ــ[316]ــ
[1205] مسألة 15 : يجب تأخير الصلاة((1)) عن أوّل وقتها لذوي الأعذار مع رجاء زوالها أو احتماله في آخر الوقت ما عدا التيمم كما مرّ هنا وفي بابه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) قال : قضاء صلاة الليل بالنهار وصلاة النهار بالليل»(2) ونحوها مرسلة الصدوق(3) وغيرها . إلا أنها بأجمعها ضعاف السند .
على أنها معارضة بجملة اُخرى تضمنت قضاء ما فات من الليل في الليل ، وما فات من النهار في النهار كصحيحة معاوية بن عمار قال : «قال أبوعبدالله (عليه السلام) : اقض ما فاتك من صلاة النهار بالنهار وما فاتك من صلاة الليل بالليل ، قلت : أقضي وترين في ليلة ، قال : نعم اقض وتراً أبداً»(4) .
وموثقة إسماعيل الجعفي قال : «قال أبو جعفر (عليه السلام) أفضل قضاء النوافل قضاء صلاة الليل بالليل وصلاة النهار بالنهار ، قلت : ويكون وتران في ليلة ؟ قال : لا ، وقلت : ولم تأمرني أن اُوتر وترين في ليلة ؟ فقال : أحدهما قضاء»(5) وهي المستند للأفضلية المشار إليها في ذيل عبارة الماتن .
وإن أراد به استحباب البدار بالاتيان بما فات من نوافل النهار في النهار الذي بعده ، وكذا فوائت الليل وعدم التأخير والتهاون في ذلك ، فلم يرد فيه أيّ دليل بالخصوص حتى رواية ضعيفة .
نعم ، لا شبهة في رجحانه من باب استحباب المسارعة والاستباق إلى مطلق الخير بنطاق عام ، فان الصلاة من أبرز أفراده ومصاديقه .
(1) بعد الفراغ عن ذكر الموارد التي تستثنى عن أفضلية الصلاة في أول وقتها والمحكومة بالتأخير استحباباً أو جوازاً حسبما تقدم ، تعرض (قدس سره) للموارد المستثناة على سبيل الوجوب ، وذكر أنّ من جملتها أرباب الأعذار مع
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مرّ الكلام فيه [في المسألة 1203] .
(2) ، (3) الوسائل 4 : 275 / أبواب المواقيت ب 57 ح 2، 4 ، الفقيه 1 : 315 / 1428.
(4) ، (5) الوسائل 4 : 276 / أبواب المواقيت ب 57 ح 6 ، 7 .
ــ[317]ــ
وكذا يجب (1) التأخير لتحصيل المقدّمات غير الحاصلة كالطهارة والستر وغيرهما ، وكذا لتعلم أجزاء الصلاة وشرائطها (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رجاء الزوال فانه يجب عليهم التأخير ما عدا التيمم .
ولكنا أسلفناك فيما مضى هنا إجمالاً(1) وفي باب التيمم(2) تفصيلاً أن الأمر بالعكس ، وأنه يجوز البدار لذوي الأعذار على الاطلاق ما عدا المأمور بالتيمم فانه يجب عليه التأخير ، استناداً إلى الاستصحاب في الأول ، بناءً على ما هو الصواب من جريانه في الاُمور الاستقبالية كالحالية ، وإن وجبت عليه الاعادة لدى انكشاف الخلاف شأن كل حكم ظاهري استبان خلافه ، وإلى الأخبار في الثاني حيث دلت على لزوم تأخير التيمم لدى احتمال زوال العذر السليمة عن المعارضة بما دل على جواز التقديم ، لكون تلك الأخبار ناظرة إلى صورة العلم باستمرار العذر واليأس عن زواله كما تقدم في محله فلاحظ ولا نعيد .
(1) هذا الوجوب عقلي بمناط امتناع تحصيل المشروط بدون شرطه ، وليس حكماً شرعياً مولوياً تستوجب مخالفته العقاب ، ضرورة أنّ توجه مثل هذا التكليف مشروط بالقدرة ، وحيث لا قدرة على التقديم لفرض فقدان الشرط فلا قدرة على التأخير أيضاً ، لأن نسبتها إلى الفعل والترك على حد سواء ، ومعه يمتنع تعلق التكليف الشرعي به .
وبعبارة اُخرى : يستقل العقل بلزوم تحصيل المقدمات التي يتوقف الواجب عليها ، وبما أنّ تحصيلها لمن يتصدى للامتثال يحتاج إلى مضي زمان بطبيعة الحال ، فلا جرم يكون التأخير أمراً ضرورياً لا محيص عنه ، فالوجوب عقلي بَحت كما عرفت .
