هل تجب إعادة ما صلاه بالتيمم لو زال العذر ؟ 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4669


ــ[343]ــ

   [ 1146 ] مسألة 8 : لا تجب إعادة الصلاة الّتي صلاّها بالتيمّم الصحيح بعد زوال العذر لا في الوقت ((1)) ولا في خارجه مطلقاً  (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ولا تجري في هذه المسألة المواسعة أو المضايقة ، إذ لا معنى فيها للقول بجواز الإتيان بالتيمّم في أوّل الوقت أو في آخره أو في أثنائه ، وهو ظاهر .

   ثانيتهما :  ما إذا كان المكلّف غير واجد للماء حقيقة أو لعذر ، وهذه هي مسألتنا . وقد ذكرنا أ نّه لا يسوغ له البدار والإتيان بالتيمّم في أوّل الوقت ، بل يجب عليه الصبر إلى آخر الوقت فان لم يجد الماء تيمّم وصلّى في آخره ، وهذا هو المعبر عنه بالمواسعة والمضايقة .

   وهذه المسألة مغايرة للمسألة السابقة كما ترى ، فانّ المكلّف واجد للماء هناك بخلاف مسألتنا هذه .

   فإذا قلنا فيها بالمواسعة ـ كما هو مختار المصنف (قدس سره) ـ فمعناه أنّ للمكلّف أن يأتي بالتيمّم والصلاة في أوّل الوقت كما يجوز له في آخره . فلا يفرق في صحّته بين أن يعتقد السعة أو الضيق ، فانّه نظير ما إذا أتى بصلاة الظهر معتقداً سعة الوقت أو ضيقه فانّه لا يكاد يكون فارقاً في صحّتها . إذن لا بدّ من الالتزام بصحّة التيمّم ـ على القول بالمواسعة ـ فيما إذا أتى به معتقداً ضيق الوقت فبان سعته .

   نعم بناءً على ما اخترناه من القول بالمضايقة لا بدّ من الحكم ببطلان التيمّم ، لعدم كونه مأموراً به حينئذ وإنّما اعتقد المكلّف كونه مأموراً به .

    عدم وجوب إعادة ما صلاّه بالتيمّم

   (1) ليس المدار في المسألة على الإتيان بالصلاة مع التيمّم [ الصحيح ]، بل المدار على الإتيان بالصلاة الصحيحة مع التيمّم ، وذلك لأ نّه قد يكون التيمّم صحيحاً ويحكم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر وجوب الإعادة إلاّ إذا كان عذره عدم وجدان الماء فارتفع بوجدانه فعندئذ لا تجب الإعادة .

ــ[344]ــ

ببطلان الصلاة المأتي بها بذاك التيمّم ، كما لو تيمّم قبل الوقت لغاية من غاياته أو بعد الوقت لغير الصلاة من غاياته ، فالتيمّم صحيح في الصورتين لكن لو صلّى به في أوّل الوقت حكمنا ببطلانها كما قدّمناه(1) ، لوجوب التأخير إلى آخر الوقت . إذن المدار على الإتيان بالصلاة الصحيحة مع التيمّم .

   وكان اللاّزم على المصنف أن يقول : إذا صلّى صلاة صحيحة بتيمم ، لا كما صنعه في المتن .

   وهل تجب إعادتها أو قضاؤها بعد زوال العذر أو لا تجب ؟ يقع الكلام فيه في مقامين :

   أحدهما : في وجوب قضائها إذا زال العذر خارج الوقت وعدمه .

   ثانيهما : في وجوب إعادتها إذا زال العذر في الوقت وعدمه .

    المقام الأوّل :  في وجوب القضاء

   لا يجب قضاء ما أتى به من الصلوات الصحيحة بالتيمّم إذا زال عذره بعد الوقت وذلك بالكتاب والسنّة والأصل .

   أمّا الكتاب فلقوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً )(2) لأ نّه دلّ على تقسيم المكلّفين إلى قسمين : قسم وظيفته الطّهارة المائية وقسم وظيفته التيمّم بالصعيد ، وإن كانت الوظيفتان طوليتين لا عرضيتين .

