه في الحساب فان ثلاثة عشر درهماً وثلثاً إنّما هي سبع مثاقيل فقط لا أزيد منها ، وذلك لأ نّها أربعون ثلثاً ، إذ العشرة إذا ضربت بالثلاث صار الحاصل ثلاثين ، وحاصل ضرب الثلاث في الثلاثة تسعة ، فالمجموع تسعة وثلاثون ، ويضاف إليه الثلث الأخير في ثلاثة عشر درهماً وثلثاً يبلغ المجموع أربعين ثلثاً ، وهي ثمانية وعشرون مثقالاً ، لأ نّه الحاصل من ضرب السبعة بالأربعة ، فانّهم ذكروا أن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعية فيكون في الأربعين أثلاث : أربعة سبعات إلاّ ثلاث ، فإذا ضرب الأربعة بالسبعة حصل ثمانية وعشرون ثلثاً .
إذن يكون ذلك بحسب المثقال سبعاً لا أزيد ، إذ كل عشرة دراهم مثقال شرعي كما ذكروه وكل مثقال صيرفي يزيد على المثقال الشرعي بالربع ، فلو نقصنا من ثمانية وعشرين ثلثاً ربعها ـ وهو ما به التفاوت بين المثقال الشرعي والصيرفي ـ بقي واحد وعشرون ثلثاً وهي لو قسّمت إلى ثلاث ـ لأ نّها واحد وعشرون ثلث ـ صار سبع مثاقيل بالتمام ، وأمّا بحسب المثقال الصيرفي فهي تسعة مثاقيل إلاّ ربع .
إذا لم يتمكّن من الكافور
(2) لعدم الدليل عليه ، واعتبار الكافور في التحنيط ليس لأجل أ نّه طيب محض ليقوم مقامه سائر أفراد الطيب ، بل من أجل أ نّه حنوط ـ أي يمنع عن الفساد ـ وهذا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل سبعة مثاقيل بلا زيادة .
|