إمامة المرأة للنساء في صلاة الميت - كيفية صلاة العراة على الميت 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 10446


ــ[210]ــ

   [ 955 ] مسألة 14 : يجوز أن تؤم المرأة جماعة النِّساء ، والأولى بل الأحوط أن تقوم في صفهنّ ولا تتقدّم عليهنّ (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قبل صاحبه أو شك في ذلك ، ولا يجوز له قصد الوجوب إذا علم بأن الآخر سيتمها قبله على التفصيل المتقدم في المسألة الخامسة .

    إمامة المرأة للنِّساء في صلاة الميِّت

   (1) الكلام في هذه المسألة يقع من جهتين :

   الجهة الاُولى : في أصل مشروعية إمامة المرأة للنساء ، وهذا مما لا ينبغي الشبهة فيه لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قلت : المرأة تؤم النساء ؟ قال (عليه السلام) : لا ، إلاّ على الميِّت إذا لم يكن أحد أولى منها ، تقوم وسطهنّ في الصف معهنّ فتكبّر ويكبّرن» (1) وهي مروية بعدّة طرق :

   منها : ما هو صحيح من غير كلام ، وهو الذي رواه الشيخ باسناده عن أحمد بن محمد عن عبدالرحمن بن أبي نجران عن حريز عن زرارة (2) .

   ومنها : ما هو صحيح على الأظهر ، وهو الذي رواه محمد بن علي بن الحسين باسناده عن زرارة (3) ، لأن في طريق الصدوق إليه ابن عبيد ، وقد بينا وثاقته وإن ذهب جماعة إلى ضعفه ، فالطريق صحيح على مختارنا .

   ومنها : ما هو ضعيف وهو ما رواه الشيخ باسناده عن محمد بن مسعود العياشي(4).

   وهناك روايات اُخرى غير هذه الصحيحة لكنها ضعاف ، وقد تقدم أن دلالتها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 117 / أبواب صلاة الجنازة ب 25 ح 1 .

(2) التهذيب 3 : 331 / 1038 .

(3) الفقيه 1 : 259 / 1177 .

(4) التهذيب 3 : 206 / 488 .

ــ[211]ــ

على المدعى ممّا لا ينبغي الشبهة فيه ، لدلالتها على جواز إمامة المرأة وهو المسؤول عنه فيها ، لا تعيينها لينافيه قوله (عليه السلام) : «إذا لم يكن أحد أولى منها» .

   الجهة الثانية : في كيفية إمامتها وأنها هل تجب أن تقف المرأة الإمام في وسطهنّ وفي صفّهنّ بحيث لو تقدمتهنّ بطلت جماعتها ، أو أنه يجوز أن تتقدّم عليهنّ كما في الرجال وإنما يستحب أن تقف في صفّهنّ ، أو يكره تقدمها عليهنّ ؟

   ذكروا أن المعروف هو الأخير وأن تقدمها عليهن مكروه أو يستحب لها الوقوف في صفهنّ لا أنه لازم في جماعتها ، بل قيل إنه لم يعثر على قائل بالخلاف تصريحاً وذلك حملاً للأمر الوارد في الصحيحة على الاستحباب أو النهي عن تقدّمها عليهنّ كما في بعض الأخبار (1) على الكراهة .

   والكلام يقع في وجه ذلك وأنه لماذا حملوا الأمر في الصحيحة على الاستحباب أو النهي عن تقدمها عليهن على الكراهة ؟

   وقد ذكر المحقق الهمداني (قدس سره) (2) في وجه ذلك أمرين :

   أحدهما : ما حاصله : أن الأمر بالوقوف في صفهن إنما ورد في مورد توهم الحظر لتخيل أن تلك الجماعة كجماعة الرجال لا بدّ من وقوف الإمام فيها متقدِّماً على المأمومين ، والأمر الوارد عند توهم الحظر لا يدل على الوجوب ، كما أن النهي عن تقدّمها عليهنّ ورد في مقام توهم الوجوب وهو ظاهر في غير الحرمة .

