ــ[12]ــ
(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)(1) ، وقوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكّى وَذَكَر اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى)(2) المفسّرين بهما ، وسيأتي الكلام عليها في محلّها إن شاء الله تعالى .
فهذه الصلوات بين ما تقدّم وما يأتي .
ومنها : الصلوات اليومية وهي التي يقع البحث عنها في المقام ، ويدخل فيها صلاة الاحتياط فانها من توابع تلك الصلوات ، لا سيما على القول بكونها جزءاً من العمل ظرفه بعد الفراغ منه ـ لا أنها عمل مستقل يتدارك به النقص ـ فانها حينئذ عينها حقيقة .
ويدخل فيها أيضاً صلاة القضاء عن المكلف نفسه ، فانها اليومية بعينها ، غايته أنها تقع خارج الوقت ، فلا فرق إلا من حيث الأداء والقضاء .
وهي خمس فرائض : الصبح ركعتان ، والظهر والعصر كل منهما أربع ركعات ، والمغرب ثلاث ركعات ، والعشاء أربع ركعات ، وتسقط في السفر عن كل من الرباعيات ركعتان .
a ولا خلاف في وجوب هذه الفرائض ـ على النهج المذكور ـ بين أحد من المسلمين ، بل هي من ضروريات الدين التي يندرج منكرها في سلك الكافرين . وقد نطق به الكتاب العزيز بضميمة ما ورد من التفسير ، قال (عزّ من قائل) : (أَقِمِ الصَّلَوةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ . .) الآية(3) . تعرّض تعالى ـ كما ورد في تفسيرها ـ لأربع صلوات تقع ما بين الزوال ومنتصف الليل ، وهي الظهران والعشاءان ، وأشار إلى صلاة الفجر بقوله تعالى : (وقرآن الفجر)وقال (عزّ اسمه) : (وَسَبِّح بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلوعِ الشَمْسِ وَقَبْلَ غُروبِها وَمِن آناءِ الَّيْلِ فَسَبِّحْ وأطراف النهار لعلّك تَرضى)(4) . فسّر
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكوثر 108 : 2 .
(2) الأعلى 87 : 14 و15 .
(3) الإسراء 17 : 78 .
(4) طه 20 : 130 .
ــ[13]ــ
التسبيح قبل طلوع الشمس بصلاة الفجر ، وقبل الغروب بصلاة العصر ، وآناء الليل بالعشاءين ، وأطراف النهار بصلاة الظهر ، فانّ وقتها الزوال وهو طرف النهار .
وقال تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلَوةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ . . .) الآية(1) فسّر طرفا النهار بصلاة الفجر والمغرب ، وزلفاً من الليل بالعشاء الآخرة . وقيل غير ذلك بحيث يعم جميع الصلوات .
وقال عزوجل : (حَـفِظُوا عَلَى الصَّلَوَ تِ وَالصَّلَوةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَـنِتِينَ)(2) فسّرت الصلاة الوسطى بصلاة الظهر كما هو المشهور ، لأن وقتها وسط النهار ، أو لتوسّطها بين فريضتي النهار وهما العصر والغداة ، وقيل هي العصر .
وبالجملة : فالآيات الدالة على وجوب الفرائض كثيرة .
وأما الروايات فهي متواترة ، بل فوق حدّ الاستقصاء ، وقد ورد الحث البليغ والاهتمام الأكيد بشأنها ، وأنها أصل الاسلام وعمود الدين ، إذا قُبلت قُبل ما سواها ، وإن رُدّت ردّ ما سواها ، وليس ما بين المسلم وبين أن يكفر إلا أن يترك الصلاة ، وأنها لا تُترك بحال ، إلى غير ذلك مما دل على شدّة العناية بها والمحافظة عليها بألسنة مختلفة(3) .
ولا خلاف من أحد في وجوب هذه الفرائض وأعدادها ، بل عليه إجماع المسلمين كافة كما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هود 11 : 114 .
(2) البقرة 2 : 238 .
(3) تقدّم ذكر مصادرها في ص 7 .
|