حكم شق الثوب على الميت - نبش قبر المؤمن 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 16133


ــ[347]ــ

وكذا لا يجوز شق الثوب على غير الأب والأخ والأحوط تركه فيهما أيضا  (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ظاهرة في الكراهة أو في استحباب الترك لا في الحرمة .

   ولكن قدّمنا نحن أن الكلمة ظاهرة في الحرمة ، لأن معنى «لا ينبغي» لا يتيسّر ولا يتمكّن ، على ما استشهدنا عليه باستعمالها بهذا المعنى في موارد في الكتاب ، وإن لم ير استعمالها بصيغة الماضي وإنما يستعمل المضارع فقط ، ومعنى عدم التيسر شرعاً ليس هو إلاّ الحرمة ، فلا محذور في الاستدلال بالرواية من هذه الجهة ، نعم لا مجال للاستدلال بها من جهة ضعف سندها بالحسن الصيقل .

    حكم شقّ الثوب

   (1) وعن الحلبي(1) حرمة الشق مطلقاً ، وعن بعض جوازه للنساء دون الرجـال وعن ثالث جوازه في الأقارب من أب واُم وأخ واُخت ونحوها دون غيرهم . والمعروف عدم جوازه إلاّ في موردين :

   أحدهما : شق الولد على أبيه .

   وثانيهما : شق الأخ على أخيه .

   وقد استدل على الحرمة  أوّلاً : بأن الشق إظهار للسخط على قضاء الله سبحانه ومناف للرضا به فيحرم .

   وفيه : أن بين الشق والسخط عموماً وخصوصاً من وجه ، فانه قد لا يشق ثوبه على الميِّت لكونه ثميناً ومحبوباً لديه إلاّ أنه ساخط لقضائه جداً ، وقد يشق ثوبه مع الرضا بقضاء الله سبحانه ، وقد يجتمعان ، وكلامنا في حرمة الشق في نفسه .

   وثانياً : بأن ذلك تضييع للمال وهو تبذير محرم .

   وفيه : أنه إذا كان له غرض عقلائي في شق ثوبه لم يعد من التبذير المحرم ، فان الإنسان قد يريد إظهار تأثره في موت أقربائه أو صديقه ، وإظهار ذلك قد يكون

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لم نجده في كتابه ، ولعلّه الحلِّي في السرائر 1 : 172  كما نقل عنه في الحدائق 4 : 151 .

ــ[348]ــ

بضرب اليد على اليد واُخرى بشق الجيب ، فلا محذور فيه من هذه الجهة .

   وثالثاً : بالأخبار الناهية عن ذلك ، وقد تقدم بعضها كرواية امرأة الحسن الصـيقل إلاّ أنها ضعيفة السند كما تقدم ، والعمدة منها على ما صرح به المحقق الهمداني (قدس سره) (1) حيث قال : أوثقها في النفس ما حكي عن المبسوط ، حيث إن الشيخ (قدس سره) ذكر فيه أن شق الجيب محرم إلاّ في موت الأب للابن وفي موت الأخ للأخ وبه رواية (2) . وقد أخذ المتأخِّرون ذلك عن الشيخ وجعلوه مرسلة له واسـتدلّوا بها في كتبهم .

   إلاّ أنه لم يعلم أن الشيخ أراد بذلك غير الأخبار المتقدمة الدالّة على النهي عن شق الثياب ، هذا من حيث إثبات الحرمة .

   وأما استثناؤه فمن المطمأن به أنه أراد من ذلك ما ورد في الإمام العسكري (عليه السلام) من أنه شق جيبه في موت أبيه (سلام الله عليهما) واعترض عليه بأنه فعل لم ير من إمام من الأئمة (عليهم السلام) فأجابه بقوله : يا أحمق ما لك وذاك ، قد شق موسى على هارون (3) .

   فدلّتنا هذه الأخبار على جواز شق الولد على والده لأنه أمر صنعه العسكري (عليه السلام) كما دلتنا على جوازه للأخ في موت أخيه لأنه (عليه السلام) استشهد بفعل موسى في موت أخيه هارون .

