بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيْمِ
الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد وآله الطيّبين الطّاهرين .
وبعد ، فهذا هو الجزء العاشر من كتابنا «التنقيح» في شرح العروة الوثقى ، وقد وفّقنا الله للشروع في طبعه ، ونسأله تعالى أن يوفقنا لإتمامه فإنّه خير موفق ومعين .
محرم الحرام 1411
ــ[1]ــ
فصل في الأغسال المندوبة
وهي كثيرة، وعدّ بعضهم سبعاً وأربعين، وبعضهم أنهاها إلى خمسين، وبعضهم إلى أزيد من ستين ، وبعضهم إلى سبع وثمانين ، وبعضهم إلى مائة . وهي أقسام زمانية ومكانية وفعلية إما للفعل الذي يريد أن يفعل أو للفعل الذي فعله . والمكانية أيضاً في الحقيقة فعلية ، لأنها إما للدخول في مكان أو للكون فيه . أمّا الزمانية فأغسال :
أحدها : غسل الجمعة ، ورجحانه من الضروريات ، وكذا تأكّد استحبابه معلوم من الشرع (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في الأغسال المندوبة
إنما نتعرّض للأغسال المندوبة لأجل ما قدّمناه من أن الأغسال حتى المستحبة تغني عن الوضوء ، فلا بدّ من التكلم في أن أي غسل منها ثابت الاستحباب وأياً منها غير ثابت الاستحباب فلا يغني عن الوضوء ، وإلاّ فليس من دأبنا التعرض للمستحبات .
استحباب غسل الجمعة
(1) لا ينبغي الإشكال في رجحان غسل الجمعة في الشريعة المقدسة ، ولا خلاف فيه بين المسلمين ، وإنما الكلام في وجوبه واستحبابه . والمشهور هو استحبابه وجواز
ــ[2]ــ
تركه، وقد ادّعى الشيخ عليه الاجماع في الأمالي(1) والخلاف(2) ، لكن نسب إلى الصدوق والكليني (قدس سرهما) وجوبه . قال في الكافي : باب وجوب الغسل يوم الجمعة (3) .
وقال في الفقيه : غسل يوم الجمعة واجب على الرجال والنساء في السفر والحضر ثم قال : وغسل يوم الجمعة سنة واجبة (4) . وكذلك نسب إلى والد الصدوق .
ونقل في الحدائق ذهاب الشيخ سليمان البحراني إلى الوجوب (5) . ومال إليه شيخنا البهائي (قدس سره) وهو الذي نسب القول بالوجـوب إلى والد الصدوق (6) ، وكذا مال إليه المحقق الأردبيلي (قدس سره) (7) .
وقد أجاب في الحدائق عن هذه النسبة بأن مراد الكليني والصدوق من الوجوب هو الثبوت لا الوجوب بالمعنى المصطلح وهو ما لا يجوز تركه ، وإنما عبّرا بالوجوب تبعاً لما ورد في الأخبار من أن غسل الجمعة واجب (8) .
والوجه في هذا الاختلاف هو اختلاف الأخبار ، حيث دلّت جملة من الأخبار المعتبرة سنداً على وجوبه . ولا بدّ لنا من التكلّم في مقامين :
أحدهما : في الأخـبار الواردة في غسل الجمعة في نفسها مع قطع النظر عن القرينة الخارجية .
ثانيهما : في الأخبار الواردة في غسل الجمعة مع النظر إلى القرينة الخارجية .
المقام الأوّل : والحق فيه مع القائلين بوجوب غسل الجمعة ، فقد ورد ما يفيد الوجوب في غير واحد من الأخبار المعتبرة والمستفيضة الموجبة للاطمئنان بل للقطع
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لم نظفر على دعوى الاجماع في الأمالي .
(2) الخلاف 1 : 219 مسألة 187 ، 611 مسألة 376 .
(3) الكافي 3 : 41 / باب وجوب غسل الجمعة .
(4) الفقيه 1 : 61 / باب 22 ، غسل يوم الجمعة ودخول الحمام .
(5) الحدائق 4 : 217 .
(6) حبل المتين : 78 .
(7) مجمع الفائدة والبرهان 1 : 73 .
(8) الحدائق 4 : 223 .
|