ــ[290]ــ
[ 1119 ] مسألة 1 : إذا بقي من الممسوح ما لم يمسح عليه ولو كان جزءاً يسيراً بطل (1) عمداً كان أو سهواً أو جهلاً ، لكن قد مرّ أ نّه لا يلزم المداقة والتعميق .
[ 1120 ] مسألة 2 : إذا كان في محل المسح لحم زائد يجب مسحه أيضاً (2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فاعتبار طهارة المحل في الوضوء مبتنية على أنّ المتنجس ينجس كما هو المعروف بحيث لو لم يكن المحل موجباً لنجاسة الماء لم يكن عندنا دليل على اعتبار الطّهارة في المحل .
وحيث إنّ المفروض في المقام طهارة التراب وعدم تنجسه بنجاسة الماسح أو الممسوح فلا دليل على اعتبار الطّهارة فيهما ، ثمّ بعدما تيمّم إن كان متمكّناً من تطهيرهما يطهرهما ، وإلاّ يصلِّي مع نجاستهما لعدم تمكّنه من تطهيرهما .
إذا بقي في الممسوح ما لم يمسح عليه
(1) لأ نّه مقتضى ما قدّمناه من اعتبار الاستيعاب في المسح ، ومع الاخلال به لا بدّ من الحكم ببطلانه ، نعم قد لا تعتبر المداقة العقلية في الاستيعاب ، فان ما بين الأصابع في كل من الماسح والممسوح لا يقع ماسحاً ولا ممسوحاً ، ومعه يحكم بصحّة التيمّم فانّه لا يعتبر أن يكون كل جزء من الماسح يمس كل جزء من الممسوح كما مرّ ، بل اللاّزم هو الاستيعاب العرفي على ما تقدّم بيانه(1) .
إذا كان في المحل لحم زائد
(2) لأ نّه من توابع اليد أو الوجه عرفاً ، ونظيره الإصبع الزائدة في بعض الأيدي فانّه يجب مسحها لكونها معدودة من توابع اليد .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 270 ، 276 .
ــ[291]ــ
وإذا كانت يد زائدة فالحكم فيها كما مرّ في الوضوء (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ذكر في بحث الوضوء(1) أ نّه إن كانت له يد زائدة دون المرفق وجب غسلها كاللحم الزائد ، وإن كانت فوقه فان علم زيادتها لا يجب غسلها ويكفيه غسل اليد الأصليّة وإن لم يعلم الزائدة من الأصلية وجب غسلهما .
والوجه فيما أفاده : أنّ اليد الزائدة لو كانت دون المرفق فلا بدّ من غسلها لكونها من توابع اليد ، وما دون المرفق إلى الأصابع لا بدّ من غسله في الوضوء . وإن كانت فوقه فان كانت أصلية بأن تكون كالاُخرى مورداً للاستعمال في الحوائج وجب غسلها لما دلّ على وجوب غسل اليد في الوضـوء ، وإن كانت زائدة فلا يجب لأنّ الواجب غسل اليد لا الشيء الزائد عليها ، وإذا لم يعلم الأصلية من الزائدة وجب غسلهما من باب المقدمة العلميّة .
وفي المقام إذا كانت اليد الزائدة فوق الزند فحكمها حكم الزائدة في الوضوء ، فان كانت أصليّة يجب مسحها ، لما دلّ على وجوب مسح اليد من الزند إلى أطراف الأصابع ، وإن كانت زائدة فلا يجب لعدم وجوب مسح العضو الزائد ، وعند الاشتباه يجب مسحهما من باب المقدمة العلميّة .
وإذا كانت اليد الزائدة دون الزند فيمكن التفرقة بين التيمّم والوضوء ، فانّ الوجه في وجوب غسل الزائدة عند كونها دون المرفق هو ما دلّ على وجوب غسل ما دون المرفق إلى أطراف الأصابع ، وفي بعض الأخبار أ نّه (عليه السلام) لم يدع شيئاً إلاّ وغسله(2) ومقتضاه وجوب غسل الزائدة في الوضوء لأ نّه شيء دون المرفق .
وأمّا في التيمّم فليس لنا دليل يدل على وجوب مسح ما دون الزند إلى أطراف الأصابع ، وإنّما دلّ الدليل على وجوب مسح الكف ، واليد الزائدة ليست بكف حتّى يجب مسحها وإنّما هي شيء زائد لا وجه لمسحها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في شرح العروة 5 : 90 .
(2) الوسائل 1 : 388 / أبواب الوضوء ب 15 ح 3 .
ــ[292]ــ
[ 1121 ] مسألة 3 : إذا كان على محل المسح شعر يكفي المسح عليه (1) وإن كان في الجبهة بأن يكون منبته فيها ، وأمّا إذا كان واقعاً عليها من الرأس فيجب رفعه لأ نّه من الحائل .
[ 1122 ] مسألة 4 : إذا كان على الماسح أو الممسوح جبيرة يكفي المسح بها أو عليها (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حكم الشعر على محل المسح
(1) لأ نّه من توابع الوجه واليدين ، وأ نّه مقتضى السكوت عنه في الأخبار البيانيّة حيث إنّ الغالب بل لا توجد يد أو جبهة لم ينبت عليها شعر إلاّ نادراً ، ومعه لو كان الشعر النابت عليهما مانعاً عن صحّة التيمّم لبين في الأخبار ووجب التنبيه عليه .
نعم لو كان وقع عليهما شعر آخر غير ما هو النابت عليهما كما لو وقع شعر الرأس على الجبهة لزم رفعه ليتحقق موضوع المسح ، لأ نّه حائل بين الماسح والممسوح ، وأمّا الشعر النابت على الموضعين فلا مانع من إيقاع المسح عليه كالبشرة .