   وفيه : أن هذه الروايات المجوزة والمانعة (4) ضعيفة السند ولا يمكن الاعتماد عليها .

   نعم استثنى الأصحاب من حرمة تلك الاُمور الإتيان بها في حق الأئمة والحسين (عليهم السلام) مستندين فيه إلى ما فعلته الفاطميات على الحسين بن علي من لطم الخد وشق الجيب كما ورد في رواية خالد بن سدير(5) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الطّهارة) : 430  السطر 25 .

(2) المبسوط 1 : 189 .

(3) الوسائل 3 : 274 / أبواب الدّفن ب 84 ح 7 .

(4) الوسائل 3 : 273 / أبواب الدّفن ب 84 .

(5) يأتي ذكر مصدرها بعد قليل .

ــ[349]ــ

   [ 1014 ] مسألة 4 : في جز المرأة شعرها في المصـيبة كفارة شهر رمضان ((1)) وفي نتفه كفّارة اليمين ، وكذا في خدشها وجهها (1) .

   [ 1015 ] مسألة 5 : في شق الرجل ثوبه في موت زوجته أو ولده كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام .

   [ 1016 ] مسألة 6 : يحرم نبش قبر المؤمن وإن كان طفلاً أو مجنوناً  (2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وهذا لا يمكن المساعدة عليه ، لأنها على تقدير حرمتها مطلقة . والرواية الدالّة على صدورها من الفاطميات ضعيفة السند ولا يمكن الاعتماد عليها ، والذي يسهل الخطب أنها أفعال لم تثبت حرمتها مطلقاً . إذن لا مانع شرعاً من الإتيان بها في مصائب الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) وغير الأئمة .

    جزّ المرأة شعرها

   (1) كذا ذكره المشهور ، ولكنه لم يرد بذلك رواية ولو كانت ضعيفة السند ، وإنما ورد ذلك في خبر خالد بن سدير (2) إلاّ أنه أثبت الكفارة مع إدماء الوجه المخدوش لا مطلقاً . والمشهور أعرف بما قالوا .

    حرمة نبش قبر المؤمن

   (2) قد استدل على حرمة النبش بوجوه :

   الأوّل : الإجماع ، كما عن جماعة ، وعن بعضهم دعوى إجماع المسلمين عليه وكونه معروفاً لدى المتشرعة قديماً وحديثاً .

   وفيه : أن الإجماع المدعى ليس إجماعاً تعبدياً وإنما هو مدركي ولو احتمالاً ، فلا بدّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط الأولى فيه وفيما بعده ، وكذا الحال في المسألة الخامسة .

(2) الوسائل 22 : 402 / أبواب الكفارات ب 31 ح 1 .

ــ[350]ــ

من ملاحظة ذلك المدرك ولا موقع للإجماع حينئذ .

   الثاني : أن النبش مثلة بالميِّت وهتك له ، وحرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً .

   وفيه : أن النسبة بين النبش المدعى حرمته وبين الهتك عموم من وجه ، فان النبش لا يعد هتكاً في جملة من الموارد كما سيتضح ، وعلى هذا الوجه تكون جملة من الموارد المستثناة خارجة عن حرمة النبش خروجاً تخصصياً لا تخصيصياً ، وهذا كما إذا دفن في أرض مغصوبة فلا يكون نبشه حينئذ موجباً للهتك من الابتداء ، فلم يكن النبش متصفاً بالحرمة ليكون استثناؤه تخصيصاً بل هو خروج تخصصي ، وكذا إذا دفن في أرض لا تناسب الميِّت ونبش ليدفن في أرض تناسبه أو لينقل إلى العتبات المقدسة ليدفن فيها .

   الثالث : ما ذكره بعض الأعاظم من أن الدّفن كما يجب حدوثاً كذلك يجب بحسب البقاء ، لعدم احتمال أن يكون الواجب مجرد دفنه آناً ما ثم يجوز إبقـاؤه من غير دفن بل الواجب إنما هو ستره وإقباره مطلقاً حدوثاً وبقاء .

