الخامس : الابتداء بالأعلى في المسح 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5602


ــ[286]ــ

   الخامس :  الابتداء بالأعلى ((1)) ومنه إلى الأسفل في الجبهة واليدين (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التيمّم كالوضوء إلاّ في مسح الرأس والرجلين (2) ، إلاّ أ نّها محمولة على التقية كما قدّمناه (3) .

   وورد في موثقة زرارة المروية عن السرائر عن نوادر البزنطي أ نّه مسح اليسرى على اليمنى واليمنى على اليسرى(4) ، إلاّ أ نّه خال عن الدلالة على الترتيب ، وإنّما اشتمل على أ نّه مسح كلاً من اليدين بالاُخرى . ومن الواضح أ نّه أمر تدريجي لا بدّ من أن يقدم بيان أحدهما على الآخر ، فلا يستفاد منه اعتبار الترتيب في مسح اليدين .

   وورد ذلك أيضاً في الفقه الرضوي(5) بعنوان (أروي) ، وقد سبق غير مرّة أ نّه لم يثبت كونه رواية فضلاً عن اعتبارها .

   وأمّا دعوى الإجماع على اعتبار الترتيب بينهما فهي مندفعة بأ نّه إجماع منقول لا يمكننا الاعتماد عليه ، على أن كلمات القدماء غير مشتملة على هذا الترتيب ، فقد عبر الصدوق في المقنع(6) والهداية (7) بما ورد في الروايات من أ نّه يضرب بيديه الأرض ثمّ يمسح بهما وجهه ويديه ، من دون أن يتعرّض لبيان الترتيب بين اليدين وكذلك سلار(8) ، نعم اعتبره بعضهم ، ومعه لا يمكن دعوى الإجماع في هذه المسألة .

    الخامس من الشروط

   (1) هذا هو المعروف بين الأصحاب ، وقد استدلّ عليه تارة بأنّ التيمّم بدل عن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

(2) الوسائل 3 : 362 /  أبواب التيمّم ب 12 ح 5 .

(3) في ص 271 ، 273 .

(4) الوسائل 3 : 360 / أبواب التيمم ب 11 ح 9 ، السرائر 3 : 554 .

(5) المستدرك 2 : 535 /  أبواب التيمّم ب 9 ح 1 ، فقه الرضا : 88 .

(6) المقنع : 26 .

(7) الهداية : 18 .

(8) لاحظ المراسم : 54 .

ــ[287]ــ

الوضوء ، فكما يبدأ بالوضوء من الأعلى إلى الأسفل فكذلك الحال في بدله يجب البدء من الأعلى إلى الأسفل .

   ويدفعه: عدم الدليل على أن جميع الأحكام المترتبة على المبدل لا بدّ من أن تترتب وتجري على البدل ، لأنّ المبدل شيء والبدل شيء آخر . على أ نّه لو تمّ فانّما يتم في التيمّم الّذي هو بدل عن الوضوء ولا يجري فيما هو بدل عن الغسل ، إذ لا يعتبر فيه البدء من الأعلى إلى الأسفل .

   واُخرى بالأخبار البيانية الدالّة على أ نّهم (عليهم السلام) مسحوا بأيديهم على وجوههم وأيديهم ، فان مقتضى عدم تعرّضهم لجواز النكس في المسح هو اعتبار كون المسح من الأعلى إلى الأسفل ، لأ نّه المتعارف في المسح دون النكس ، فلو جاز غيره أو وجب للزم عليهم (عليهم السلام) التنبيه والدلالة عليه ، نظير ما استدللنا به على اعتبار كون المسح بباطن الماسح على ظاهر الممسوح .

   وقد اُجيب عن ذلك بأنّ الأخبار البيانية إنّما اشتملت على حكاية فعل صدر من الإمام ، ولا دلالة له على الوجوب ، لأنّ الفعل لا بدّ أن يقع على أحد الوجهين لا  محالة ، ومن هنا لو مسح من الأعلى إلى الأسفل ثمّ بيّن أنّ ذلك غير واجب ويجوز النكس في المسح لم يكن فعله معارضاً لقوله ، ولا وجه له سوى أنّ الفعل لا يدل على الوجوب . فلا يمكننا استفادة الوجوب من مسحهم (عليهم السلام) في الأخبار البيانية بناءً على صحّة التقريب المتقدم في دلالته على الوجوب .

   وفيه : أنّ الفعل إنّما لا يدل على الوجوب فيما إذا لم يصدر في مقام البيان والجواب عن وجوبه ، كما إذا ورد أنّ الإمام تيمّم أو توضأ قائماً أو قاعداً ، فانّ ذلك لا يدل على اعتبار القيام أو القعود في شيء منهما كما اُفيد ، إذ الوضوء لا بدّ أن يقع منه إمّا قائماً وإمّا قاعداً لا محالة .

   وأمّا لو سئلوا عن كيفيّة شيء كالتيمم في المقام وأ نّهم (عليهم السلام) عملوا عملاً في الجواب عن السؤال فيدل ذلك لا محالة على اعتبار ما فعلوا في ذلك الشيء

ــ[288]ــ

المسؤول عنه ، كيف وهم في مقام البيان والجواب عن الكيفيّة المعتبرة في التيمّم .

   وأمّا ما قيل من أ نّه لو صرّح بعد المسح من الأعلى إلى الأسفل بأ نّه ليس واجباً فلا يكون تعارض بين قوله وفعله (عليه السلام) فهو من الغرابة بمكان ، وذلك لأنّ الاستفادة من الفعل إنّما هي بالدلالة ، وهي لا تكون أقوى من الصراحة ، إذ مع التصريح بخلاف الظهور لا يبقى للفعل دلالة على الوجوب ، والتصريح بيان لعدم إرادة الظاهر منه .

   وكذلك الحال في المطلق الّذي ظاهره الشمول والسريان ، فانّه لو صرّح بعدم إرادة السريان منه لم يكن بينهما مناقضة أصلاً ، لأ نّه قرينة وتصريح بعدم إرادة الظاهر منه بل وكذلك الحال فيما لو صرّح بشيء وصرّح أيضاً بما أراده منه لم يكن بينهما مناقضة إذا عدّ قرينة على المراد .

   فالصحيح في الجواب أن يقال : إن مسح الوجه واليدين يتصوّر على وجوه : فقد يمسحان من الأعلى إلى الأسفل ، واُخرى من الأسفل إلى الأعلى ، وثالثة من اليمين إلى اليسار ورابعة من اليسار إلى اليمين .

   وليس المسح من الأعلى إلى الأسفل أمراً عادياً دون غيره ليجب بيان غيره على تقدير عدم وجوب المسح من الأعلى إلى الأسفل . إذن لا دلالة للأخبار البيانية على اعتبار المسح من الأعلى إلى الأسفل .

   وقد يستدل على ذلك بما ورد في الفقه الرضوي من أ نّه يمسح من منبت الشعر إلى طرف
الأنف(1) .

   وفيه : أ نّه لم يثبت كونه رواية فضلاً عن اعتبارها ، على أ نّه إنّما يدل على اعتبار البدء من الأعلى إلى الأسفل في الوجه ، ولا تعرض له إلى اعتبار ذلك في اليدين ومعه نحتاج في تتميم ذلك إلى التمسّك بالإجماع ، وهو لو تمّ لاستدللنا به على اعتباره من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك 2 : 535 /  أبواب التيمّم ب 9 ح 1 ، فقه الرضا : 88 ، فيه «مقام الشعر» بدل «منبت الشعر» .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net