ــ[57]ــ
فصل في الأغسال الفعليّة
وقد مرّ أنها قسمان :
القسم الأوّل : ما يكون مستحباً لأجل الفعل الذي يريد أن يفعله ، وهي أغسال :
أحدها : للإحرام ((1)) وعن بعض العلماء وجوبه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في الأغسال الفعلية
(1) لا شبهة في مشروعية الغسل للإحرام ، وذلك لورود الأمر به في جملة من الأخبار ففي موثقة سماعة : «وغسل المحرم واجب»(2) وصحيحة محمد بن مسلم المروية عن الخصال : «ويوم تحرم»(3) وصحيحة ابن سنان : «وغسل الإحرام» (4) إلى غيرها من الروايات ، وإنما الكلام في أنه واجب أو مستحب .
ذهب بعضهم إلى وجوبه ، ويؤيده اشتمال الأخبار على الأمر به من دون اقترانها بالمرخص، بل صرحت بعضها بالوجوب. إلاّ أن الصحيح عدم وجوبه وذلك لأمرين:
أحدهما : أنه لو كان واجباً لذاع واشتهر وجوبه لكثرة الابتلاء به في المكلفين لكثرة الحاج ، كيف وقد نقل الإجماع على استحبابه وعدم وجوبه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لم يثبت استحباب أكثر ما ذكر في هذا الفصل ، وإنما الثابت استحباب الغسل للإحرام والطواف والذبح والنحر والحلق وزيارة الكعبة وزيارة الحسين (عليه السلام) ولو من بعيد والاستخارة والاستسقاء والمباهلة والمولود وترك صلاة الكسوف عمداً مع احتراق قرص الشمس كلياً ومس الميِّت بعد تغسيله .
(2) الوسائل 3 : 304 / أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 3 .
(3) الوسائل 3 : 305 / أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 5 ، الخصال 2 : 508 / 1 .
(4) الوسائل 3 : 306 / أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 7 و 8 و10 و11 و12 .
ــ[58]ــ
الثاني : للطواف (1) سواء كان طواف الحج أو العمرة أو طواف النساء بل للطواف المندوب أيضا .
الثالث : للوقوف بعرفات .
الرابع : للوقوف بالمشعر .
الخامس : للذبح والنحر (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وثانيهما : أنه لو وجب الغسل للإحرام لكان وجوبه شرطياً لا محالة ، لعدم احتمال كونه واجباً نفسياً ، كيف ولم يثبت ذلك في غسل الجنابة والحيض ونحوهما فما ظنك بغسل الإحرام ؟ وقد دلت الصحيحة على أن من اغتسل للإحرام فنام ثم أراد الإحرام لا تجب عليه إعادة غسله (1) .
وهي وإن كانت معارضة بما دل على لزوم إعادة الغسل حينئذ (2) إلاّ أن مقتضى الجمع بينهما حمل الأمر بالإعادة على الاستحباب . إذن فالصحيحة تدلنا على أن غسل الإحرام ليس بواجب نفسي ولا شرطي .
(1) وهو الزيارة لأن زيارة البيت طوافه ، وقد ورد في موثقة سماعة الأمر بغسل الزيارة حيث قال فيها : «وغسل الزيارة واجب» (3) ، وكذلك صحيحة معاوية بن عمار حيث اشتملت على الأمر بالغسل يوم تزور البيت ، وغيرها من الروايات(4) ، ومقتضى الإطلاق فيها عدم الفرق في استحباب الغسل بين كون الطواف واجباً أو مندوباً وسواء كان الطواف طواف الحج أو العمرة أو طواف النساء .
(2) لصحيحة زرارة : «إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة والجمعة وعرفة والنحر والحلق والذبح والزيارة» (5) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 12 : 331 / أبواب الإحرام ب 10 ح 3 .
(2) راجع نفس الباب المتقدم ح 1 .
(3) الوسائل 3 : 303 / أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 3 .
(4) الوسائل 3 : 303 / أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 1 وكثير من أخبار الباب .
(5) الوسائل 3 : 339 / أبواب الأغسال المسنونة ب 31 ح 1 .
ــ[59]ــ
السادس : للحلق(1) ، وعن بعضهم استحبابه لرمي الجمار أيضا .
السابع : لزيارة أحد المعصومين من قريب أو بعيد (2) .
الثامن : لرؤية أحد الأئمة (عليهم السلام) في المنام ، كما نقل عن موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه إذا أراد ذلك يغتسل ثلاث ليال ويناجيهم فيراهم في المنام .
التاسع : لصلاة الحاجة بل لطلب الحاجة مطلقا .
