ــ[139]ــ
كان رفيقه عطشاناً فعلاً لا يجوز اعطاؤه ((1)) الماء النجس ليشرب مع وجود الماء الطاهر(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ولا نرى أي مانع عن الجواز ، إلاّ أن يتوهّم أن ذلك محرم لأنه إعانة على الإثم ، حيث إن شرب النجس مبغوض للشارع فصرفه الماء الطاهر في الطهور مع إعطائه الماء النجس إعانة على الإثم وهي حرام ، إلاّ أنه مورد المناقشة كبرى وصغرى .
عدم حرمة الإعانة على الإثم
أما بحسب الكبرى : فلأنه لا دليل على حرمة الإعانة على الإثم . والمستفاد من قوله تعالى : (وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ )(2) والأخبار الواردة في حرمة كون الإنسان من أعوان الظلمة (3) أمران :
أحدهما : حرمة التعاون على الإثم بأن يصدر الإثم من شخصين فصاعداً على نحو الاجتماع والشركة ، كما لو قتل اثنان أو جماعة شخصا .
وثانيهما : حرمة كون الإنسان من أعوان الظلمة بأن يسجل اسمه في ديوانهم ، وأما مثل إعطاء العصا لمن يضرب شخصاً عدواناً فهو ليس من التعاون على الإثم ، ولا أنه موجب لكونه من أعوان الظلمة بل هو إعانة على الإثم ، ولا دليل على حرمتها لأن التعاون غير الإعانة ، والكون من أعوان الظلمة غير إعانة الظالم ، والنسبة بينهما عموم من وجه كما هو ظاهر .
وأما بحسب الصغرى : فالرفيق قد يكون عالماً بنجاسة الماء وقد يكون جاهلاً بها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فيه إشكال ، وعلى فرض عدم الجواز يجب المنع ولو باشر الشرب بنفسه .
(2) المائدة 5 : 2 .
(3) الوسائل 17 : 177 / أبواب ما يكتسب به ب 42 ، 43 ، 44 .
ــ[140]ــ
كما أنه لو باشر الشرب بنفسه لا يجب منعه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلى الأوّل : إذا منع المكلف عن شرب رفيقه ماءه الطاهر ولو لمانع شرعي لوجوب الوضوء أو الغسل عليه بقي الرفيق مضطراً إلى شرب النجس وهو جائز في حقه ، لما تقدم من أنه ما من شيء حرمه الله سبحانه إلاّ وقد أحله في مورد الضرورة فلا يصدر منه إثم ليكون إعطاء الماء النجس له إعانة على الإثم .
وعلى الثاني : فالأمر أظهر ، لأنه زائداً على كونه مضطراً إلى شرب الماء النجس هو جاهل بنجاسته حسب الفرض ، وهو يصدر منه مباحاً فلا إثم ليكون الإعطاء إعانة له على الإثم ، وعليه لا موجب لحرمة الإعطاء له .
وأمّا حرمة التسبيب إلى الحرام فهي وإن كانت كذلك ـ أي أن التسبيب محرم ، لما استفدناه من الأخبار الآمرة بوجوب إعلام المشتري بالنجاسة وقلنا : كما يحرم صدور الحرام من المكلف مباشرة يحرم صدوره منه بالتسبيب ، بل قلنا : إن ذلك مستفاد من نفس النهي والمنع والتحريم عرفاً ولو مع الغض عن الروايات ـ إلاّ أنها تختص بما إذا كان الفعل الصادر بالتسبيب محرماً ، وليس الأمر في المقام كذلك ، لأن شرب الماء النجس يصدر من الرفيق مباحاً لجهله بنجاسته واضطراره إلى شربه .
إذن لا مانع من إعطاء الماء النجس للرفيق كي يشربه ولو مع وجود الماء الطاهر .
عدم وجوب المنع عن شرب الماء النجس
(1) هذا الحكم على ما سلكناه من جواز إعطاء الماء النجس للرفيق بمكان من الوضوح ، لأنه إذا جاز إعطاؤه له لكونه مباحاً له لا يجب منعه لو باشر شربه ، فان المباح لا يجب المنع عنه ، لكن يشكل ذلك على ما ذكره الماتن (قدس سره) من عدم جواز إعطائه له لحرمته ولكونه صادراً عنه على وجه غير مباح ، فانه إذا صدر عنه محرماً وجب منعه عنه لوجوب النهي عن المنكر .
والذي أظنه قوياً أن لفظة (لا) في قوله : لا يجب منعه ، زائدة وهي من اشتباه
|