[1233] مسألة 5 : إذا كان اجتهاده مخالفاً لقبلة بلد المسلمين في محاريبهم ومذابحهم وقبورهم فالأحوط تكرار الصلاة((1)) (2) إلا إذا علم بكونها مبنية على الغلط .
[1234] مسألة 6 : إذا حصر القبلة في جهتين بأن علم أنها لا تخرج عن إحداهما وجب عليه تكرار الصلاة (3) إلا إذا كانت إحداهما مظنونة والاُخرى موهومة فكيتفى بالأولى (4) ، وإذا حصر فيهما ظناً فكذلك يكرر فيهما (5) لكن الأحوط إجراء حكم المتحير فيه بتكرارها إلى أربع جهات .
ــــــــــــــــــــــ (2) لا حاجة إليه ، لما أسلفناك من أن هذه الاُمور لم تكن من العلامات القطعية ولا الأمارات الشرعية ، إذ لم ينهض عليها دليل ما عدا السيرة ، والمتيقن منها ما إذا لم يكن ظن على خلافها ، أما مع وجوده وكونه أقوى من الظن الحاصل منها ـ كما هو المفروض ـ فهو المتبع ، عملاً باطلاق دليل التحري . إذن فالأقوى جواز الاكتفاء بظنه الاجتهادي ولا حاجة إلى التكرار .
(3) رعاية لتنجيز العلم الإجمالي الموجب لتحصيل الفراغ اليقيني .
(4) لكونها حينئذ مصداقاً للتحري المأمور به .
(5) لحصول التحري بذلك . وقد يقال بتوقفه على حجية الظن في هذا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جواز الاكتفاء بظنّه الاجتهادي لا يخلو من قوّة .
(2) شرح العروة 2 : 266 .
ــ[454]ــ
[1235] مسألة 7 : إذا اجتهد لصلاة وحصل له الظن لا يجب تجديد الاجتهاد لصلاة اُخرى ما دام الظن باقياً (1) .
[1236] مسألة 8 : إذا ظن بعد الاجتهاد أنها في جهة فصلى الظهر ـ مثلاً ـ إليها ثم تبدل ظنه إلى جهة اُخرى ، وجب عليه إتيان العصر الى الجهة الثانية (2) . وهل يجب اعادة الظهر أو لا (3) ؟ الاقوى وجوبها إذا كان مقتضى ظنه الثاني وقوع الاولى مستدبراً أو إلى اليمين أو اليسار ، وإذا كان مقتضاه وقوعها ما بين اليمين واليسار لا تجب الاعادة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباب مطلقاً ولا دليل عليه ، وإنما الثابت حجية الظن التفصيلي الذي به يحصل التحري ـ دون الإجمالي ـ فبدونه يرجع إلى وظيفة المتحير من الصلاة إلى أربع جهات ، ولأجله احتاط الماتن في ذلك .
ويندفع بعدم الفرق بين الظن الإجمالي والتفصيلي في كون كل منهما مصداقاً للتحري ، أي الأخذ بالاحتمال الأحرى وهو الأرجح ، غاية الأمر أنه يتحقق تارة بعمل واحد ، واُخرى بعملين ، ولا يستوجب ذلك فرقاً في البين ، إذ لا شبهة أن احتمال القبلة في ذينك الطرفين المظنونين إجمالاً أرجح من سائر الأطراف فيكونان طبعاً مصداقاً للأحرى . إذن فلا ينبغي الشك في شمول دليل التحري لهما معاً بمناط واحد .
(1) الظاهر أن مراده من العبارة ما إذا لم يتبدل نظره في مقدمات الاجتهاد الأول فلم يحتمل تجدد الاجتهاد المخالف ، فانه لا موقع حينئذ للتجديد ، إذ المقصود من الاجتهاد تحصيل الظن وقد حصل ، وأما إذا تبدل واحتمل التجدد فلا ينبغي التأمل في لزوم الاجتهاد ثانياً ، لعدم صدق التحري حينئذ على الاجتهاد الأول بقاء كما لا يخفى .
(2) لأنه مقتضى التحري الفعلي بعد زوال ما تحراه سابقاً فلا بد من العمل على طبقه ، وهذا ظاهر .
