سقوط الطلب لو أخبر الثقة بعدم الماء - كفاية الفحص قبل دخول الوقت 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6076


ــ[91]ــ

   [ 1059 ] مسألة 1 : إذا شهد عدلان بعدم الماء في جميع الجوانب أو بعضها سقط وجوب الطلب فيها أو فيه(1) وإن كان الأحوط عدم الاكتفاء ، وفي الاكتفاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بوجوبه بمقدار غلوة واحدة ، وأما الغلوة الثانية فالفحص فيها مشكوك في وجوبه لعدم شمول الرواية لها فلم يعلم خروجها عن مقتضى أصالة الاشتغال فهي المحكمة في الغلوة الثانية ، ومقتضاها وجوب الفحص في الثانية أيضاً .

    إذا شككنا في مقدار الغلوة

   ومن هذا يظهر حكم فرع آخر وهو ما إذا شككنا في مقدار الغلوة لأجل عدم تعارف رمي السهم في زماننا هذا ليعلم أن مقداره من الشخص المعتاد والقوس المعتاد أي شيء ، وإن قيل إنها أربعمائة ذراع بذراع اليد ، فاذا شككنا أنها أربعمائة ذراع أو ثلاثمائة ذراع مثلاً .

   فاذا قلنا بأن الأصل في المسألة هو الاستصحاب ، والرواية دالة على سقوطه في الغلوة والغلوتين ، ففي المقدار الأقل وهو ثلاثمائة ذراع نعلم بسقوط الاستصحاب فيه وفي الزائد عنه نشك في سقوطه لعدم العلم بدخوله في الغلوة فالاستصحاب فيه هو المحكم ، ومقتضاه عدم وجوب الفحص في المقدار المشكوك فيه .

   وإذا قلنا بأن الأصل في المسألة هو أصالة الاشتغال ، والرواية وردت لبيان عدم وجوب الفحص في الزائد عن الغلوة والغلوتين ينعكس الأمر ، لأن عدم وجوبه بعد أربعمائة ذراع معلوم لا ريب فيه ، ووجوبه إلى ثلاثمائة ذراع معلوم ، ولكن وجوبه منها إلى أربعمائة ذراع مشكوك فيه ، ولم يعلم خروجه من أصالة الاشتغال المقتضية لوجوب الفحص فهي المحكمة في ذلك المقدار حينئذ .

    موارد سقوط وجوب الطلب

   (1) لأن حال البينة حال العلم الوجداني بعدم الماء في جانب أو جميع الجوانب

ــ[92]ــ

بالعدل الواحد إشكال((1)) فلا يترك الاحتياط بالطلب .

   [ 1060 ] مسألة 2 : الظاهر وجوب الطلب في الأزيد من المقدارين إذا شهد عدلان بوجوده في الأزيد ، ولا يترك الاحتياط في شهادة عدل واحد به (1) .

   [ 1061 ] مسألة 3 : الظاهر كفاية الاستنابة في الطلب وعدم وجوب المباشرة(2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فكما أن الرواية لا تشمل مورد العلم بالعدم كذلك لا تشمل مورد العلم التعبدي بالعدم ، فان الاحتمال مع قيام البينة على عدم الماء موجود بالوجدان إلاّ أنه ملغى عند الشارع المقدّس ، بل الحال كذلك فيما إذا شهد به عدل واحد ، بل لا تعتبر العدالة في المخبر أيضاً ، لكفاية الوثاقة في حجية الخبر في الأحكام والموضوعات على ما أوضحناه في الاُصول من جريان السيرة العقلائية على الاعتماد والأخذ بخبر الثقة(2) .

   (1) ظهر الحال مما بيناه في المسألة السابقة حيث ذكرنا أن الاحتمال وإن كان موجوداً مع البينة إلاّ أنه ملغى بحكم الشارع لأنها فرد من العلم تعبّداً ، وقد مرّ أنه مع العلم بوجود الماء في الزائد على غلوة أو غلوتين يجب المسير إليه ، لصدق أنه واجد الماء فتشمله الآية والأخبار ، ولا تشمله الرواية المتقدمة التي موردها صورة احتمال الماء لا العلم به وجوداً أو عدماً ، ما دام لم يمنع عنه مانع من خوف أو ضرر أو حرج . وكذلك الحال في خبر العدل الواحد بل والثقة أيضاً .

    الاستنابة كافية في الطلب

   (2) الظاهر أن التكلم في ذلك ساقط من أصله ، والوجه في ذلك أن الاستنابة الواقعة مورد الكلام إنما هي الاستنابة في الواجبات النفسية والشرطية ، ومن هنا استشكلنا في كفاية الاستنابة في مثل الصلاة على الميِّت أو تغسيله وقلنا إن الأمر فيهما متوجه إلى كافة المكلفين فكفاية فعل غير المكلف البالغ يحتاج إلى دليل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لايبعد الاكتفاء بإخبار العدل الواحد بل بإخبار مطلق الثقة ، وكذا الحال في المسألة الآتية .

(2) مصباح الاُصول 2 : 196 .

ــ[93]ــ

بل لا يبعد كفاية نائب واحد عن جماعة (1) ولا يلزم كونه عادلاً بعد كونه أميناً موثقا .

   [ 1062 ] مسألة 4 : إذا احتمل وجود الماء في رحله أو في منزله أو في القافلة وجب
الفحص ((1)) حتى يتيقن العدم أو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وكذلك الحال في الواجبات الشرطية والغيرية كالوضوء ، فان المأمور بغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ورجليه إنما هو المكلف المريد للصلاة فكفايته من غيره محتاجة إلى الدليل .

