ــ[230]ــ
[1189] مسألة 10 : يستحب الغلس بصلاة الصبح أي الاتيان بها قبل الإسفار في حال الظلمة (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التأخير عن وقت الفضيلة في جملة من الأخبار ، حتى أنّ من أجلها ذهب جمع من أصحابنا الأبرار إلى عدم الجواز إلا للمضطر كما مرّ .
على أن السيرة القطعية قائمة على عدم الانتظار ، فان المتشرعة لا يؤخرون الفريضة عن تمام وقت الفضيلة حتى لادراك الجماعة ، بل لا يزالون يقيمونها أول هذا الوقت أو أثناءه إن جماعة أو فرادى ، عملاً بالنصوص الآمرة بالتعجيل وعدم التأخير .
وعلى الجملة : فالصورتان متعاكستان في الرجحان ، فان الاهتمام البليغ الوارد في لسان الأخبار على الاتيان بالفريضة في وقتها ينافي التأخير عن وقت الفضيلة بحيث لا يقاومها الحث والترغيب إلى صلاة الجماعة في صورة المزاحمة لما ذكر ، بخلاف التأخير عن أوله إلى وسطه أو آخره كما في الصورة الاُولى حسبما عرفت .
(1) ويستدل له مضافاً إلى المطلقات المتقدمة الناطقة بأنّ أوّل الوقت أفضل وأنه تعجيل إلى الخير ، بأخبار أكثرها ضعيفة ، مثل رواية يحيى بن أكثم القاضي «أنه سأل أبا الحسن الأول عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلوات النهار وإنما يجهر في صلاة الليل ؟ فقال : لأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يغلس بها فقرّبها من الليل»(1) لجهالة طريق الصدوق إلى يحيى كنفسه .
والعمدة في المقام : موثقة اسحاق بن عمار قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر ، قال : مع طلوع الفجر ، إنّ الله تعالى يقول : (إِنَّ قُرءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) يعني صلاة الفجر تشهده
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 84 / أبواب القراءة ب 25 ح 3 .
ــ[231]ــ
ملائكة الليل وملائكة النهار ، فاذا صلى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر اُثبتت له مرتين ، تثبته ملائكة الليل وملائكة النهار»(1) .
وهي كما ترى صريحة الدلالة قوية السند ، إذ لا نقاش فيه عدا ما يتخيل من أن إسحاق بن عمار فطحي المذهب ، فبناءً على اعتبار عدالة الراوي كما يراه صاحب المدارك(2) لا يمكن التعويل عليها ، ولكن المبنى غير تام ، ويكفي في الحجية مجرد وثاقة الراوي وإن لم يكن عدلاً إمامياً كما هو موضح في محله .
وربما يقال : إن الفطحي هو إسحاق بن عمار الساباطي دون الصيرفي فانه من الثقاة الأجلاء ولم يكن فطحياً .
ولكن الصحيح أنهما شخص واحد ينسب تارة إلى بلده واُخرى إلى شغله ، كما يفصح عنه أن النجاشي(3) تعرّض للصيرفي ووثقه ولم يتعرض للساباطي على العكس من الشيخ حيث إنه تعرض في فهرسته للساباطي وقال : له أصل يعتمد عليه وكان فطحياً(4) ، ولم يتعرض للصيرفي ، وتعرض له في رجاله تارة في أصحاب الصادق مقيّداً بالصيرفي ، واُخرى في أصحاب الكاظم وأطلق ولم يقيده بشيء ، فقال : إسحاق بن عمار ثقة له كتاب(5) .
إذن فلو كانا شخصين لم يكن وجه لعدم تعرض النجاشي للساباطي مع أنه متأخر عن الشيخ في التأليف ، وهو ناظر إليه ، ولا لعدم تعرض الشيخ للصيرفي في فهرسته مع تصريحه في رجاله كما سمعت بأن له كتاباً وقد أعد فهرسته لذكر أرباب الكتب والمصنّفين ، فمن إهمال أحدهما لمن تعرّض له الآخر يستكشف طبعاً أنهما رجل واحد ينسب تارة إلى شغله فيعبّر عنه بالصيرفي ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4 : 212 / أبواب المواقيت ب 28 ح 1 .
(2) [لم نعثر عليه] .
(3) رجال النجاشي : 71 / 169 .
(4) الفهرست : 15 / 52 .
(5) رجال الطوسي : 162 / 1831 ، 331 / 4924 .
|