(3) يبتني ذلك على كيفية استفادة الحكم واستظهاره من دليل التحري ،
ــ[455]ــ
أعني صحيح زرارة وموثق سماعة المتقدمين(1) ، فان المحتمل فيه وجوه ثلاثة :
أحدها : استفادة الموضوعية للتحري ، بأن تكون قبلة المتحير حتى في صقع الواقع هو ما تحراه وتعلق به ظنه سواء أصاب أم أخطأ . وعلى هذا الاحتمال لم يكن أي موجب للإعادة ، لأنه قد أتى بما هي وظيفته الواقعية آنذاك من غير أي خلل فيها .
ولكنه كما ترى خلاف الظاهر جداً ، بل بمكان من السقوط ، لعدم احتمال تعدد القبلة باختلاف حالات المكلفين ، بل القبلة الواقعية يشترك فيها الكل من غير تغيير ولا تبديل .
ثانيها : استفادة الطريقية المحضة ، فالعبرة بنفس القبلة لا بمظنونها ، وإنما الظن طريق إليها يترتب عليه جميع آثار الواقع ما دام باقياً من جواز الصلاة ودفن الموتى وتذكية الذبائح وما شاكلها مما يعتبر فيه الاستقبال ، كما هو الحال في سائر الطرق والأمارات كالبينة ونحوها .
ومن جملة تلك الآثار إعادة ما صلاه بمقتضى الاجتهاد الأوّل ، لانكشاف خطئه بمقتضى الاجتهاد الثاني . وقد استظهر الماتن هذا الاحتمال ، ومن ثم حكم بوجوب الإعادة .
ثالثها : لا هذا ولا ذاك ، وإنما هو من باب الاكتفاء بالامتثال الظني من غير نظر إلى اللوازم الاُخر ليقتضي فساد ما صدر بموجب الاجتهاد الأول ، فهو طريق في مقام الامتثال وتطبيق العمل عليه فحسب .
وقد يقال بفساده ولزوم إعادة الاُولى على هذ المبنى أيضاً ، نظراً إلى العلم الإجمالي ببطلان إحدى الصلاتين ، بل التفصيلي ببطلان
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقدمت صحيحة زرارة في ص 434 . وأما موثقة سماعة فمروية في الوسائل 4 : 308 / أبواب القبلة ب 6 ح 2 .
ــ[456]ــ
واذا كان مقتضاه وقوعها بين اليمين واليسار لا تجب الاعادة (1) .
[1237] مسألة 9 : إذا انقلب ظنه في أثنا الصلاة إلى جهة اُخرى انقلب إلى ما ظنه إلا إذا كان الأول إلى الاستدبار أو اليمين واليسار بمقتضى ظنه الثاني فيعيد (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثانية في المترتبتين ، إما لفقد الاستقبال أو لعدم رعاية الترتيب ، فلا مناص من إعادة الاُولى فراراً عن مخالفة العلم المذكور ، فانها مدلول التزامي لما دل على وجوب الاجتهاد وإن لم يكن من لوازم نفس الاجتهاد .
وفيه : أنه لو صح ذلك كان مقتضاه إعادة الثانية أيضاً إلى الجهة التي اجتهد فيها أوّلاً ، لعين المناط الذي من أجله أعاد الاُولى ، أعني العلم الإجمالي المزبور الذي مرجعه لدى التحليل إلى العلم إجمالاً ببطلان أحد الاجتهادين ، فلابد من إيقاع كل من الصلاتين بكل من الطرفين تحصيلا للفراغ اليقيني ، ولا تكفي إعادة الاُولى بمجردها كما لا يخفى .
لكن الذي يهوّن الخطب أن الاحتمال الأخير بعيد عن ظاهر الدليل بحسب المتفاهم العرفي جداً ، بل المنسبق منه إنما هو الاحتمال الثاني ، أعني الطريقية المحضة كسائر الطرق المعتبرة المستلزمة لترتيب جميع الآثار التي منها إعادة الاُولى حسبما عرفت .
(1) لصحتها حينئذ حتى واقعاً ، والاجتزاء بها بمقتضى ما دل على أن ما بين المشرق والمغرب قبلة كما ستعرف .
(2) لما عرفت في المسألة المتقدمة من بطلان الأجزاء السابقة بمقتضى الاجتهاد الثاني ، فلا مناص من رفع اليد واستئناف الصلاة إلى الجهة التي انقلب ظنه إليها ما لم يكن الانحراف دون اليمين واليسار ، لثبوت الاغتفار وقتئذ كما سبق .
|