   وفيه : أن الأمر وإن كان كذلك إلاّ أن ذلك لا ينافي جواز النبش ، لأن المدعى ليس هو إخراج الميِّت عن القبر وإبقاءه من غير دفن وإنما ينبش ليدفن ثانياً ، فالدّفن حدوثاً وبقاء متحقق وإنما ينبش ويخرج من قبره آناً أو ساعة مثلاً .

   نعم لو تمت الدعوى المتقدمة من أن أدلة الدّفن لها عموم أزماني يقتضي وجوب الدّفن في كل آن آن كان نبشه وإخراج الميِّت من قبره ولو آناً ما محرماً ، لأنه مخالف للدفن الواجب في كل آن ، إلاّ أ نّا قدمنا أ نّا لم نجد في أدلة الدّفن ما يكون له عموم أزماني بوجه ، لأنها إنما تدل على وجوب الدّفن وحسب من دون دلالة على العموم الأزماني .

   وعليه فالمدار في حرمة النبش على صدق الهتك والتوهين ، وفي أي مورد لم يلزم من نبشه هتك جاز النبش لا محالة .

ــ[351]ــ

إلاّ مع العلم باندراسه وصيرورته تراباً (1) ولا يكفي الظن به(2). وإن بقي عظماً فان كان صلباً ففي جواز نبشه إشكال(3) وأما مع كونه مجرد صورة بحيث يصير تراباً بأدنى حركة فالظاهر جوازه (4)، نعم لا يجوز نبش قبور الشهداء والعلماء والصلحاء وأولاد الأئمة (عليهم السلام) ولو بعد الاندراس وإن طالت المدّة (5)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لعدم كون النبش حينئذ من نبش قبر المؤمن ، إذ لا مؤمن وإنما هو تراب ، نعم كان مؤمن فيه سابقاً . ولا يلزم من النبش هتك بوجه ، بل قد يكون موضع واحد قبراً لأشخاص كثيرين لاندراس الأوّل ودفن الثاني فيه بعد ذلك وكذا الثالث بعد اندراس الثاني ، وقد ورد أن كل قطعة من قطعات الأرض بدن إنسان ، أي الأعم من المسلم والكافر وقد اندرس وصار تراباً .

   (2) وإنما يجوز إذا ثبت الاندراس بالعلم الوجداني أو البينة الشرعية ، وليس الظن بحجة شرعاً .

   (3) والوجه في الإشكال صدق عنوان المؤمن عليه ، لعدم اندراسه ولعدم تلاشي عظامه .

   (4) لأنه صورة البدن وإلاّ فهو في الحقيقة تراب ، ولا يصدق على نبشه نبش قبر المؤمن .

    عدم جواز النبش في قبور الشهداء وأمثالهم

   (5) لصدق الهتك على نبشها ولو بعد الاندراس وإن لم يكن ميت ، لأن المدار في حرمة النبش على صدق الهتك ولا دليل على حرمته في نفسه ، وقد لا يحرم النبش وإن ظهر به الميِّت كما إذا فتح باب السرداب لجعل ميت آخر فيه فظهر جسد الميِّت الموجود فيه ، فانه نبش غير محرم لعدم الهتك على المؤمن ، هذا كله إذا علمنا بالاندراس وعدمه .

   وأما إذا شككنا في الاندراس فهل يجوز النبش حينئذ ؟ الصحيح عدم جـوازه

ــ[352]ــ

سيما المتخذ منها مزاراً  أو مستجاراً ، والظاهر توقف صدق النبش على بروز جسد الميِّت ، فلو اُخرج بعض تراب القبر وحفر من دون أن يظهر جسده لا يكون من النبش المحرم ، والأولى الإناطة بالعرف وهتك الحرمة . وكذا لا يصدق النبش إذا كان الميِّت في سرداب وفتح بابه لوضع ميت آخر خصوصاً إذا لم يظهر جسد الميِّت ، وكذا إذا كان الميِّت موضوعاً على وجه الأرض وبني عليه بناء ـ لعدم إمكان الدّفن أو باعتقاد جوازه أو عصياناً ـ فانّ إخراجـه لا يكـون من النبش وكذا إذا كان في تابوت من صخرة أو نحوها .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net