ــ[40]ــ
للاستدلال ، فلا بدّ في إثبات الحكم في كلّ مورد من التماس الدليل بالخصوص فنقول :
أما في فرض الجهل بالحكم فلا دليل على الصحة وإن كان الانحراف إلى ما بين اليمين واليسار ، بل مقتضى صحيحة زرارة الموافقة للكتاب هو البطلان عند عدم استقبال المسجد الحرام ، وقد عرفت أنّ صحيحته الاُولى قد سقطت بالمعارضة ، بل الكتاب أيضاً بنفسه يقتضي البطلان كما لا يخفى . وحديث لا تعاد(1) وإن كان شاملاً للجهل لكن القبلة مما استثني فيه .
وأما صحيحة معاوية بن عمار : «أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعدما فرغ فيرى أنّه قد انحرف عن القبلة يميناً أو شمالاً ، فقال له : قد مضت صلاته ، وما بين المشرق والمغرب قبلة»(2) وموثقة الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي (عليه السلام) : «أنّه كان يقول : من صلّى على غير القبلة وهو يرى أنّه على القبلة ثم عرف بعد ذلك فلا إعادة عليه إذا كان ما بين المشرق والمغرب»(3) فلا يصح التمسك بهما في المقام ـ أعني صورة الجهل بالحكم ـ لظهورهما ولا سيما الموثقة في أنّ المصلّي كان عالماً بأصل اعتبار الاستقبال في الصلاة ، غايته أنّه أخطأ فتخيل أنّها في جهة خاصة ثم تبيّن الانحراف عنها بعد الصلاة ، فلا تشملان صورة الجهل بالحكم كما لعله ظاهر .
وعليه فالأقوى هوالبطلان ووجوب الإعادة ، عملاً باطلاقات أدلّة الاستقبال السليمة عن المقيد ، من غير فرق بين الجاهل القاصر والمقصر ، نعم هو معذور مع القصور ، لكن المعذورية لا تنافي الفساد كما هو واضح .
ويلحق به ناسي الحكم ، فانّه هو الجاهل بعينه ، ولا فرق بينهما إلا من حيث
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4 : 312 / أبواب القبلة ب 9 ح 1 .
(2) الوسائل 4 : 314 / أبواب القبلة ب 10 ح 1 .
(3) الوسائل 4 : 315 / أبواب القبلة ب 10 ح 5 .
ــ[41]ــ
سبق العلم فيه دون الجاهل ، وهو غير فارق في المقام .
|