العلم بضيق الوقت والشك في كفايته لتحصيل الطهارة المائية والصلاة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6924


ــ[162]ــ

والفرق بين الصورتين : أن في الاُولى يحتمل سعة الوقت وفي الثانية يعلم ضيقه فيصدق خوف الفوت فيها دون الاُولى . والحاصل أن المجوز للانتقال إلى التيمّم خوف الفوت الصادق في الصورة الثانية دون الاُولى .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   الثانية : أن يعلم بالمقدار الباقي من الوقت وأنه خمس دقائق مثلاً ويشك في وقت صلاته مع الطهارة المائية وأنه يستلزم خمس دقائق أو أكثر .

   وفي هذه الصورة بنى الماتن على عدم جريان الاستصحاب في الوقت لأنه معلوم المقدار ـ يعلم ببقاء خمس دقائق من العصر وتغيب الشمس بعدها ـ فليس هناك مورد ومجرى للاستصحاب ، وبما أنه يخاف فوت الفريضة في وقتها فيجوز له أن يتيمم ويصلِّي ، هذا .

   وتفصيل الكلام في هذه المسألة يقع في موردين :

   الأوّل : في جريان الاستصحاب في كلتا الصورتين وعدمه .

   الثاني : في حكم المسألة بلحاظ القرينة الخارجية .

   أمّا المورد الأوّل : فالصحيح أن المسألتين كلتاهما مورد للاستصحاب .

   أمّا المسألة الاُولى : أعني ما إذا شك في سعة الوقت وضيقه مع العلم بمقدار الوقت الذي يستوعبه عمله ـ أي الشك في عمود الزمان ـ فلأن المستفاد من الأدلّة الواردة في الأوقات أن اللازم أمران : أحدهما : إيجاد الصلاة ، والآخر : أن لا يكون الوقت المضروب غاية منقضياً بأن يصلِّي الظهر والوقت باق ، ولا يعتبر في الفريضة شيء آخر زائد على ذلك .

   والمكلف في مفروض المسـألة أحرز أحد الجزأين بالوجـدان لإيجاده الصلاة وأحرز الجزء الآخر بالتعبّد والاستصحاب لاقتضائه بقاء الوقت وعدم انقضائه . وبضم الوجدان إلى الأصل يثبت أنه أوجد الظهر مثلاً والوقت باق ، نظير ما إذا  كان عالماً ببقاء الوقت . وقد عرفت أنه لا يعتبر في الصلاة شيء زائد على ذلك ليتوهّم أن الاستصحاب أصل مثبت بالإضافة إليه .

ــ[163]ــ

   وأمّا المسألة الثانية : أعني ما إذا كان الزمان بحسب العمود معلوماً لا شك فيه ـ  كما لو علم أن الباقي من الوقت خمس دقائق ، إلاّ أنه لا يدري الوقت الذي يستدعيه عمله مع الطهارة المائية هل هو خمس دقائق أو أكثر  ـ فلأن الاستصحاب وإن كان لا يجري بحسب عمود الزمان لمعلوميته إلاّ أنه يجري بلحاظ الحادث الآخر وهو انقضاء الصلاة مع الطهارة المائية قبله وعدمه ، لأنه مشكوك بهذا اللحاظ ، ولا مانع من أن يكون شيء في نفسه معلوماً ومشكوكاً فيه بالإضافة إلى شيء آخر كما نبّهنا عليه في بعض تنبيهات الاستصحاب عند التعرض لمسألة ما إذا مات المورث وأسلم الوارث وشككنا في المتقدم منهما والمتأخر(1) .

   وفي المقام يشك في ذلك الزمان المعلوم مقداره هل ينقضي قبل إتمام المكلف صلاته بطهارة مائية أم لا ؟ ومقتضى الاستصحاب بقاؤه وعدم انقضائه قبل إتمام الصلاة .

   إذن من حيث جريان الاستصحاب لا فرق بين المسألتين .

   وأمّا المورد الثاني : فمقتضى صحيحة الحلبي الواردة في الأوقات ، في حديث قال : «سألته عن رجل نسي الاُولى والعصر جميعاً ثم ذكر ذلك عند غروب الشمس فقال : إن كان في وقت لا يخاف فوت إحداهما فليصل الظهر ثم يصلِّي العصر ، وإن هو خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر ولا يؤخرها فتفوته فيكون قد فاتتاه جميعاً ، ولكن يصلِّي العصر فيما قد بقي من وقتها ثم ليصل الاُولى بعد ذلك على أثرها» (2) أن خوف الفوت طريق إلى ضيق الوقت وأنه موجب لسقوط الاستصحاب ، لأنه لو لم يكن طريقاً معتبراً شرعاً ومانعاً عن جريان الاستصحاب لكان مقتضى استصحاب بقاء الوقت عند خوف الفوت وجوب البدء بصلاة الظهر قبل العصر مراعاةً للترتيب ، كما لو كان عالماً ببقاء الوقت ، فلا وجه لأمره (عليه السلام) بالابتداء بالعصر إلاّ سقوط الاستصحاب عند خوف الفوت .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 3 : 177 .

(2) الوسائل 4 : 129 / أبواب المواقيت ب 4 ح 18 .

ــ[164]ــ

   [ 1086 ] مسألة 28 : إذا لم يكن عنده الماء وضاق الوقت عن تحصيله مع قدرته عليه بحيث استلزم خروج الوقت ولو في بعض أجزاء الصلاة انتقل أيضاً إلى التيمّم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وكذلك الحال في حسنة زرارة بعلي بن إبراهيم بن هاشم(1) الواردة في طلب المسافر الماء ، عن أحدهما (عليهما السلام) قال : «إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب مادام في الوقت ، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل» (2) ، لأنه لو لم يكن خوف الفوت طريقاً إلى ضيق الوقت ومانعاً عن جريان الاستصحاب لم يكن موجب لتيمّمه ، بل وظيفته أن يتوضأ ويصلِّي .

   إذن خوف الفوت طريق شرعي إلى ضيق الوقت ومانع عن جريان الاستصحاب وهذا متحقق في كلتا المسألتين :

   أمّا الثانية فلوضوح أنه يخاف فوت الوقت إذا توضأ أو اغتسل لاحتمال أن يكون وقت عمله مع الطهارة المائية زائداً على خمس دقائق في المثال .

   وأما الاُولى فكذلك أيضاً ، لأنه بالوجدان يحتمل أن يكون الوقت خارجاً قبل إتمام صلاته لو اشتغل بالطهارة المائية ، فالخوف متحقق في كلتا المسألتين بالوجدان ، إذ لا فرق فيه بين أن يكون منشؤه الشك في سعة الزمان وضيقه وبين أن يكون هو الشك في أن عمله مع الطهارة المائية يستوعب أي مقدار من الوقت ؟ فانه على كلا التقديرين يخاف فوت الوقت على تقدير اشتغاله بالطهارة المائية ، ومعه ينتقل أمره إلى التيمّم في كلتا المسألتين . فلا فرق فيهما من حيث جريان الاستصحاب فيهما في نفسه وبين كونهما مورداً للتيمم كما عرفت .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المناسب : حسنة زرارة بإبراهيم بن هاشم .

(2) الوسائل 3 : 341 / أبواب التيمّم ب 1 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net