   وهذا مما لا يمكن المساعدة عليه :

   أمّا أولاً: لأن السؤال في الصحيحة إنما هو عن أصل مشروعية إمامة المرأة وعدمها وهي إنما وردت لبيان مشروعيتها ، وإنما تعرضت لكيفيتها تفضلاً منه وامتناناً ، ومعه لا مجال للقول بأن الأمر بالوقوف في صفهنّ ورد في مقام توهم الحظر ، لأنه لم يسأل عن كيفية الصلاة أصلاً ليتوهّم الحظر أو الوجوب، بل ليس هناك إلاّ الجهل بالمشروعية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 117 / أبواب صلاة الجنازة ب 25 ح 2 ، 3 .

(2) مصباح الفقيه (الصلاة) : 497  السطر 10 .

ــ[212]ــ

وكيفية إمامتها، فلا ملزم لصرف ظاهر الأمر والنهي بحملهما  على الاستحباب والكراهة.

   وثانياً : أ نّا ذكرنا مراراً أن تلك الأوامر والنواهي ليست ظاهرة في النفسية والمولوية لتحمل على الجواز في مورد توهم الحظر ، وإنما هي ظاهرة في الإرشاد إلى الشرطية والمانعية ، وعليه فالصحيحة تدل على شرطية وقوف المرأة في صف النساء فتبطل جماعتها بالإخلال بها .

   وثالثاً : لو سلمنا كونها أوامر نفسية وأنها واردة في مورد توهم الحظر فغاية ما يترتّب عليه دلالتها على الجواز ، ولا يكاد يستفاد منها الاستحباب والكراهة بوجه فيحتاج في إثباتهما إلى دلالة دليل آخر وهو مفقود .

   وثانيهما : أن الصحيحة محمولة على الكراهة في صدرها ، حيث نفت مشروعية إمامة المرأة في غير صلاة الأموات مع العلم خارجاً بجواز إمامتها في سائر الفرائض فصدرها محمول على الكراهة .

   وقوله (عليه السلام) : «تقوم وسطهن» ناظر إلى كيفية إمامتها في صلاة الأموات وأنها لا تغاير كيفيتها المعتبرة في الفرائض ، وحيث إن تقدمها على المأمومات في الفرائض ليس بواجب فليكن الحال في جماعتها في صلاة الأموات أيضاً كذلك ، بمعنى أن تقدمها عليهن ليس بواجب .

   ويرد على هذا الوجه : أن الصحيحة بصدرها نفت مشروعية الجماعة في الفرائض بالإضافة إلى المرأة ، ومعه كيف يمكن أن يقال : إن قوله (عليه السلام) بعد ذلك : «تقوم وسطهنّ في الصف معهنّ» ناظر إلى أن الجماعة في سائر الفرائض ليست مغايرة بحسب الكيفية مع الجماعة في صلاة الميِّت ، بل ظاهره أن الإمام (عليه السلام) بصدد بيان ما  هو الشرط في الجماعة المشروعة منها وهي الجماعة في صلاة الأموات فحسب .

   ويرد عليه ثانياً : أ نّا لو فرضنا أنه ناظر إلى ما أفاده فننقل الكلام إلى إمامتها في باقي الفرائض فنقول : إن مقتضى الأمر بالوقوف في صفهن أو النهي عن تقدمها عليهن شرطية ذلك في صحّة جماعتها مطلقاً ، فما الدليل على استحباب ذلك أو كراهة تقدمها عليهنّ في سائر الفرائض ؟

ــ[213]ــ

   [ 956 ] مسألة 15 : يجوز صلاة العُراة على الميِّت فرادى وجماعة ، ومع الجماعة يقوم الإمام في الصف كما في جماعة النِّساء فلا يتقدّم ولا يتبرّز ، ويجب عليهم ستر عورتهم ولو بأيديهم ، وإذا لم يمكن يصلّون جلوساً ((1)) (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فالمتحصل : أن مقتضى الصحيحة أنّ وقوفها في صف النساء شرط في صحّة الجماعة ولا دليل على استحبابه أو كراهة التقدم .