   فإذا أتى فاقد الماء بما هو وظيفته من الصلاة بالتيمّم لم يكن وجه لقضائها أبداً ، كما أنّ واجد الماء لو أتى بوظيفته من الصلاة بالطّهارة المائية لم يكن موجب لقضـائها لأ نّه أتى بواجبه . ومن هنا قلنا بعدم جواز تفويته الماء بعد الوقت وعدم جواز إبطاله طهارته بعد دخول الوقت .

   وأمّا الأخبار فلدلالتها على عدم وجوب القضاء في محل الكلام صريحاً ، وإليك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لاحظ ص 336 ، 338 .

(2) النِّساء  4 : 43 ، المائدة  5 : 6 .

ــ[345]ــ

بعضها :

   منها :  حسنة زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) قال : «إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب مادام في الوقت ، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه»(1) .

   ومنها :  صحيحة محمّد بن مسلم قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أجنب فتيمّم بالصعيد وصلّى ثمّ وجد الماء، قال: لا يعيد ، إنّ ربّ الماء ربّ الصعيد فقد فعل أحد الطهورين»(2)، وهي أصرح رواية في المقام .

   ومنها :  صحيحة يعقوب بن يقطين الآتية (3) .

   ومنها :  ما عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن أبي ذر (رضي الله عنه) : «أ نّه أتى النّبي (صلّى الله عليه وآله) فقال : يا رسول الله هلكت ، جامعت على غير ماء ، قال : فأمر النّبي (صلّى الله عليه وآله) بمحمل فاستترت به ، وبماء فاغتسلت أنا وهي ، ثمّ قال : يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين» (4) .

   وهي مروية بطريقين : في أحدهما محمّد بن سعيد بن غزوان وهو غير موثق ، وفي ثانيهما أحمد بن محمّد عن أبيه ، وهو ابن الحسن بن الوليد على الظاهر ، وليس هو العطّار ، لقوله بعد ذلك : عن محمّد بن يحيى . ولا معنى له لو كان الأوّلان هو أحمد بن محمّد بن يحيى وأباه . وأحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد لم تثبت وثاقته كابن العطّار .

   نعم في هامش الوسـائل الجديدة السند الثّاني في التهذيب والاستبصار هكذا : أحمد بن محمّد عن أبيه عن سعد . فيحتمل أن يكون أحمد هو ابن العطّار(5) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 366 /  أبواب التيمّم ب 14 ح 3 .

(2) الوسائل 3 : 370 /  أبواب التيمّم ب 14 ح 15 .

(3) في المقام الثّاني .

(4) الوسائل 3 : 369 /  أبواب التيمّم ب 14 ح 12 .

(5) وأن «عن محمّد بن يحيى» في الوسائل مصحف «محمّد بن يحيى» وعلى أي حال فالتردّد    لا يضر باعتبار السند ، لأنّ للشيخ (قدس سره) [ في الفهرست : 75 / 306 ] طريقاً معتبراً إلى جميع كتب وروايات سعد بن عبدالله . راجع المجعم 9 : 79 .

ــ[346]ــ

والمتحصل : أنّ القضاء ليس واجباً في المقام حسبما تدل عليه الأخبار .

   وأمّا الأصل فلأنا لو فرضنا أنّ الكتاب والسنّة غير موجودين لم نقل بوجوب القضاء أيضاً ، لأ نّه بأمر جديد ، وموضوعه الفوت وهو غير محرز في المقام ، ومع الشك فانّ الأصل يقتضي عدم الفوت وعدم وجوب القضاء على المكلّف .

