الثاني : استصحاب المشروعية المتيقنة يوم الخميس ، وهذا يبتني على أمرين :
أحدهما : القول بجريانه في الأحكام الكلية . وثانيهما : أن يكون اليوم الوارد في الروايتين لمجرّد الظرفية ولم يكن قيداً دخيلاً في ثبوت الحكم الشرعي . وكلا الأمرين مورد المناقشة ، لعدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية ، ولأن ظاهر اليوم في الروايتين أنه قيد في ترتب الحكم الشرعي لا أنه اُتي به لمجرد الظرفية ، ومعه لا مجرى للاستصحاب في المقام .
الثالث : التعليل الوارد في الروايتين المتقدمتين ، حيث علل الحكم بالتقديم يوم الخميس بقلّة الماء يوم الجمعة ، فاذا كان هذا هو العلّة فيه فيتعدّى إلى الليل أيضاً إذا خيف أو اُحرز قلة الماء يوم الجمعة .
وهذا الاستدلال غريب ، لأن العلّة وإن كانت قلة الماء وإعوازه إلاّ أنه ليس مطلقاً بل في خصوص يوم الخميس ، وإلاّ جاز التعدِّي إلى التقديم في سائر أيام الاُسبوع أيضاً كالأربعاء والثلاثاء وغيرهما إذا خيف أو اُحرزت القلّة يوم الجمعة وهو مما لا قائل به . فالصحيح هو اختصاص المشروعية بيوم الخميس ، فاليوم باليوم .
الجهة الثالثة : في موضوع الحكم بجواز التقديم يوم الخميس هل هو خوف الإعواز يوم الجمعة أو إحرازه ؟
المعروف أن الموضوع المسوغ للتقديم هو خوف الإعواز ، وهو إما بمعنى الظن بالقلّة أو احتمالها العقلائي كما في غير المقام . وهذا مما لا دليل عليه سوى الفقه الرضوي المشتمل على قوله : «وإن كنت مسافراً وتخاف عدم الماء يوم الجمعة»(1) ، وقد تقدّم عدم ثبوت كونه رواية فضلاً عن اعتبارها .
ومدرك المشهور هو إحدى الروايتين المتقدمتين(2) وقد ورد فيهما إعواز الماء . ففي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقد تقدم في صدر المسألة .
(2) في صدر المسألة بعد رواية فقه الرضا .
|