   ودعوى : أن الدليل على ذلك هو الإجماع والتسالم على عدم الوجوب في إمامة المرأة ، مندفعة بأن تحصيل الإجماع في هذه المسألة في غاية الصعوبة ، ولا سيما بملاحظة ما حكي عن الفاضل الهندي في كشف اللثام من نقل القول بالوجوب عن كثير(2).

   بقي في المقام المطلقات الدالّة على لزوم تقدم الإمام على المأمومين في الجماعة ، ولا إشكال في شمولها للمقام .

   وقد ذكر المحقق الهمداني (قدس سره) أن بالقرينتين المتقدمتين تتقدّم المطلقات على ما دلّ على خلافها في صلاة الأموات .

   وفيه : أن المطلق كيف يتقدم على المقيد ، بل الأمر معكوس ، ولا مناص من تقييد المطلقات بتلك الصحيحة ، وحاصله : أن الجماعة في الأموات تمتاز عن بقية الجماعات في كونها مشروطة بعدم تقدّم الإمام على المأمومات .

    صلاة العراة على الميِّت

   (1) الكلام في هذه المسألة يقع من جهات :

   الاُولى : في مشروعية صلاة العراة على الميِّت ، وهذه مما لا شبهة فيها لعدم اشتراط صلاة الميِّت بالتستر ، لما تقدم من أن الشرائط المعتبرة في الفرائض غير معتبرة في صلاة الأموات بوجه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا إذا لم يتمكن من الصلاة فرادى قائماً متستراً وإلاّ لم تجز الصلاة جماعة جلوساً .

(2) كشف اللثام 2 : 323 .

ــ[214]ــ

   وثانياً : أ نّا لو سلمنا أن ستر العورة معتبر في صلاة الأموات أيضاً كغيرها فلا شبهة في اختصاص اعتباره في الفرائض بصورة التمكن منه فيسقط اعتباره لدى العجز عنه ولا يزيد الفرع على الأصل ، وصلاة الأموات كذلك لا يعتبر فيها التستر عند العجز عنه كما في العراة .

    ما هي الوظيفة عند الأمن من النظر ؟

   الثانية : إذا أمن العراة من الناظر المحترم بأن يكونوا جميعاً فاقدي البصر أو كائنين في الظلمة أو غضوا من أبصارهم عما سواهم أو تستروا بأيديهم أو نحو ذلك جاز لهم أن يصلوا على الميِّت جماعة كما يجوز لهم الصلاة فرادى .

   وأما إذا لم يأمنوا من الناظر المحترم بوجه من الوجوه فلا يمكن الحكم بمشروعية الجماعة في حقهم مطلقاً حتى مع الجلوس ـ كما في المتن ـ وذلك لمنافاة الجماعة مع القيام المعتبر في صلاة الميِّت كما يأتي عن قريب ، والجماعة المنافية للشرط الواجب لا دليل على مشروعيتها بوجه ، وقد تقدم أنه لا إطلاق في الأدلة الدالّة على مشروعية الجماعة في صلاة الأموات ليصح التمسك باطلاقه في المقام ، وإنما استفدنا مشروعيتها ممّا ورد في الأحكام كما تقدّم ، بل لا بدّ في هذه الصورة من الصلاة على الميِّت فرادى .

    إذا لم يمكن الصلاة فرادى أيضاً

   الجهة الثالثة : إذا لم يمكن الصلاة على الميِّت فرادى أيضاً مع التستر لعدم الأمن من الناظر المحترم تقع المزاحمة بين ما دل على اعتبار القيام في صلاة الأموات وبين ما دل على اعتبار التستر ، وحيث إن وجوب التستر أقوى من شرطية القيام في الصلاة فلا مناص من الحكم بسقوط شرطية القيام حينئذ ووجوب الصلاة جالساً ، وحينئذ لا يفرق بين الفرادى والجماعة ، لأن الجماعة حينئذ لا تنافي الشرط الواجب ، لأن سقوط شرطيته مستند إلى التزاحم لا إلى الجماعة فيصلون فرادى أو جماعة عن جلوس .

   فما أفاده الماتن (قدس سره) من أنه إذا لم يمكن التستر صلوا عن جلوس لا يمكن




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net