    المقام الثّاني :  في وجوب الإعادة

   وقد تقدّم الكلام فيه(1) مفصّلاً . وقد استظهرنا من الأخبار أن من كان راجياً زوال عذره أو وجدانه الماء قبل انقضـاء الوقت وجب عليه التأخير ، ولو أتى به في أوّل الوقت ثمّ وجد الماء أو ارتفع عذره في أثنائه كشف ذلك عن عدم كونه مأموراً بالتيمّم من الابتداء ، لأنّ المدار على الفقدان بالنسبة إلى الطبيعي ، وهو بالنسبة إليه واجد للماء فلا بدّ من أن يعيد طهارته وصلاته .

   وأمّا من كان آيساً أو عالماً بعدم وجدانه الماء وعدم ارتفاع عذره فيجوز له البدار والإتيان بالتيمّم والصلاة في أوّل الوقت ، بحيث لو وجد الماء بعد ذلك أو ارتفع عذره في أثناء الوقت لم يجب عليه إعادتها حسبما دلّت عليه الأخبار المتقدمة .

   نعم هناك خبران قد يقال بدلالتهما على وجوب الإعادة في الوقت فيما إذا ارتفع عذره في الأثناء :

   أحدهما :  صحيحة يعقوب بن يقطين قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل تيمّم فصلّى فأصاب بعد صلاته ماءً أيتوضأ ويعيد صلاته أم تجوز صلاته ؟ قال : إذا وجد الماء قبل أن يمضي الوقت توضأ وأعاد ، فان مضى الوقت فلا إعادة عليه (2) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 325  فما بعد .

(2) الوسائل 3 : 368 /  أبواب التيمّم ب 14 ح 8 .

ــ[347]ــ

   إلاّ أنّ الأمر ليس كما يقال ، فان مفروض كلامنا ما إذا أتى المكلّف بصلاة صحيحة ثمّ ارتفع عذره أو وجد الماء ، وهذا إنّما يكون في موردين :

   أحدهما : ما إذا صلّى في آخر الوقت وارتفع عذره بعد الوقت ، وهذا وظيفة من احتمل الوجدان إلى آخر الوقت . ولا إشكال في عدم وجوب القضاء عليه كما مرّ .

   وثانيهما :  من أيس أو اطمأن بعدم وجدانه الماء أو ارتفاع عذره إلى آخر الوقت فأتى بالتيمّم والصلاة في أوّل الوقت ثمّ ارتفع عذره أو وجد الماء .

   والصحيحة مطلقة وليست واردة في وجوب الإعادة في خصوص الصورة الثّانية فلتحمل بمقتضى ما دلّ على عدم وجوب الإعادة عند اليأس على صورة ما إذا لم يأت بصلاة صحيحة ، كما لو كان محتملاً لوجدان الماء أو كان عالماً به ومعه أتى بالتيمّم في أوّل الوقت وصلّى . أو تحمل على الاستحباب في صورة ما إذا أتى بصلاة صحيحة ثمّ ارتفع عذره أو وجد الماء ، هذا .

   ولكن الصحيح حملها على الاستحباب وحسب ، ولا مجال لحملها على صورة الإتيان بها مع العلم بالوجدان أو رجائه ، وذلك لأن مفروض الصحيحة أنّ الرجل صلّى صلاته صحيحة، وإنّما سأل عن لزوم إعادتها وعدمه، بحيث لولا وجوب الإعادة كانت صلاته تامّة .

   وهذا بمقتضى ما دلّ على أنّ التيمّم والإتيان بالصلاة أوّل الوقت إنّما هو في صورة اليأس عن وجدان الماء إلى آخر الوقت لا بدّ أن تحمل على تلك الصورة ـ وهي ما إذا كان آيساً من الوجدان ـ وحيث قلنا في تلك الصورة بعدم وجوب الإعادة بمقتضى الأخبار المذكورة فلا مناص من حمل هذه الصحيحة على الاستحباب، ولا يمكن حملها على صورة الإتيان بالصلاة فاسدة .

   ثانيهما :  موثقة منصور بن حازم عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «في رجل تيمّم فصلّى ثمّ أصاب الماء ، فقال : أمّا أنا فكنت فاعلاً ، إنّي كنت أتوضأ واُعيد» (1) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 368 /  أبواب التيمّم ب 14 ح 10 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net