(2) قد يكون التعلم دخيلاً في القدرة على الواجب وتحقق الامتثال كتعلم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 300 .
(2) شرح العروة 10 : 324 ، 6 : 206 .
ــ[318]ــ
بل وكذا لتعلّم أحكام الطوارئ من الشك والسهو ونحوهما مع غلبة الاتفاق ، بل قد يقال مطلقاً لكن لا وجه له (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذات القراءة والتشهد وغيرهما من الأذكار ، وقد يكون دخيلاً في إحراز الامتثال كما إذا كان جاهلاً باعتبار القراءة في الصلاة مع علمه بذاتها ، أو كان جاهلاً بوجوب القصر أو التمام ونحو ذلك مما يعتبر فيها .
أما الصورة الاُولى : فهي من مصاديق الفرع السابق ، أعني لزوم التأخير لتحصيل المقدمات الوجودية ، وقد عرفت أن الوجوب حينئذ عقلي لا شرعي .
وأما في الصورة الثانية : فان بنينا على اعتبار الجزم بالنية في تحقق العبادة لزم التأخير أيضاً ، ليتعلم الصلاة حتى يتمكن من الاتيان بها عن نية جزمية .
وإن أنكرنا ذلك وبنينا ـ كما هو الصحيح ـ على كفاية الاتيان بالواجب عن نية قربية وإن لم تكن جزمية ، وتحقق العبادة بمجرد ذلك ، لم يكن أيّ ملزم حينئذ للتأخير ، بل له البدار مع الاحتياط وإن استلزم التكرار أو أن يأخذ بأحد الطرفين المحتملين رجاءً ثم يسأل فان أصاب وإلا أتى بالطرف الآخر . فما في المتن لا يستقيم إطلاقه .
(1) غير خفي أن مبنى هذه المسألة أعني لزوم تعلم مسائل الشك والسهو ـ حسبما أشرنا إليه في مباحث الاجتهاد والتقليد(1) ـ هو حرمة قطع الفريضة وعدم جواز رفع اليد عنها بعد الشروع فيها ، فانه عليه يجب التأخير في المقام لتعلّم تلك الأحكام ، إذ لو بادر قبل التعلّم وهو في معرض الابتلاء بها فضلاً عن العلم به فعرضه الشك في الأثناء ، فان قطع الصلاة ارتكب المحرم ، وإن استرسل بالبناء على أحد طرفي الشك فمن الجائز عدم إصابة الواقع المستلزم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شرح العروة 1 : 250 .
ــ[319]ــ
لكونه مصداقاً للقطع القهري وإن لم يعلم به ، وحيث إن القطع في هذا التقدير يكون مستنداً إلى عدم التعلم فهو غير معذور فيه ومعاقب عليه بمقتضى قوله (عليه السلام) في الصحيح : « . . . أفلا تعلّمت حتى تعمل»(1) .
وبالجملة فهذا الاحتمال متنجّز عليه بعد الاستناد المزبور من غير دافع فيجب عليه عقلاً التأخير والتعلم دفعاً للضرر المحتمل إلا إذا كان مطمئناً بعدمه ، حيث إنّ الاطمئنان حجة عقلائية ولا يعتنى باحتمال خلافه .
ومنه تعرف أنه لا وجه لما صنعه في المتن من التقييد بغلبة الاتفاق ، بل يكفي مجرد احتمال الابتلاء وإن كان فاقداً للمعرضية ولم يكن مورداً للغلبة كالشك بين الثنتين والست ، لوحدة المناط وهو ما عرفته من الاستناد ـ على تقدير التحقق ـ إلى ترك التعلم وعدم كونه معذوراً فيه .
والتصدي لتوجيه ما في المتن بالتمسك باستصحاب عدم الابتلاء ، مدفوع بأن هذا الاستصحاب محكوم بأدلة وجوب التعلم التي لا قصور في شمول إطلاقها للفرض ، وإلا لجرى الاستصحاب حتى مع غلبة الاتفاق أيضاً وهو كما ترى .
وبالجملة : أدلة التعلم حاكمة على الاستصحاب المزبور مطلقاً ، ولا مجال معها للرجوع إليه كما لا يخفى ، هذا .
ولكنا ذكرنا في محله(2) أنّ حرمة قطع الفريضة لا دليل عليها ما عدا الاجماع المدعى في كلمات غير واحد من الأعلام ، وحيث إنّ المحصّل منه غير حاصل ومنقوله غير مقبول ، إذن فمقتضى الصناعة جواز القطع والاستئناف ، ومعه لا يجب التأخير في المقام لتعلم الأحكام فلاحظ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار 2 : 29 ، 180 .
(2) العروة الوثقى 1 : 540 / فصل في حكم قطع الصلاة قبل المسألة [1748] .
|