ــ[312]ــ
[ 1005 ] مسألة 13 : يجب دفن الأجزاء المبانة من الميِّت حتى الشعر والسن والظفر ((1)) ، وأما السن والظفر من الحي فلا يجب دفنهما وإن كان معهما شيء يسير من اللّحم ، نعم يستحب دفنهما ، بل يستحب حفظهما حتى يدفنا معه ، كما يظهر من وصيّة مولانا الباقر للصادق (عليهما السلام) . وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن النبيّ (صلوات الله عليه وآله) أمر بدفن أربعة : الشعر والسن والظفر والدم ، وعن عائشة عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أنه أمر بدفن سبعة أشياء : الأربعة المذكورة والحيض والمشيمة والعلقة (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على أن الحكم الوارد في الرواية ـ أعني الخروج عن الإسلام ـ لا يناسب شيئاً من هذه المعاني ، لعدم احتمال أن يكون تجديد القبر أو غيره من المعاني المتقدمة موجباً للخروج عن الإسلام ، أي كونه معصية بمثابة الكفر .
ولا يبعد أن يقال : إن معنى «جدد» أحدث قبراً زائداً على القبور ، بأن يكون كناية عن قتل شخص وإيجاد قبر له بسببه زائداً على القبور ، فان قتل النفس المحترمة من المعاصي المغلظة ، وهو يناسب الحكم بالخروج من الإسلام الوارد في الرواية .
الأجزاء المبانة من الميِّت تدفن معه
(1) لا ينبغي الإشـكال في عدم وجوب دفن الشعر والظفر والسن ونحـوها ممّا لا تحله الحياة إذا كانت منفصلة عن الحي . ويدل على ذلك مضافاً إلى عدم قيام الدليل على الوجوب السيرة المستمرّة الجارية على عدم دفن الشعر المنفصل عن الحي عند الحلق والتنوير ونحوهما .
وقد ورد في بعض الأخبار أن شعر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان مجزوزاً مدّة (2) ، نعم ورد الأمر بدفن السن والظفر من الحي معه في جملة من الأخبار رواها في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على الأحوط فيها .
(2) الوسائل 2 : 83 / أبواب آداب الحمام ب 41 ح 7 . وفيه : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يختضب وهذا شعره عندنا .
ــ[313]ــ
الوسائل في الباب السابع والسبعين من آداب الحمام (1) ، إلاّ أنها ضعيفة السند ، ومن أجل ذلك يبتني الحكم باستحباب الدّفن فيهما على التسامح في أدلة السنن .
وأما الشعر والسن ونحوهما من الميِّت فالمـعروف بينهم وجوب دفنها . وعن الذخيرة إنه مما لم يعلم فيه خلاف (2) ، وعن التذكرة دعوى الإجماع عليه(3) ، وإن كان يحتمل أن يكون الإجماع راجعاً إلى استحباب جعله في الكفن لا إلى وجوب دفنه والدليل على ذلك بعد الإجماع ـ لو تم إجماع مع عدم احتمال كون الإجماع تعبدياً في المسألة ـ أحد أمرين :
أحدهما : استصحاب كونه واجب الدّفن قبل أن ينفصل عن الميِّت .
وفيه : مضافاً إلى أنه من الاستصحاب الجاري في الشبهة الحكمية وقد بينّا مراراً (4) عدم جريانه في الأحكام ، أن الاستصحاب غير جار في المقام ، لأن كونه واجب الدّفن قبل الانفصال إنما هو من جهة وجوب دفن الميِّت بما له من التوابع ، وكون الشعر ونحوه من توابعه ، فاذا انفصل فلا يعد تابعاً للميت ، فلا يجري فيه الاستصحاب بل يتوقف الحكم بوجوب الدّفن فيه على دليل .
وثانيهما : مرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «وقال : لا يمس من الميِّت شعر ولا ظفر ، وإن سقط منه شيء فاجعله في كفنه» (5) وهي ضعيفة بإرسالها .
ودعوى : أن ابن أبي عمير لا يرسل إلاّ عن ثقة ، مندفعة بما تقدم مراراً من أ نّا علمنا أن ابن أبي عمير قد روى عن الضعيف في موارد ، على أن هذه الدعوى اجتهاد من الشـيخ (قدس سره) حيث ذكر أنه علم من حال صـفوان وابن أبي عمير أنهما لا يرويان ولا يرسلان إلاّ عن ثقة (6) ، وهذا اجتهاد منه (قدس الله نفسه) وقد علم هو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 127 .
(2) الذخيرة : 90 السطر 3 .
(3) التذكرة 2 : 22 / 175 .
(4) منها ما في مصباح الاُصول 3 : 233 .
(5) الوسائل 2 : 500 / أبواب غسل الميِّت ب 11 ح 1 .
(6) عدّة الاُصول 1 : 58 السطر 8 .
ــ[314]ــ
[ 1006 ] مسألة 14 : إذا مات شخص في البئر ولم يمكن إخراجه يجب أن يسد ويجعل قبراً له (1).
[ 1007 ] مسألة 15 : إذا مات الجنين في بطن الحامل وخيف عليها من بقائه وجب التوصّل إلى إخراجه بالأرفق فالأرفق (2) ولو بتقطيعه قطعة قطعة ، ويجب أن يكون المباشر النساء أو زوجها ، ومع عدمهما فالمحارم من الرجال ، فان تعذر فالأجانب حفظاً لنفسها المحترمة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بذلك باجتهاده لا أنهما أخبرا بذلك .
ونظيرها موثقة عبدالرحمن بن أبي عبدالله (عليه السلام) وفيها : «لا يمس منه شيء اغسله وادفنه» (1) وهي أيضاً غير قابلة للاستدلال بها على هذا المدعى ، لأنه مبني على أن يكون الضمير في قوله (عليه السلام) : «اغسله وادفنه» راجعاً إلى الظفر أو الشعر ، وهو ممنـوع ، لأنه راجع إلى الميِّت وأن الواجب دفنه وغسـله لا قص ظفره وشعره .
(1) لأنه أمر ميسور، وأما مقدّماته من التغسيل والتحنيط والتكفين فتسقط للتعذّر ومعه لا بدّ من الصلاة على قبره .
إذا مات الجنين في بطن الحامل
(2) هذه المسألة على طبق القاعدة ، لأن المرأة واجبة الحفظ لوجوب حفظ النفس المحترمة فلا مناص من إخراج الولد من بطنها ، ولا يحتاج في ذلك إلى النص .
نعم إن الذي يتصدّى لذلك لا بدّ أن يكون هو الزوج أو النساء أو محارمها ، ولا يجب ذلك على الزّوج وإن كان متمكِّناً من إخراج الولد ، وذلك لجواز مباشرة النساء للتوليد ، وذلك لجريان السيرة على تصدِّي النساء والقوابل لولادة المرأة ونحوها وإن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 500 / أبواب غسل الميِّت ب 11 ح 3 .
|