حكم التيمم بالطين والجص والنورة بعد الإحراق 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6518

  

ــ[201]ــ

وإن كان حجر الجص والنورة قبل الإحراق . وأمّا بعده فلا يجوز على الأقوى((1)) كما أنّ الأقوى عدم الجواز بالطين المطبوخ كالخزف والآجر وإن كان مسحوقاً مثل التراب (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومنها : موثقة ابن بكير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «قلت له : رجل أمّ قوماً وهو جنب وقد تيمّم وهم على طهور ، قال : لا بأس ، فإذا تيمّم الرجل فليكن ذلك في آخر الوقت ، فان فاته الماء فلن تفوته الأرض» (2) .

   ومنها :  موثقته الاُخرى المروية في الوسائل بعد موثقته المتقدمة (3) .

   وهي تدلّنا على أنّ المطهر عند فقدان الماء مطلق وجه الأرض لا أ نّه خصوص التراب حتّى يكون المكلّف عند عدم تمكّنه من التراب فاقد الطهورين ، ومع ذلك ينبغي مراعاة الاحتياط واختيار التراب للتيمم به .

   هذا تمام الكلام في عدم اختصاص التيمّم بالتراب وجوازه بمطلق وجه الأرض حتّى مع الاختيار .

    التسوية بين الطين المطبوخ وغيره

   (1) لا فرق في جواز التيمّم على حجر الجص والنورة والطين بين قبل الإحراق والطبخ وبعدهما ، وذلك لأ نّها من أجزاء الأرض ، وقد قدّمنا أنّ الصحيح جواز التيمّم بمطلق وجه الأرض ، ومن المعلوم أنّ الطبخ لا يخرج الشيء عن حقيقته ولا يقتضي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل على الأحوط ، ومثله التيمّم على الطين المطبوخ والعقيق ، وعليه فالأحوط الجمع بين التيمّم بالغبار والتيمّم بأحد هذه الاُمور عند عدم التمكّن من التيمّم بالتراب وغيره من المذكورات .

(2) الوسائل 3 : 384 /  أبواب التيمّم ب 22 ح 3 .

(3) الوسائل 3 : 385 /  أبواب التيمّم ب 22 ح 4 .

ــ[202]ــ

تبدله واستحالته ، وهذا كما في اللحم حيث إنّ المشوي منه ـ الكباب ـ وغيره لحم أيضاً ولا يخرج بطبخه عن كونه لحماً ، وليس هذا مثل إحراق الشجر وجعله رماداً لأ نّه حقيقة اُخرى غير حقيقة الشجرية ، هذا .

   وقد يستدل على جواز التيمّم بحجر الجص والنورة قبل الطبخ وبعده برواية السكوني المتقدمة في التعليقة السابقة (1) المصرحة بجواز التيمّم بالجص والنورة ، وقد تقدّم أنّ ظاهرها هو الجص والنورة بعد طبخهما .

   ويدفعه : أنّ الرواية ضعيفة السند من جهتين ـ وقد تقدّمتا ـ ولا يمكن الاعتماد عليها أبداً .

   ويستدل اُخرى بالاستصحاب الموضوعي بتقريب : أنّ الجص والنورة لا إشكال في كونهما من الأجزاء الأرضـية قبل إحراقهما وطبخهما ، فلو شككنا في بقائهما على الحقيقة  الأرضية  المعلومة  سابقاً وخروجهما  عن الأرضية بالإحراق فمقتضى الاستصحاب لزوم الحكم ببقائهما على أرضيتهما وعدم خروجهما عن كونهما أرضاً بالطبخ .

   ويرد عليه : أنّ الشبهة حينئذ مفهومية ، لأنّ الشك في سعة مفهوم الأرض وضيقه وليست الشبهات المفهومية مورداً للاستصحاب الموضوعي ولا الحكمي .

   أمّا الاستصحاب الموضوعي فلأن الاستصحاب متقوم باليقين السابق والشك اللاّحق ، ولا يقين ولا شك كذلك في مورد الشبهة المفهومية ، مثلاً في المقام كون الجص أو النورة غير محـترق ولا مطبوخ سابقاً معلوم لنا بالوجدان ، وصيرورتهما مطبوخين معلوم لنا بالوجدان أيضاً .

   وليس لنا شك في شيء ، إذ لم ينقلب فيهما شيء موجود معدوماً ولا انعدم عنهما شيء موجود غير الطبخ المقطوع سابقاً ولاحقاً ، ومعه لا معنى لإجراء الاستصحاب في مثلهما . وإنّما شكنا في صدق اسم الأرض عليهما وأنّ مفهومه موسع يشملهما بعد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 198 .

ــ[203]ــ

الطبخ أو مضيق لا يشملهما بعد الطبخ . وبعبارة اُخرى : الشك في المفهـوم الوضعي ولا سبيل للاستصحاب في تعينه .

