ــ[378]ــ
وأما كفاية شهادة العدل الواحد فمحل إشكال((1)) (1) ، وإذا صلى مع عدم اليقين بدخوله ولا شهادة العدلين أو أذان العدل بطلت (2) إلا إذا تبين بعد ذلك كونها بتمامها في الوقت مع فرض حصول قصد القربة منه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقول : لا شبهة أن الكتاب من الاُصول المعتمدة وأن مؤلفه جليل القدر ، لكن المستنسخ ـ سامحه الله ـ أسقط الاسناد ما عدا الراوي الأخير روماً للاختصار ، زعماً منه أنه خدمة في هذا المضمار ، وبذلك ألحقها بالمراسيل وأسقطها عن درجة الاعتبار من حيث لا يشعر ، إذن فالسند ضعيف ولا يمكن التعويل عليه ، فالعمدة من الأخبار ما عرفت ، وفيها غنى وكفاية ، وما عداها مما ذكر ولم يذكر روايات ضعيفة لا تصلح إلا للتأييد .
(1) أظهره الكفاية ، بل كفاية إخبار مطلق الثقة في الموضوعات وإن لم يكن عدلاً ، لقيام السيرة العقلائية على ذلك حسبما باحثنا حوله في محله مستوفى(2) ، بل يمكن استفادته من نصوص المقام أيضاً ، فان الأذان إخبار عن دخول الوقت بالدلالة الالتزامية ، فاذا كان حجة كان الإخبار عنه بالدلالة المطابقية أولى وأحرى كما لا يخفى فليتأمل .
(2) الداخل في الصلاة شاكاً في حصول الوقت من غير استناد إلى حجة معتبرة يتصور على وجوه أربعة : فتارة يستبين له وقوعها بتمامها قبل الوقت ، واُخرى بتمامها بعده ، وثالثة : بعضها فيه دون بعض ، ورابعة : لا يستبين الحال ، بل لا يزال باقياً على شكه حتى ما بعد الفراغ من الصلاة .
أما في الصورة الاُولى : فلا إشكال في فساد الصلاة ، لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه ، ولا سيما الوقت الذي هو من الأركان . وإجزاء الفاقد عن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يبعد القول بكفايتها ، بل بشهادة مطلق الثقة .
(2) أشار إلى ذلك في مصباح الاُصول 2 : 172 .
ــ[379]ــ
الواجد يحتاج إلى الدليل ولا دليل ، بل الدليل قائم على العدم ، وهو اندراجه في عقد الاستثناء من حديث لا تعاد .
وأما في الصورة الثانية : فلا ينبغي الشك في الصحة بعد افتراض حصول قصد القربة إما للإتيان برجاء المطلوبية ـ بناء على كفايته حتى مع التمكن من الامتثال الجزمي كما هو الصحيح ـ أو لاعتقاده الصحة مع الشك في دخول الوقت بحيث تمشّى منه القصد المزبور ، فانه لا خلل في العبادة في هذه الصورة بوجه .
وأما في الصورة الثالثة : فمقتضى القاعدة بطلان العبادة ، نظراً إلى أن الوقت شرط في تمام الأجزاء بالأسر ، ففساد البعض من أجل فقد الشرط يسري ـ طبعاً ـ إلى الجميع بمقتضى افتراض الارتباطية الملحوظة بينها ، وليس في البين ما يستوجب الخروج عنها بعد وضوح قصور خبر إسماعيل بن رياح المتقدم(1) ـ لو صح سنده ـ عن الشمول للمقام ، لاختصاص موردها بمن يرى دخول الوقت ، فلا ينطبق على الشاك الذي هو محل الكلام .
وأما الصورة الرابعة : فهي على نحوين : إذ تارة يستمر في شكه حتى في هذه الحالة ، واُخرى يزول الشك فيعلم حينئذ بدخول الوقت ولكنه لا يدري أنه هل كان داخلاً منذ شروعه في الصلاة أيضاً أو لا .
أما في الأول : فلا ينبغي الشك في الفساد ، ولا سبيل للتصحيح بقاعدة الفراغ ، لما سيأتي من أنها لا تجري في من صلى مع اعتقاد الدخول ثم عرضه الشك بعد الفراغ بنحو الشك الساري ، فانها إذا لم تجر مع الاعتقاد فمع الشك بطريق أولى .
وأما في الثاني : فكذلك ، لاختصاص مورد القاعدة بالشك الحادث بعد الفراغ ، والمفروض في المقام عروضه قبل الدخول في الصلاة ، فكانت هي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 370 .
|