   وأما الواجب الإرشادي والطريقي ـ كما في المقام ، لأن الأمر بالفحص إرشادي على تقدير أن يكون الأصل في المسألة أصالة الاشتغال وطريقي على تقدير أن يكون الأصل فيها هو الاستصحاب ـ فلا يأتي البحث عن جواز الاستنابة وعدمه ، لأن الفحص مقدّمة على كلا التقديرين لتحصيل العلم بالحال وأن المكلف مأمور بالتيمّم أو الوضوء .

   وعليه فكفاية الفحص الصادر عن الغير في حق ذلك المكلف تبتني على المسألة المتقدمة من أن خبر العدل أو الثقة حجة عند الإخبار بوجود الماء أو عدمه أو ليس بحجة ، وعلى الأوّل يكفي فحص الغير في حقه سواء استنابه أم لم يستنبه ، لحجية إخباره عن وجود الماء أو عدمه . وعلى الثاني لا يكفي فحصه عن الماء بالإضافة إلى الغير ، استنابه أم لم يستنبه ، لأنه لا حجية في قوله وإخباره فمن أين يثبت أن الماء موجود أو ليس بموجود .

   (1) قد ظهر مما بيناه آنفاً أن ترقيه (قدس سره) هذا في غير محله ، لأنه على القول بحجية إخبار الثقة والعدل الواحد فخبره عن الماء حجة على الواحد وعلى الكثيرين على حد سواء ، كان المكلف بالفحص شخصاً واحداً أو أكثر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط ، ولا يبعد عدم وجوبه فيما تيقن بعدمه سابقا .

ــ[94]ــ

يحصل اليأس منه(1) ، فكفاية المقدارين خاص بالبرية .

   [ 1063 ] مسألة 5 : إذا طلب قبل دخول وقت الصلاة ولم يجد ففي كفايته بعد دخول الوقت مع احتمال العثور عليه لو أعاده إشكال ((1)) ، فلا يترك الاحتياط بالإعادة (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) كالحاضر ، لأن النص المحدد لقدر الفحص بغلوة أو غلوتين مختص بالمسافر في البر فلا يشمله في غير البر كما تقدّم(2) .

    إذا طلب الماء قبل الوقت

   (2) بناء على وجوب الطلب فهل لا بدّ من الطلب بعد دخول الوقت بحيث لو طلبه قبل الدخول ولم يجد الماء لا يكفيه ذلك الفحص بعد دخول الوقت ، أو أنه يكفيه في الطلب الواجب ولا تجب عليه الإعادة ؟

   قد يقال بأن الواجب هو الطلب بعد دخول الوقت فلا يكفي الطلب قبله .

   واُخرى يستدل على كفايته قبل دخول الوقت بأن وجوبه توصلي فلو أتى به قبل الوقت سقط به الوجوب .

   وفي كلا الوجهين ما لا يخفى :

   أمّا أوّلهما فلأن وجوب الطلب بعد دخول الوقت لا يوجب عدم سقوطه إذا تحقق قبل الدخول ، ولا تلازم بينهما .

   وأمّا ثانيهما فلأن معنى التوصلية سقوط الواجب فيما إذا لم يؤت به بداعي القربة وأمّا أنه يسقط لو أتى به في غير وقته فهو يحتاج إلى دليل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أظهره الكفاية وعدم وجوب الإعادة .

(2) تقدّم النص في الأخبار المستدل بها على وجوب الفحص في ص 81 .

ــ[95]ــ

   وأمّا مع انتقاله عن ذلك المكان فلا إشكال في وجوبه مع الاحتمال المذكور (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فالذي ينبغي أن يقال في المقام هو أن حسنة زرارة المشتملة على الأمر بالطلب في مجموع
الوقت(1) أجنبية عن الدلالة على وجوب الطلب ، لما قدمنا (2) من عدم وجوب الطلب في مجموع الوقت قطعاً ، وأنها محمولة على إرادة الفحص في أثناء السير والسفر إلى آخر الوقت وعدم جواز البدار إلى التيمّم ، فلا يمكن الاستدلال بها على ما نحن فيه .

   وأمّا رواية السكوني فلا إشعار فيها بلزوم كون الطلب بعد الوقت فضلاً عن الدلالة عليه ، بل إنما وردت للدلالة على عدم وجوب الفحص في الزائد عن الغلوة والغلوتين(3) بناء على أن الأصل في المسألة هو الاشتغال ، أو للدلالة على عدم جريان الاستصحاب في الغلوة والغلوتين ، أي على اعتبار الفحص في جريان الاستصحاب في خصوص المقام وإن كانت الشبهة موضوعية كاعتباره في الشبهات الحكمية .

   وعلى كلا التقديرين لو فحص قبل الوقت كفى ذلك في الفحص اللاّزم ولم تجب إعادته بعد الوقت ، لعدم الدليل على لزوم كونه بعد الوقت . اللّهمّ إلاّ أن يحتمل وجوده في محل لم يفحص عنه سابقاً كما إذا احتمل جريان الماء في النهر الذي كان يابساً عند الفحص السابق . وبعبارة اُخرى : إذا تجدد احتمال وجود الماء زائداً عما كان يحتمله سابقاً وجب الفحص عنه لعدم تحققه بالإضافة إليه على كلا التقديرين في الرواية وهذا بخلاف المواضع التي فحص عنها سابقاً ولم يتجدد احتماله فيها بعد الوقت .

    إذا انتقل من مكان الفحص

   (1) ممّا تقدّم يظهر وجه ما أفاده (قدس سره) هنا ، وذلك لأنه إذا انتقل إلى مكان آخر فهو موضوع لم يفحص عن الماء فيه ، وهو غير الموضوع والمكان السابق الذي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 341 / أبواب التيمّم ب 1 ح 1 .

(2) في ص 81 .

(3) وقد تقدّم ذكرها في ص 81 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net