ــ[81]ــ
فصل
في أوقات اليومية ونوافلها
وقت الظهرين ما بين الزوال والمغرب((1))(1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على المشهور المعروف بين الأصحاب ، ويقع الكلام تارة من حيث المبدأ واُخرى من ناحية المنتهى ، فهنا مقامان:
أما المقام الأول : فلا خلاف بين العلماء في أنّ مبدأه الزوال فلا يجوز التقديم عليه ، بل عليه إجماع المسلمين قاطبة فضلاً عن الخاصة . نعم ربما ينسب إلى بعض العامة جواز التقديم عليه قليلاً بالنسبة إلى المسافر(2) ، لكنه شاذ جداً لا يعبأ به .
وكيف كان فيدل على الحكم الكتاب والسنة .
أما الكتاب : فقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلَوةَ لِدُلوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ)(3) فان الدلوك عبارة عن الزوال ، أي ميل الشمس عن المشرق إلى المغرب ، كما فسّر بذلك في جملة من الأخبار التي منها صحيحة زرارة المتقدمة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأحوط إن لم يكن أقوى عدم جواز تأخير الظهرين عن سقوط القُرص .
(2) المغني 1 : 441 .
(3) الاسراء 17 : 78 .
ــ[82]ــ
آنفاً في الصلاة الوسطى ، قال : «سألت أباجعفر (عليه السلام) عمّا فرض الله عزوجل من الصلاة ؟ فقال : خمس صلوات في الليل والنهار ، فقلت : هل سمّـاهن الله وبيّنهنّ في كتابه ؟ قال : نعم ، قال الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله) : (أَقِمِ الصَّلَوةَ لِدُلوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ) ودلوكها زوالها . .» الخ(1) .
وعن جماعة من اللغويين التصريح بذلك(2) . نعم فسّر الدلوك في اللغة أيضاً باصفرار الشمس وميلها إلى الغروب(3) ، لكنه بهذا المعنى غير مراد من الآية قطعاً ، لعدم كونه مبدءاً لشيء من الصلوات بالضرورة ، فيتعين الأول .
وأما السنة : فالأخبار الواردة في ذلك كثيرة جداً لا يبعد بلوغها حدّ التواتر ، وجملة منها صحاح وموثقات كصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر . .» الخ(4) .
ورواية عبيد بن زرارة قال : «سألت أباعبدالله (عليه السلام) عن وقت الظهر والعصر فقال : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر جميعاً إلا أنّ هذه قبل هذه ، ثم أنت في وقت منهما جميعاً حتى تغيب الشمس»(5) .
ورواية سفيان بن السمط عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين»(6) إلى غير ذلك مما أفاد هذا المضمون بألسنة مختلفة .
وبإزاء هذه كلها روايات اُخرى قد يتراءى منها التنافي لما سبق ، بل بعضها ظاهرة في خلاف ذلك كصحيحة إسماعيل بن عبد الخالق قال : «سألت أباعبدالله (عليه السلام) عن وقت الظهر ، فقال : بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك إلا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4 : 10 / ابواب اعداد الفرائض ب 2 ح 1 .
(2) مجمل اللغة 1 : 334 ، الصحاح 4 : 1584 .
(3) لسان العرب 10 : 427 .
(4) ، (5) ، (6) الوسائل 4 : 125 / أبواب المواقيت ب 4 ح 1 ، 5 ، 9 .
ــ[83]ــ
في يوم الجمعة أو في السفر فانّ وقتها حين تزول»(1) ونحوها رواية سعيد الأعرج(2) .
وبالجملة : مقتضى عدّة من الأخبار تأخّر وقت الظهرين عن الزوال ، إما بمقدار بلوغ الفيء حدّ القدم للظهر والقدمين للعصر كهذه الصحيحة وغيرها ، أو القدمين وأربعة أقدام كصحيحة الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) أنّهما «قالا : وقت الظهر بعد الزوال قدمان ، ووقت العصر بعد ذلك قدمان»(3) ونحوها غيرها .
أو الذراع والذراعين الراجع إلى ما قبله ، فان القدم يعادل الشبر الذي هو نصف الذراع ، فالذراع يساوي القدمين ، والذراعان أربعة أقدام ، كصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «سألته عن وقت الظهر ، فقال : ذراع من زوال الشمس ، ووقت العصر ذراعان من وقت الظهر فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس . .»الخ(4) ونحوها غيرها ، وهي كثيرة كما لا يخفى .
أو القامة أو القامتين وصيرورة ظل الانسان مثله أو مثليه ، وهي أيضاً كثيرة(5) وغيرها .
فلابد أوّلاً من ملاحظة الجمع بين هذه الروايات وبين الطائفة الاُولى التي جعل المدار فيها على مجرد الزوال ، ثم ملاحظة الجمع بين هذه الروايات بعضها مع بعض ، حيث إنها في حدّ أنفسها متعارضة كما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ، (2) ، (3) الوسائل 4 : 144 / أبواب المواقيت ب 8 ح 11 ، 17 ، 1 .
(4) الوسائل 4 : 141 / أبواب المواقيت ب 8 ح 3 .
(5) الوسائل 4 : 143 / أبواب المواقيت ب 8 ح 9 ، 13 ، 29 .
|