العاشر : لصلاة الاستخارة (3) بل للاستخارة مطلقاً ولو من غير صلاة .
الحادي عشر : لعمل الاستفتاح المعروف بعمل اُم داود .
الثاني عشر : لأخذ تربة قبر الحسين (عليه السلام) .
الثالث عشر : لإرادة السفر خصوصاً لزيارة الحسين (عليه السلام) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لما مرّ في صحيحة زرارة .
(2) استدل عليه بعضهم باطلاق الأمر بغسل الزيارة في الأخبار فانها تشمل زيارة الأئمة (عليهم السلام) أيضاً .
وفيه : أن ملاحظة الجملات المتقدمة على هذه الجملة وملاحظة الجملات المتأخرة عنها تدلنا بوضوح على أن المراد زيارة البيت وطوافه وأن الرواية بصدد بيان وظيفة الحاج فلا تشمل زيارة غير البيت الحرام من قبور الأئمة (عليهم السلام) .
(3) لموثقة سماعة : «وغسل الاستخارة مستحب» وغيرها (1) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 3 : 303 / أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 3 ، 334 / ب 21 ح 1 ، المستدرك 2 : 497 / أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ح 1 ، 2 .
ــ[60]ــ
الرابع عشر : لصلاة الاستسقاء (1) بل له مطلقا .
الخامس عشر : للتوبة من الكفر الأصلي أو الارتدادي ، بل من الفسق ، بل من الصغيرة أيضاً على وجه .
السادس عشر : للتظلّم والاشتكاء إلى الله من ظلم ظالم ، ففي الحديث عن الصادق (عليه السلام) ما مضمونه : إذا ظلمك أحد فلا تدع عليه ، فان المظلوم قد يصير ظالماً بالدعاء على من ظلمه ، لكن اغتسل وصل ركعتين تحت السماء ثم قل: «اللّهمّ إن فلان بن فلان ظلمني، وليس لي أحد أصول به عليه غيرك فاستوف لي ظلامتي الساعة الساعة بالاسم الذي إذا سألك به المضطر أجبته فكشفت ما به من ضر ومكنت له في الأرض وجعلته خليفتك على خلقك، فاسألك أن تصلِّي على محمد وآل محمد وأن تستوفي ظلامتي الساعة الساعة» فسترى ما تحب .
السابع عشر : للأمن من الخوف من ظالم فيغتسل ويصلِّي ركعتين ويحسر عن ركبتيه ويجعلهما قريباً من مصلاه ويقول مائة مرة : «يا حيّ يا قيّوم يا حيّ لا إله إلاّ أنت برحمتك أستغيث فصل على محمد وآل محمد وأغثني الساعة الساعة» ثم يقول : «أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تلطف بي وأن تغلب لي وأن تمكر لي وأن تخدع لي وأن تكفيني مؤونة فلان بن فلان بلا مؤونة» وهذا دعاء النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم اُحُد .
الثامن عشر : لدفع النازلة ، يصوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وعند الزوال من الأخير يغتسل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لموثقة سماعة(1) : «وغسل الاستسقاء واجب» .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المتقدِّمة في الصفحة السابقة .
ــ[61]ــ
التاسع عشر : للمباهلة مع من يدّعي باطلا (1) .
العشرون : لتحصيل النشاط للعبادة أو لخصوص صلاة الليل ، فعن فلاح السائل : أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يغتسل في الليالي الباردة لأجل تحصيل النشاط لصلاة الليل .
الحادي والعشرون : لصلاة الشكر .
الثاني والعشرون : لتغسيل الميِّت ولتكفينه .
الثالث والعشرون : للحجامة على ما قيل ، ولكن قيل إنه لا دليل عليه ، ولعلّه مصحف الجمعة .
الرابع والعشرون : لإرادة العود إلى الجماع ، لما نقل عن الرسالة الذهبية : أن الجماع بعد الجماع بدون الفصل بالغسل يوجب جنون الولد . لكن يحتمل أن يكون المراد غسل الجنابة ، بل هو الظاهر .
الخامس والعشرون : الغسل لكل عمل يتقرّب به إلى الله كما حكي عن ابن الجنيد ، ووجهه غير معلوم ، وإن كان الإتيان به لا بقصد الورود لا بأس به . ـــــــــــــــــــــــــ
(1) لموثقة سماعة : «وغسل المباهلة واجب»(1) وقد مر أن الظاهر إرادة الغسل لنفس المباهلة لا غسل يوم المباهلة . ــــــــــــــــ
(1) قدمنا المصدر فلاحظ .
|