حكم الجبيرة على الماسح أو الممسوح
(2) هذا هو المعروف بين الأصحاب ، بل ادعي عليه الاتفاق في كلماتهم ، إلاّ أ نّه لا يمكن الاستدلال على ذلك بالإجماع لعدم تماميته ، ولا بقاعدة الميسور لأ نّها كما مرّ مراراً ممّا لا يمكن الاعتماد عليها .
وأمّا رواية عبد الأعلى مولى آل سام قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء ؟ قال : يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزّ وجلّ، قال الله تعالى: (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج )إمسح عليه» (1) فهي غير صالحة للاستدلال بها سنداً ودلالة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 1 : 464 / أبواب الوضوء ب 39 ح 5 .
ــ[293]ــ
أمّا من حيث السند فلأن عبد الأعلى لم تثبت وثاقته .
وأمّا من حيث الدلالة فلأجل أن نفي الحرج إنّما ينفي وجوب مسح البشرة ، ولا يقتضي وجوب المسح على المرارة . ومعنى قوله (عليه السلام) : «يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله» أن نفي وجوب غسل البشرة أو مسحها أو غيرهما من الأحكام الحرجية يستفاد من كتاب الله ، لا أ نّه يثبت وجوب شيء آخر .
نعم هناك روايتان رواهما صاحب الوسائل في أحكام الجبائر من دون اختصاصهما بالغسل أو الوضوء .
إحداهما : رواية كليب الأسدي قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل إذا كان كسيراً كيف يصنع بالصلاة ؟ قال : إن كان يتخوف على نفسه فليمسح على جبائره وليصل»(1) .
ولا بأس بدلالتها على المدّعى ، لأن قوله (عليه السلام) : «إن كان يتخوف على نفسه» يعم ما إذا كان خوفه من جهة مسحه على البشرة بحيث لو مسحها ورفع جبيرته تضرر به ، وقد حكم (عليه السلام) بلزوم المسح على الجبيرة حينئذ . إلاّ أ نّها ضعيفة من حيث السند لأنّ كليباً الأسدي لم يوثق في الرّجال .
وثانيتهما : حسنة الوشاء قال : «سألت أبا الحسن ـ يعني الرضا (عليه السلام) كما صرّح به الصدوق ـ عن الدواء إذا كان على يدي الرجل أيجزئه أن يمسح على طلي الدواء ؟ فقال : نعم يجزئه أن يمسح عليه» (2) ، وهي من حيث السند حسنة بالوشاء .
إلاّ أنّ الصدوق (قدس سره) رواها بعين هذا السند عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال : «سألته عن الدواء يكون على يد الرجل أيجزئه أن يمسح في الوضوء على الدواء المطلي عليه ؟ فقال : نعم يمسح عليه ويجزئه»(3) وهي ـ كما ترى ـ مقيّدة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 1 : 465 / أبواب الوضوء ب 39 ح 8 .
(2) الوسائل 1 : 465 / أبواب الوضوء ب 39 ح 9 .
(3) الوسائل 1 : 466 / أبواب الوضوء ب 39 ح 10 ، عيون أخبار الرضا 2 : 22 / 48 .
ــ[294]ــ
بالمسح في الوضوء ولا تعم المسح في التيمّم .
ومن البعيد أن تكون هاتان روايتين رواهما كل من سعد بن عبدالله وأحمد بن محمّد بن عيسى والحسن بن علي الوشاء ، ومنه يظهر أنّ رواية الشيخ(1) سقطت منها كلمة «في الوضوء» ومعه لا يمكن الاستدلال بهما على المدّعى .
نعم لا بأس بالاستدلال على ذلك بالأخبار الواردة في الكسير المجنب أو الّذي به قرح أو جراحة وتصيبه الجنابة ، حيث دلّت على أ نّه لا يغتسل ويتيمّم . حيث إنّ الكسر والقرح غالباً يكون على الرأس والجبهة واليدين ، ولا أقل من أ نّه متعارف عادة لو لم يكن غالبياً ، وقد أمر الإمام (عليه السلام) في مثله بالتيمّم من دون أن يأمر برفع الجبائر عن الكسير ونحوه .
ثمّ لو لم تتم دلالة الأخبار على ذلك يكفينا في ذلك ما قدّمناه من أن ما دلّ على أنّ الصلاة لا تسقط بحال(2) حاكم على أدلّة الأجزاء والشرائط المعتبرة في الصلاة ومقدّماتها من الوضوء والغسل والتيمّم ، فانّه يوجب اختصاص تلك الأجزاء والشرائط بحال الاختيار ، لأ نّه دلّ على أنّ المكلّف عند عدم التمكّن من تلك الشرائط والأجزاء مأمور بالصلاة ، وحيث إنّها مشروطة بالطهور فلا بدّ أن يأتي بالطهور بالمقدار الّذي يتمكّن منه .
نعم لا حكومة له على اشتراط الطهور في الصلاة ، وليس هذا من جهة التخصيص بل لأ نّه مع فقد الطهور لا يتحقق موضوع للصلاة ، وفي المقام لمّا لم يتمكّن المكلّف من المسح في التيمّم على نفس البشرة أو لم يتمكّن من المسح بها وجب عليه أن يتيمّم بالمسح على الجبيرة أو بالمسح بالجبيرة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وهي رواية كليب المتقدمة ، والتي رواها في التهذيب 1 : 364 / 1105 .
(2) الوسائل 2 : 373 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 5 .
|