   وأمّا الاستصحاب الحكمي فعدم جريانه في موارد الشبهة المفهومية لا لما قد يقال من أن جواز التيمّم بهما بعد طبخهما تكليفاً ممّا لا شبهة فيه لعدم حرمة التيمّم شرعاً بهما ، وأمّا من حيث الوضع والحكم بترتب الطّهارة على التيمّم بهما فهو وإن كان مشكوكاً فيه إلاّ أ نّه من الاستصحاب التعليقي الّذي لا نقول بجريانه ، وذلك لأن مرجعه إلى أنّ المكلّف لو كان قد تيمّم بهما قبل طبخهما لكانت الطّهارة تترتب عليه والآن كما كان ، وذلك لأن الطّهارة ليست مترتبة على الوضوء أو التيمّم وإنّما هي نفس الوضوء والغسل والتيمّم . ثمّ إنّ الطهور إنّما ترتب على ذات الأرض كما أ نّه ترتب على ذات الماء ـ على ما دلّت عليه الآية والأخبار ـ وليس هذا صفة للتيمم لأ نّه طهارة لا أ نّه طهور .

   إذن لا مانع من استصحاب بقاء الجص والنورة على صفتهما الثابتة عليهما قبل طبخهما ، لأ نّهما كانا من الأرض وطهوراً قبل طبخهما قطعاً فلو شككنا في زوال تلك الصفة عنهما بالطبخ وعدمه نستصحب بقاءهما على الطهورية .

   بل عدم جريان الاستصحاب في الشبهة المفـهومية من جهة أنّ الشك في بقاء الموضوع مانع عن جريان الاستصحاب الحكمي لا محالة ، وفي المقام المفروض أنّ الجص لا ندري هل هو أرض كي يكون طهوراً أو أ نّه خرج عن كونه أرضاً لئلاّ يكون طهوراً ، ومعه لا يبقى مجال للاستصحاب الحكمي بوجه فلا بدّ من الرجوع إلى سائر الاُصول الموجودة في المقام .

   وهل الأصل الجاري حينئذ هو البراءة أو الاشتغال ؟ يختلف هذا باختلاف المسالك .

   فإذا قلنا بأنّ الطّهارة أمر بسيط ويترتب على الغسل أو الوضوء أو التيمّم لا بدّ من التمسّك بقاعدة الاشتغال ، لأنّ الشك في محصل المأمور به البسيط .

ــ[204]ــ

   وإذا قلنا بأنّ الطّهارة هي عين الوضوء وأخويه ـ الّذي هو الصحيح ـ فالأصل الجاري هو البراءة ، لأنّ الأمر بالتيمّم بجامع الجص المطبوخ وغير المطبوخ مثلاً معلوم لا شك معه ، والشك في توجه التكليف الزائد عن الجامع وهو عدم كونه مطبوخاً وحيث إنّ الشك دائر بين الإطلاق والتقييد فيدفع احتمال التقييد بالبراءة على ما هو المقرر عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر .

   هذا كلّه فيما لو انتهت النوبة إلى الأصل العملي لأجل الشك ، لكنّا أشرنا إلى أنّ المسألة ليست مشكوكة ، لأنّ الطبخ لا يخرج الشيء عن حقيقته جزماً ، فالجص قبل الطبخ من الأرض وكذا بعد طبخه من الأرض ، وهكذا الأمر في النورة والطين المطبوخ خزفاً أو آجراً ، ودعوى القطع بذلك غير مجازَف بها قطعاً .

   ويدل على ما ذكرنا أمران :

   أحدهما :  صحيحة الحسن بن محبوب عن أبي الحسن (عليه السلام) أ نّه سأله عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ثمّ يجصص به المسجد أيسجد عليه ؟ فكتب إليه بخطه : «إنّ الماء والنار قد طهّراه» (1) .

   لأ نّها تدلّنا على أنّ الجص لايخرج عن كونه أرضاً وممّا يصح السجود عليه بطبخه وإنّما سأله عن حكمه من جهة تنجسه بالنجاسة العرضية حيث يوقد عليه بالعذرة وعـظام الموتى ، وأجابه (عليه السلام) بأ نّه قد طهّره الماء والنار وارتفعت نجاسـته العرضية .

   وبعبارة اُخرى : جهة السؤال عن جواز السجدة عليه بعد طبخه بالعذرة ونحوها ليست هي خروجه عن كونه أرضاً بالطبخ ، بل كان السائل بحسب الارتكاز عالماً بأ نّه باق على أرضيته ولم يخرج بطبخه عن كونه أرضاً إلاّ أ نّه سأله عن جواز السجدة عليه من جهة تنجسه ، وقد قرّره الإمام (عليه السلام) على هذا الارتكاز ولم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 527 /  أبواب النجاسات ب 81 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net